08 نوفمبر, 2020

شيخ الأزهر لوزير خارجية فرنسا: حين يكون الحديث عن الإسلام ونبيه ﷺ فأنا لا أجيد التحدث بالدبلوماسية

• الإساءة للإسلام تضر بفرنسا وتبني جدارًا من الكراهية بينها وبين الشعوب العربية والإسلامية.
• أطالب فرنسا وكل الدول بعدم المغامرة بمشاعر ملايين البشر من أجل ورقة أو تصريحات مسيئة.
• الإرهاب صنيعة دولية وبندقية بالإيجار تلعب بها الدول والضحية المسلمون والعرب.

استقبل فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، اليوم الأحد بمشيخة الأزهر، السيد «جان إيف لودريان»، وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية، والوفد المرافق له.
قال فضيلة الإمام الأكبر: إن المسلمين حكامًا ومحكومين يعلنون رفضهم القاطع للإرهاب الذي يرفع راية الإسلام، فالإسلام ونبيه والمسلمون براء من الإرهاب، وقد قلت هذا الكلام في قلب أوروبا، في لندن، وباريس، وجنيف، وروما، وقلته في الأمم المتحدة وآسيا وفي كل مكان، فالإرهابيون قتلة مجرمون، ونحن غير مسؤولين عنهم، ولا نقول هذا اعتذارًا عن الإسلام؛ لأن الإسلام لم يخطئ وليس مسؤولًا عن تصرفات أحد، وأنا وهذه العمامة الأزهرية حملَنْا الورود في ساحة الباتاكلان، ورفضنا الإرهاب وأرسلنا التعازي في ضحايا الإرهاب.
وأضاف فضيلته: إنه من الضروري أن يكون المسؤولون في أوروبا قد اقتنعوا وأدركوا أن هذا الإرهاب لا يمثل الإسلام ولا المسلمين، فالمسلمون هم أول ضحايا الإرهاب، وبلادنا ضحية للإرهاب، واقتصادنا يتضرر بسبب الإرهاب، وهذا الإرهاب موجود بين أتباع كل دين ونظام، فإذا قلنا: إن المسيحية ليست مسؤولة عن أحداث نيوزيلندا فلابد أن نقر بأن الإسلام غير مسؤول عن إرهاب من يقتلون باسمه، وأنا لا أقبل أبدًا أن يُتَّهمَ الإسلام بالإرهاب، وقد تابعت تصريح وزير الخارجية الفرنسي خلال الأزمة، ونال التصريح تقديرنا وإعجابنا، فهو تعامل بشكل حكيم وعقلاني.
وأكد شيخ الأزهر أنه حين يكون الحديث عن الإسلام ونبيه ﷺ فأنا لا أجيد التحدث بالدبلوماسية، وسأكون دائمًا أول مَن يحتج ضد أية إساءة إلى ديننا ونبينا، وأنا أتعجب حينما نسمع تصريحات مسيئة مثل التي سمعناها؛ لأن هذه التصريحات تسيء إلى فرنسا وتبني جدارًا من الكراهية بينها وبين الشعوب العربية والإسلامية، وهذه التصريحات يستغلها المتطرفون في القيام بأعمال إرهابية، والمسؤولون هنا يتحملون جانبًا من المسؤولية؛ لأن واجب الحكومات أن تمنع الجرائم قبل حدوثها، فحينما تسيء صحيفة إلى نحو ملياري مسلم فهذه ليست حرية تعبير، بل هذه جريمة تجرح مشاعر المسلمين وكل المعتدلين، وتضر بمصالح فرنسا نفسها لدى الدول العربية والإسلامية.
وشدد الإمام الأكبر على أن صدره واسع للحديث في أي شيء، لكن الإساءة لنبينا محمد ﷺ مرفوضة تمامًا، وإذا كنتم تعتبرون الإساءة لنبينا حرية تعبير فنحن نرفض هذه الحرية شكلًا ومضمونًا، وسوف نتتبع الذي يسيء إلى نبينا في المحاكم الدولية حتى لو أمضينا عمرنا كله في الدفاع عن النبي ﷺ، هذا الرسول الكريم الذي جاء رحمة للعالمين، وأطالب دول الحقوق والحريات أن تتخذ خطوات حقيقة ملموسة؛ لوقف أية تصريحات تربط الإرهاب بالإسلام، وتقول: "الإسلامي" أو "الإسلاموي"، فهذه المصطلحات جميعها تجرح مشاعر المسلمين، وليس من الحكمة المغامرة بمشاعر ملايين البشر من أجل ورقة مسيئة، هذا منطق عجيب.
وأشار فضيلة الإمام الأكبر إلى أن الإرهاب صنيعة دولية، والعالم العربي هو المسرح الذي تنفذ عليه جرائم الإرهاب، وأنه شخصيًّا يتعجب من عجز هذا العالم الذي يتباهى بتقدمه وقوته - عن مطاردة هؤلاء الإرهابيين؛ فلو أن هناك رغبة جادة للقضاء على الإرهاب لقضوا عليه، وفي ظني أن الإرهاب بندقية بالإيجار تلعب بها الدول وتتناقلها، والضحية هنا المسلمون والعرب، ونقول للجميع: إننا مستعدون للتعاون من أجل القضاء على التطرف والإرهاب، ولن ندخر في سبيل ذلك جهدًا.
وأعرب شيخ الأزهر عن استعداد الأزهر للتعاون مع فرنسا وعلى نفقة الأزهر؛ لتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام، ومحاربة الفكر المتطرف والتشدد داخل فرنسا، ولا نريد مقابل ذلك أي ثناء أو شكر؛ لأننا نعمل من أجل السلام الذي هو رسالة الإسلام، وعلى استعداد لتقديم منصة خاصة للحوار ونشر للوسطية والاعتدال والتعاون باللغة الفرنسية، ونتعاون مثلما تعاونا مع الفاتيكان ومجلس الكنائس والمؤسسات الدينية الكبرى حول العالم، وقد كانت وثيقة الأخوة الإنسانية خير شاهد على هذا التعاون، والتي لو قرأها المسؤولون وأمعنوا النظر فيها لتجنب العالم مشكلاته.