06 أكتوبر, 2017

الإمام الأكبر: الأزهر فيما يُبَلِّغه من شريعة الاسلام لا يخضع لأي مؤسسة

قال فضيلة الإمام الأكبر: من المعلوم ومن المتحقق في الواقع أن الدستور أسند إلى الأزهر مهمة القول الفصل في كل ما يتعلق بالإسلام وشريعة الإسلام، وأن الزواج وما يتعلق به من مسائلَ، مثل: الخطبة أو العقد أو الدخول أو الطلاق وما يترتب عليها، للشرع فيها تحديداتٌ واضحة جدًّا، والتدخُّل فيها ليس لتقييد الحريات كما يُظن، وإنما لحماية الأسرة ورعايتها؛ لأن قيمة المجتمع تنبني على قيمة الأسرة والعكس صحيح، إذ لا يخرج تشريعٌ واحد فيما يتعلق بالأحوال الشخصية إلا بعد أخْذِ رأي الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية، وإن اقتضى الأمر رأي هيئة كبار العلماء.

وأكد فضيلته في حديثه الأسبوعي الذي يذاع على الفضائية المصرية؛ أن القول بأن  الأزهر يترك للمجلس القومي للمرأة سَنّ القوانين، خاصّةً قانونَ المطلقة الحاضنة، كلامٌ مرسل وعارٍ عن الصحة تمامًا، مشيرًا إلى أنه في عامي 2011 و2012  حدثت  مظاهرات عند أبواب مشيخة الأزهر كانت تهتف بوجوب إعادة النظر في مسألة الحضانة، وكثير من الآباء كانوا يعترضون علي سِنّ الحضانة وقانون الرؤية، ظنًّا منهم أن الوقت مناسب آنذاك لتغيير الأحكام الشرعية، وهذا لم يحدث ولا يمكن أن يحدث ولن يحدث بإذن الله؛ لأن الأزهر الشريف فيما يُبَلِّغه من شريعة الإسلام لا يخضع لأيِّ مؤسسةٍ في مصرَ أو في العالم، أما أن تخرج بعض البلاد علي هذا الحكم أو ذاك من الأحكام الشرعية فمن واجب الأزهر إبداء حكم الشرع في مثل هذه القضايا؛ ولسنا جهةَ إلزامٍ، وليس في أيدينا إلا أمانة التبليغ فقط.

وأوضح فضيلة الإمام الأكبر؛ أن ما قيل مؤخرًا من أن المرأة يجب أن تأخذ مثل الرجل في الميراث، تصدى له الأزهر ولكل الآراء المنفلتة، وبيَّن أن هذا تخريب وهدم للدين،  ومن أسف كانت هناك أصوات لبعض المثقفين والمثقفات تقول: إن هذا شأنٌ داخليٌّ لكلِّ بلدٍ تسنّ فيه مثل تلك القوانين، وليس للأزهر دخلٌ في مثل هذه الأمور،  وهنا يجب أن أؤكد أنه ليس هناك إسلامٌ لكلِّ دولةٍ على حِدَة، وإنما هناك إسلامٌ واحد ينضوي تحته جميع المسلمين، وليس من حق أيِّ أحدٍ أن يعبث بدين مليار ونصف المليار مسلم، فهو دينٌ عامٌّ للمسلمين، وواجبنا أن  نتصدى لأيِّ اعتداءٍ على هذا الدين، أيًّا كان مصدر هذا الاعتداء، لكننا لا نُلزِم أيَّ بلدٍ بما نراه، فهم أحرارٌ فيما يرتضوه من قرارات. لكن ليسوا أحرارًا أن يعبثوا بكلمةٍ أو حرف من كتاب الله أو سُنّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهذه هي مهمتنا في المَقام الأول.

وتابَع فضيلته: المجلس القومي للمرأة دائمًا ما يقول لنا: أعطونا حقوقَنا التي أعطتها الشريعة الإسلامية لنا، ولا نحتاج أكثرَ من ذلك، ومعهم حقٌّ؛ لأن المرأة ظُلمت في أمور كثيرة باسم التطبيق الخاطئ للشريعة الإسلامية، وأكثر مجاليْنِ تتحقق فيهما هذه الفوضى: مجال الطلاق ومجال تعدُّد الزوجات، مؤكدًا أنه حين نتحدث في الشريعة لا نأخذ في اعتبارنا توجُّهاتِ المجلس القومي للمرأة أو أيِّ مجلسٍ آخَرَ، وإنما نصوص الشرع ومقاصده هي الموجِّه الأول والأخير في اجتهادنا وتجديدنا.

وبيّن فضيلة الإمام الأكبر: أن الإسلام لا يجيز زواج المسلمة من غير المسلم؛ "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ"، وأجَبْنا عن ذلك في البرلمان الألماني واقتنع الناس، لكن هناك عبثٌ مُنظَّمٌ يُستغلّ الآنَ داخل البلاد الإسلامية، ينادي بجعْل الأسرة في البلاد الإسلامية مثل الأسرة الغربية، ويعمل ليلَ نهارَ على تحقيق هذا الهدف، وكأننا حين نُطلِق العَلاقاتِ غيرَ الشرعية سنصبح في قلْب حضارة القرن الـ 21 ونكون مثل ألمانيا وفرنسا، مشيرًا إلى أن الأموال المتدفقة من أمريكا ومن الغرب على القائمين على مثل هذه الدعوات، لا تتدفق لحاجة المرضى مثلًا أو للتعليم أو للاقتصاد، وإنما لتمكين الناس من بعض الحقوق المُدّعاة التي هي في حقيقة الأمر شذوذٌ في التفكير، والصورة الأخيرة التي رأيناها ونبّهنا عليها من قبلُ وقلنا: إن القادم أسوأ؛ هي حقوق الشواذ والتي سَمَّوْها تخفيفًا لوَقْع مصطلحها: "المِثْليّة"، فمن كان يتصور بأن يكون للشواذّ احتفالٌ بهذه الصورة في قلب مصرَ بلدِ الأزهر، وهنا أُحيّي الأستاذَ مكرم محمد أحمد، الذي قال: إن هذا مرضٌ، وليس حقًّا، فهذه أمراضٌ، ومجتمعاتُنا سترفضها.

وشدّد فضيلته؛ على أن تحديد انتهاء حقّ الحضانة ببلوغ سِنّ الخامسةَ عشرةَ لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية، وقد سبق أن بحث مجمع البحوث ودار الإفتاء المصرية هذا الموضوع بحثًا علميًّا فقهيًّا مستفيضًا؛ وانتهى فيه إلى أن ظواهر الأدلة من السنة المشرفة والآثار الصحيحة تُرجِّح العمل بهذه السِّنّ لمصلحة الصغير، بعد دراسة مُستجدّات العصر وواقع الأحوال في مصرَ، على أن يُخيَّرَ الصغير بعد ذلك، وهذا دور الأزهر في هذا الموضوع منذ عام 1920م، حيث لم يكن حينئذٍ مجلسٌ قوميٌّ للمرأة حتى يقال: إن الأزهر يترك له سَنّ القوانين، خاصّةً قانونَ المطلقة الحاضنة، ويُرسَل كسؤالٍ، وكأنّ السائلَ متأكّدٌ ممّا يقول.

 ونوّه فضيلة الإمام الأكبر؛ بأن الطلاق حين يتمّ بين الطرفين: الزوج والزوجة، غالبًا ما يؤدّي إلى ضياع الأولاد، وكثيرًا ما تُعرَض علينا مِثلُ هذه المشكلات، وهنا ننتهز الفرصة وننادي السادة المسئولين بمحكمة الأحوال الشخصية بسرعة الفصل في القضايا التي تُنظر بها؛ لأن هذه المحكمةَ ما أنشئت إلا لتسريع الحكم والفصل في قضايا الأسرة، مشيرًا إلى أن الطلاقَ الأصلُ فيه الحَظْر، ولا يَحِلُّ إلا لأسبابٍ مُعَيَّنةٍ أو للضرورة؛ لأن في الطلاق إلحاقَ أذى بالأبناء والبنات والزوجة والزوج أيضًا، والشرع يقوم بحماية الطفل، ويعطيه للأم؛ لأن الشرع يَعْلَم أنها المكان الطبيعي والأرض الطيبة التي يمكن أن ينشأ فيها الطفل، دون أن تَهتزّ شخصيّتُه أو يصابَ باضطراباتٍ عصبيّةٍ أو نفسيّة.

 


كلمات دالة: حديث الإمام