17 أكتوبر, 2021

شيخ الأزهر: الاحتفال بمولد النبي محمد ليس احتفالًا بعظيم من العظماء ممن يتوقف التاريخ عند أدوارهم، بل هو احتفال بالكمال الإنساني في أرفع درجاته وأعلى منازله


الإمام الأكبر:
• بلغ نبينا من سمو الفضائل والخلق والأدب الرفيع حتى أطلق عليه «الإنسان الكامل».
• زخرت مُصنفات الأخلاق والشمائل المحمدية من أوصاف لا يمكن أن تجتمع لإنسان إلا لرسول الإنسانية.
• الاحتفال بمولد النبي هو احتفال بالتشبه بأخلاق الله تعالى قدر ما تطيقه الطبيعة البشرية.
• لم تجتمع مصنفات الأخلاق ‏لإنسان إلا لرسول الإنسانية محمد صلى الله عليه وسلم.

     قال فضيلة الإمام الأكبر إن احتفالنا بمولد خاتم الأنبياء والمرسلين ليس احتفالًا بعظيم من العظماء، ممن يتوقف التاريخ عند أدوارهم قليلًا أو كثيرًا، ثم ما يلبث أن يروح ويتركهم، بل هو احتفال من نوع آخر مختلف، إنه احتفال بالنبوة والوحي الإلهي وسفارة السماء إلى الأرض، والكمال الإنساني في أرفع درجاته وأعلى منازله، والعظمة في أرقى مظاهرها وتجلياتها، احتفال بالتشبه بأخلاق الله تعالى قدر ما تطيقه الطبيعة البشرية، وقد تمثل كل ذلك في طبائع الأنبياء والمرسلين، الذين عصمهم الله من الانحراف، وحرس سلوكهم من ضلالات النفس وغوايات الشياطين، وفطر ظاهرهم وباطنهم على الحق والخير والرحمة.
وأكد شيخ الأزهر خلال كلمته بالاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، أن رسولنا محمدًا قد بلغ في هذه المعارج المتعالية شأوًا بعيدًا، حتى أطلق عليه: «الإنسان الكامل» من فرط ما استوعبه استعداده الشريف من سمو في الفضائل، وسموق في الخلق والأدب الرفيع، ويؤكد ذلك ما زخرت به مصنفات الأخلاق والشمائل المحمدية من أوصاف لا يمكن أن تجتمع لإنسان، إلا إذا كان من هؤلاء الذين هيأهم الله لهذه الأوصاف، وأعدهم للتحلي بحلاها.
وأشار فضيلة الإمام الأكبر أن من بين هذه الأوصاف الشريفة التي يسردها عنه بعض أصحابه أنه - صلوات الله وسلامه عليه - لم يكن غليظ الطبع، ولا فاحشًا في قوله وعمله، ولا متفحشًا، ولا صخَّابًا يرفع صوته في الطرقات والأسواق، ولم يكن يجزي السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح.. ما ضرب بيده شيئًا قط، إلا أن يجاهد في سبيل الله، ولا ضرب خادمًا ولا امرأة، وما رؤي منتقمًا من مظلمة ظلمها قط، ما لم تنتهك محارم الله تعالى، فإذا انتهكت كان من أشد الناس غضبًا، وكان يبشر المظلومين الذين لا يستطيعون دفع الظلم عن أنفسهم، ويؤكد لهم: «ما ظلم عبد مظلمة صبر عليها إلا زاده الله عزًّا».
وبين شيخ الأزهر أن النبي الكريم ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما، ما لم يكن إثمًا، وإذا دخل بيته كان بشرًا من البشر، وكان يعظم النعمة وإن قلت لا يذم منها شيئًا، ويحلب شاته، ويخدم نفسه، وكان يمسك لسانه إلا فيما يعنيه، وكان يكرم كريم كل قوم، ويوليه عليهم، يحذر الناس، ويحترس منهم، ويلقاهم من غير أن يطوي على أحد منهم طلاقةَ وجهه وبشاشته، وكان يتفقد أصحابه، ويسأل الناس، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس، ومن سأله حاجة لم يرده إلا بها، أو بميسور من قول بمعروف، مجلسه مجلس علم وحياء وصبر وأمانة، يوقر فيه الكبير، ويرحم الصغير، ويقدم ذا الحاجة، ويحفظ حق الغريب، وقد كساه الله لباس الجمال، وألقى عليه محبة ومهابة منه.
وأكد شيخ الأزهر أن النبي صلى الله عليه كان لا يذم أحدًا ولا يعيبه، ولا يطلب عورته، ولا يتكلم ‏إلا فيما يرجو ثوابه، ‏‏وكان يصبر للغريب على جفائه في كلامه ومسألته، وكان ‏يمازح أصحابه، يضحك مما يضحكون، ‏ويتعجب مما يتعجبون، ‏يعود مرضاهم في ‏أقصى المدينة، ويداعب صبيانهم ويجلسهم في حجره، ومع شدة ‏حبه للصلاة وولعه ‏بها - يسرع فيها إذا ‏سمع بكاء صبي، وكان يقول: «إني لأقوم في الصلاة وأريد أن ‏‏أطول فيها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجوز في صلاتي كراهية أن ‏أشق على أُمِّه».