Ελληνικά (Ελλάδα)

منبرٌ كبيرٌ لنشر وسطية الأزهر الشريف بكل لغات العالم

 

كلمة فضيلة الإمام الأكــــبر فــي مؤتمـــر حـــول السَّــــلام العــالمَي بمدينة «مونستر» بألمانيا
Anonym
/ Categories: Main_Category

كلمة فضيلة الإمام الأكــــبر فــي مؤتمـــر حـــول السَّــــلام العــالمَي بمدينة «مونستر» بألمانيا

بسم الله الرحمن الرحيم

 

كلمة فضيلة الإمام الأكــــبر

أ.د/ أحـمــد الطــيب

 شــيخ الأزهــــر

 رئيس مجلس حكماء المسلمين

 

فــي مؤتمـــر حـــول السَّــــلام العــالمَي

بعنوان: «طُــرُق السَّـــــلام»

المنعقد بمدينة «مونستر» بألمانيا

 

خلال الفترة من: 19-21 من ذي الحجة سنة 1438هـ

المــــوافـــــق:10-12 من ســــبتمــبر ســــــنة 2017م

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الدكتورة/ أنجيلا ميركل المستشارة .............. لدولة ألمانيا

القائمون على ترتيب هذا المؤتمر الهام من مجلس حكماء المسلمين!

الحَفْــلُ الكَـــريم!

أُحَييكُم بتحيَّةِ الإسْلَام، وبتحيَّة الأدْيَان السَّمَاويَّة كلها وَهِيَ: السَّلَامُ عَلَيْكُم وَرَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُه.. وأشْكُركُم جَميعًا على حضوركُم هذا المُؤتمر الذي يَضُم نُخْبَةً مُتمَيِّزة من رِجَالِ الأدْيَان وقادَة السِّياسَة والفِكْر، والاقتِصاد والإعْلَام، وبخاصَّةٍ هذا الشَّبَاب الذي أَرَاهُ أمَامِي اليَوْم بوجُوهٍ مُشْرِقَةٍ واعِدَةٍ في عَزْمٍ وتصْمِيمٍ بصُنْعِ مُسْتَقبَلٍ إنسانيٍّ يظلِّلُه الأمن والسَّلام والعَيْش المشْتَرَك والتَّعارُف المُـتبَادَل القائِم على مبادِئ العَدْلِ والحُريَّةِ والمُسَاواة بين الناس، هذا وأرجو أنْ تَجِيءَ كَلِمَتِي أمَامكُم رغم المُدَّة القصيرة المُحَدَّدة لإلقائِها- مُعَبِّرة عن شيءٍ مِن مُشكلاتِ عالَمنا الُمعاصِر وما يُعانيه الناس، وبخاصةٍ في شَرقِنَا العَربيِّ والإِسْلَاميِّ مِن أهْوالٍ وعَبَثٍ بالأرواحِ والدِّماء، وإهدار الحُقُوق الآدميَّة بصُورةٍ بَشِعَة، تُذكِّرنا بحُرُوبِ الماضي التي كُنَّا نَظُنُّ أنَّها أصْبَحَت في ذِمَّةِ التَّاريخ. لقد كانت الحَرب في تِلْكُم العُصُور غالبًا ما تدور رحاها في ميادين القِتال وتَنْحَصِر مآسيها وكوارثها على الحُدود بين الجُنُود والجُيوش المتقاتِلَة، أمَّا اليَوْم.. وفي عصر التقدُّم العلمي والتِّقني والفَنِّي، وفي عَصْرِ الرُّقِيِّ والمُنظَّمات الأُمَمِيَّة، والجمعيات العالمية لحقوق الإنسان ومنظَّمات المجتمعات المدنيَّة والمواثيق الدولية التي أخذت على عاتِقها حِمايَة البُؤسَاء والأطفال والعَجَزة والأرَامِل، وتعهَّدَت بتوفيرِ مُقَوِّمات الأمن والأمان للنَّاسِ؛ ثُم تبيَّن أن أغلَب هذه المؤسَّسَات في وادٍ، والدِّماء والجُثَث والأشْلَاء وصراخ الأطفال ودموع اليَـتامَى وأنين الثَّكَالى في وادٍ آخر، في هذا العَصْرِ الجديد، في عصر الألفية الثالثة، تغيَّر مفهوم الحَرب بفضلِ مَصَانِع المَوت المُتطَوِّرة تِقنيًّا وعِلْميًّا فأصبحت رُحَى الحُروب تَحصد الآمنين في بيوتهم وشوارعهم وقُراهم ومُدنهم، ومدارسهم وأنديتهم، أو تضطرهم إلى الفرارِ من جحيمِ الأسلِحَة الفتَّاكة تاركين أوطانهم إلى مجهولٍ قد يعرفونَ بدايته، ويألمون له أشدَّ الألم، لكنهم لا يعرفونَ عن نهايتِه قَلِيلًا ولا كَثيرًا، أو يضطرهم الرُّعب والخَوف إلى ركوبِ البَحْرِ لينتهي بهم الأمر في أعماقِه غَرَقًا وهَلَاكًا.

هذه الشَّريحة البائِسة الُمعذَّبة في الأرضِ، هي شريحة إنسانيَّة آدميَّة لها ما لأيِّ آدميِّ في الشَّرقِ والغَربِ من حقوقِ الاحتِرامِ والأمن والحُريَّة والاستِقرار على أرضِه والتمسُّك بوطنِهِ، والتَّفْرِقةُ في هذه الحقوق على أسَاسٍ من الفَقْرِ والغِنَى أو العِرْق أو اللَّون أو الدِّين هو في مفهومِ الإسلام، بل في مفهوم الأديان الإلهيَّة جَمعَاء، عمل هَمَجي بكُلِّ ما تَحْمِلُه هذه الكلمة من معانٍ وأبعاد، والذين تربَّوا مِنَّا على مائدة الدِّين وأخلاقِهِ يَعْلَمُونَ حَقَّ العِلْم أنَّ الإنْسَانَ أخِ الإنسان. وأنَّهُ نَظيرُه في الإنسانيَّةِ، وأنَّ الإنسانيَّةَ وَشيجة من وشائِج القُرْبَى تترتَّبُ عليها حُقُوقٌ وواجباتٌ مُتبادلة بين بني آدم. سواء على مُسْتَوَى الأفرادِ أو المجتمعاتِ أو الدولِ والشُّعُوبِ.

أيَّتُهَا السيِّداتُ والسَّـادَة!

أرجُو مَعذِرَتي عن هذه اللُّغَة المتشَائِمة قَلِيلًا أو كَثيرًا- والَّتي افْتَتَحْتُ بها كلمتي في مؤتمرٍ كهذا، كُل ما فيه يَدعو إلى التَّفاؤُل والأمَل اللَّامحدُود، فأنا قادِمٌ من الشَّرقِ الذي يدفع رجاله ونساؤه وعجائزه وأطفاله ثمنًا فادِحًا من الدِّماء والجُثَث والمقابِر الجماعيَّة، لسياساتٍ إقليميَّةٍ وعالميَّةٍ دَمَّرَت بها دُوَلًا وشُعُوبًا وحضارات عَريقة: منها دول دمَّرتها في ساعات محدودة، تدمِيرًا كامِلًا ثُمَّ تركتها ركامًا هامدًا حتى هذه اللَّحْظَة التي أُحَدِّثُ فيها حضراتكم، ومنها دول لاتزال ماكينة القَتْل والتَّدمير تَعْمَل في البَشَرِ والحَجَرِ، ومُنْذُ أكثر من خمسِ سنواتٍ، بل منها ما تَعْمَل فيه هذه الآلة الجُهنَّمِيَّة قريبًا من خمسة عشر عامًا، ومنها ما انضافت إلى قائمة القتل والدَّمار فيها قائمة الأوبئة والأمراض الفتَّاكة.

وأحدَث فصول هذه المسـرحيَّة العبثيَّة في الشَّـرقِ ما يَحْدُث اليَوْم لمواطنِي الرُّوهِينجا من المسلمين من إبادةٍ جماعيَّةٍ وتَهجيرٍ قَسْريٍّ، وعَجَزَ المُجتمع الدوليِّ عن إنقاذهم مِمَّا يَعْلَمه الجميع ومِمَّا تنقِلَه لنا شاشات التِّلفَاز من مآسيٍ لا يتحمَّلُها ضمير الإنسانيَّة لا أقولُ في الغربِ، بل أُؤكِّدُ: في الشَّرقِ قَبْلَ الغَربِ، مَهْمَا قَسَا ومَهْمَا تَحَجَّر.

هذه المآسي أيَّتُهَا السَّيِّداتُ والسَّادَة-تَعْرِفُونها جَيِّدًا، ونَحْنُ نَعْرِفُها مَعَكُم حَقَّ المعرفة، وربَّما تردَّدَت على مسامِعنا إلى درجةِ الملَل من كثرةِ مَا سَمِعْنا منها، ومن هذا المُنْطَلَق لَنْ أُطِيل في هذا الشَّأنِ، وقد قُلْتُ في بيانٍ صدرَ عن الأزهرِ أمس الأوَّل عن قضيَّة المواطنين المسلمين في الرُّوهينجا أنَّ بيانات الإدانة والشَّجب والاستِنكَار لَمْ تَعُد ذاتَ معنى، وهي تضييعٌ للوقتِ وإهدارٌ للطَّاقةِ لكن لا أستطيع أن أفارق هذا المؤتمر الغني بهذه القيادات الكبيرة الموقرة، وبالقيادات الشابة التي نعقد عليها بعد الله تعالى- آمالًا عريضة في إنقاذ الإنسانية مما ألمَّ بها من رعب والوصول بها إلى بر السلام والأمان .. نعم! لا أستطيع أن أترك مكاني هذا دون أن ألخِّص ما يدور في ذهني من خواطر عن هذه الأزمة، وأعترف أن منها ما يقترب من مستوى الأحلام، وعذري أن الأحلام هي حيلة العاجز وأن من الأحلام ما يتحقق كما يقول بعض الشعراء المصريين، فأولاً: معظم ما حل بنا في الشرق من دمار منظَّم كان فيما يقول لنا منظروا السياسات الدولية بسبب الإرهاب الإسلامي، ومن ثَمَّ وجب التدخل لوقف خطره وإنقاذ الشعوب منه، واسمحوا لي حضراتكم في أن أقول وأرجو ألا أكون متجاوزًا لحدود اللياقة وآداب الضيف إن ما يحدث في الشرق سببه تجارة السلاح في الغرب، وضمان استمرار إنتاجه وبيعه، والبحث عن مناطق يسهل فيها إذكاء صراعات دينية أو مذهبية تُؤدِّي إلى صدام دموي مسلح، وقد قرأت في مقدمة كتاب «مشـروع أخلاقي عالمي» للمُفَكِّر اللَّاهوتي المعاصر: هانس كينغ إحصائية تقول: «إن دول العالم تنفق كل دقيقة 1.8 مليون دولار من أجل التسلح، بينما يلقى كل ساعة 1500 طفل حتفهم من جراء الجوع، أو الأمراض الناتجة عن الجوع.

باستثناء الحرب العالمية الثانية، شهدت سنوات الثمانينات، كل أسبوع، نسبة من الاعتقالات والتعذيب والقتل والإبعاد القسري وغيرها من أشكال الطغيان من قِبَل السُّلطات القمعية تفوق أيَّة حُقبة في التاريخ.

وفي كل شهر، يُضاف 7.5 مليارات على دَيْن النِّظام الاقتصاد العالمي البالغ 1500 مليار دولار، مما يشكل حاليًا حملًا ثقيلًا لسكان العالَم الثالث» ([1])

أما قصة الإرهاب فإنها تبقى حتى هذه الحظة في حدود معرفتي-قصة محيرة، فلا يزال الإرهاب يشبه أن يكون لقيطًا مجهول النسب لا نعرف من أبوه ولا من هي أمه.. ولا أريد أن أسترسل في سرد باقي الأسئلة المحيرة عن هذا الكائن المعجزة الذي وُلد بأنياب ومخالب جاهزة، والذي لم يبلغ الثالثة من عمره حتى أعلن دولته الإسلامية التي يتصدر اسمها نشرات الأنباء العالمية حتى الآن، وصار من القدرة الهائلة في مجال التسلح والتقنية والتدريب وثورة الاتصالات والمعلومات بحيث يستطيع أن ينتقل بين الدول، ويجتاز جيشه الحدود التي تحرسها الدفاعات الجوية في ثقة مطلقة بأن طلقة واحدة لن تخرج من فوهة مدفع لتصيبه أو تصيب واحدًا من ...... ، ويحط رساله حيثما يشاء ويسيطر على مناطق البترول ويقتل ويذبح ويسبي البنات، ويتلقى بطريق الخطأ أسلحة ومعدات تهبط عليه من طائرات ضلت طريقها إلى أحد معسكراته.. إلخ ما نعلمه وتعلمونه أيضًا من هذا القصص العجيب.

وأنا لا أعفي شرقنا العربي والإسلامي من أن يتحمل نصيبه الأوفى من المسؤولية التاريخية عن هذا الإرهاب، وهي أسباب كثيرة ومتداخلة بين أسباب سياسية ودينية وتعليمية واجتماعية، لكني لا أستطيع أن أفهم أن إمكانات المنطقة العلمية والتقنية والتسليحية، التي ظهر فيها هذا التنظيم كافية في تفسير الطفرة في كل هذه المجالات، كما لا أفهم سياسة الكر والفر في التصدي لهذا التنظيم وحماية البائسين والبائسات من شروره وأخطاره.

ثانيًا: إن هذا الشرق الذي يئن أهله تحت وطأة الأزمات الخانقة على جميع الأصعدة قدَّم للغرب أيادي بيضاء، وحمل الكثير لحضارته، وأشعل في ربوعها جذوات العلم والثقافة والأدب والفنون، وتكفيني الإشارة السريعة لما يقوله أحد علماء الغرب المعاصرين من «أن الثقافة الأوروبية تدين بدين ضخم وهائل لعالم الإسلام، وكيف أن المسلمين حافظوا على علوم اليونان القديمة وحسَّنوها وأضافوا إليها، وأنهم وضعوا أُسس العلوم والطب والفلك والملاحة الحديثة، وأنهم كانوا الملهمين لكثير من إنجازات الغرب الحديثة» ([2]).

ويقرر هذا الكاتب المنصف أنه لولا التسامح المتأصل في الإسلام مع غير المسلمين داخل العالم الإسلامي طوال خمسة عشر قرنًا لكان من المشكوك فيه بقاء اليهود ككيان عِرقي وديني مستقل، ولكان الغرب قد حُرم من إسهاماتهم الرائعة في الفن والطب والعلم والأدب والموسيقى، والتي لا حدود لها على وجه التقريب، ومن هنا فإن الصورة السائدة في الذهنية الغربية عن العالم الإسلامي وأنه عالم راكد «يسكنه شعب ذو عادات غريبة واعتقادات مبهمة تقريبًا، وأن نظرة الغرب المتحضر إلى الدول العربية على أنها مجموعة من محطات الوقود العملاقة، ومجرد مصدر مزود للمواد الخام التي يعمل بها الاقتصاد الغربي»، هذه الصورة رُغن أنها لا تعكس واقع العالم الإسلامي فإنها لا يمكن أن تشكل أساسًا لأي تفاهم حقيقي بين شعوب ذات ثقافات ومعتقدات مختلفة.

ويمضي الأستاذ في استنتاجاته المنطقية الموثقة بالاطلاع الواسع، ويقول الأستاذ ميرفي: «إن الأمم الأوروبية كلها مرت بمراحل من الاستبداد والديكتاتورية والصراع المُدَمِّر، وأن تحركها نحو الديموقراطية إنما جاء في القرن الأخير تقريبًا، ومن ثم فإن المشكلات السياسية الداخلية للدول الإسلامية يجب أن يترك حلُّها لشعوب هذه الدول مهما تكن طبيعة الأنظمة السائدة فيها، فقد أثبت التاريخ وبلا أدنى ريب- أن العالم الإسلامي لديه مبادئ روحية وأخلاقية كفيلة بتشجيعه على سياسة التسامح والأخوة المشتركة بين جميع الأعراق والمذاهب.. ومن حقه أن يتطوَّر بما يتفق وحاجات شعوبه وتطلعاتها، مثلما فلعت الأمم الأوروبية من قَبْله. وقد شاركت أوروبا وأميركا وروسيا في التوقيع على ميثاق تأسيس منظمة الأمم المتحدة الذي تنص بنوده الأولى على أنه ليس من حق أي دولة أن تتدخل في الشؤون السياسية الداخلية لدولة أخرى» ([3]).

وأعتذر لكم مرة أخرى عن طول هذا الاقتباس، ولكن أردت أن أُطل على عالمنا الإسلامي من منظور غربي منصف لأرى حجم التناقض والمسافة البعيدة جدًّا بين القول والعمل.. وكيف أن شرقنا العربي الذي كنت أتغنَّى وأنا طالب بالمرحلة الثانوية بتحرره من الاستعمار، وببناء السَّد العالي في أسوان، وبالأنظمة السياسية والاقتصادية الجديدة، وبحركات التحرُّر التي كانت تتنقل بين أقطاره بصورة متلاحقة، كيف عاد هذا الشرق مرة أخرى، مسـرحًا لصـراع الأسلحة والسياسات والمطامع الإقليمية والدولية، وأن الشعوب الفقيرة البائسة التي أنتمي إليها مولدًا ونشأة وتعليمًا هي التي دفعت، ولازالت تدفع ثمن هذا العبث الإقليمي والدولي، وأنها تنفذ حروبًا بالوكالة لا ناقة لها فيها ولا جمل، كما يقول المثل العربي.

ثالثًا وأخيرًا: أرى وبكل تواضع حقيقي- أن مكمن الداء هو ضعف العنصـر الأخلاقي في توجيه حضارتنا اليوم ولَـجْمها حين تستبد بها الشهوات والأغراض، وليس الحل في مزيد من التطور العلمي والتقدم التقني، رغم أهميتها وضروريتهما لحياة أفضل وأكثر رقيًّا. وليس الحل في الفلسفات المادية التي تنكَّرت لله وللأديان وما يرتبط بها من أخلاق، وليس الحل في المذاهب النفعية ولا المذاهب الإنسانية، فكلها فلسفات تدور حول الفرد بحسبانه شخصًا، وليس باعتباره عضوًا بالجماعة الإنسانية التي لها هي الأخرى حقوق تجب مراعاتها من قِبل الأفراد وإلا فسدت الجمعية الإنسانية وأصبح باسها بينها شديدًا.

والحل فيما أرى هو أخلاق إنسانية عامة عابرة للقارات مُجْمع عليها شرقًا وغربًا تسود عالمنا المعاصر وتحكم مسيرته، وتكون بديلًا للأخلاق المتناقضة المتضاربة التي دفعت عالمنا المعاصر إلى ما يشبه حالة الانتحار الحضاري، وليس من سبيل إلى برنامج أخلاقي عالمي فيما يقول كينج مرة أخرى- إلا مائدة الأديان والأديان وحدها. ولكن ذلك مشروط بإقامة سلام أوَّلًا بين الأديان نفسها أوَّلًا، ومقولته الشهيرة التي تقول: «لا سلام للعالَم بدون سلام ديني»، ومن أجل تحقيق الخطوة الأولى في هذه المقولة التي تتطابق كُليًّا مع رسالة الأزهر، بل مع رسالة الإسلام من أجل السلام رحل الأزهر إلى المؤسَّسات الدينية الكبرى في أوروبا، وبخاصة جمعية «سانت إيجيديو» التي أحضر مؤتمرها للسلام للمرة .........، رحل الأزهر ليؤكِّد استعداده لصنع سلام بينه وبين كافة الأديان الإلهية وغير الإلهية أيضًا، ومن أجل ذلكم جئت إلى مدينة السلام وإلى دولة السلام وإلى سياسة السلام.

شُـكْــرًا لِحُسنِ استماعكم.

والسَّلامُ عَلــَـيْكُم ورَحْمَـةُ اللهِ وبَرَكَاتُه؛

  تحريراً في مشيخة الأزهر:

                                  18 من ذي الحجــــة سـنة 1438ﻫ                                                                                                                                   أحـمـد الطــيب

                   المــــــوافـق: 9 من ســـبتمبر ســـنة 2017 م                                                                                                       شـــيخ الأزهـــر    

 

 

([1]) مشروع أخلاقي عالمي، دور الديانات في السلام العالمي، لهانس كينغ، ص: 21، ط. المكتبة البولسية، بيروت: 1998م.

([2]) تيم والاس ميرفي، ماذا فعل الإسلام لنا.. ترجمة فؤاد عبد المطلب ص: 155، بيروت 2014م.

([3]) السابق، ص: 266، (بتصرف).

Print
4362 Rate this article:
No rating

Please login or register to post comments.

أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصًا لديني ولمصر وللأزهر الشريف, وأن أراقب الله في أداء مهمتى بالمركز, مسخرًا علمي وخبرتى لنشر الدعوة الإسلامية, وأن أكون ملازمًا لوسطية الأزهر الشريف, ومحافظًا على قيمه وتقاليده, وأن أؤدي عملي بالأمانة والإخلاص, وأن ألتزم بما ورد في ميثاق العمل بالمركز, والله على ما أقول شهيد.