في يومه التاسع عشر.. ملتقيات الجامع الأزهر تستعد لاستقبال العشر الأواخر من رمضان
"رياض الصائمين": شباب الصحابة قدوة لشباب الأمَّة في التمسك بالقرآن وتعاليمه
"رمضانيات نسائية": شهر رمضان موسم للخيرات.. والعشر الأواخر مليئة بالهبات والبركات
"باب الريان": في رمضان تزهر القلوب.. وفي العشر الأواخر يكتمل النور
"مقارئ الجامع الأزهر".. مجالس نورانية لحفظ القرآن وتدبُّر معانيه
يواصل الجامع الأزهر -لليوم التاسع عشر على التوالي- عقد ملتقياته الفقهية والدعوية والفكرية؛ في إطار دوره الدعوي والتنويري، واستمرارًا لتنفيذ خطته التوعوية خلال شهر رمضان المبارك، وذلك تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف.
وتهدف هذه الملتقيات إلى نشر الوعي الديني، وتعزيز الثقافة الإسلامية؛ من خلال مناقشة وطرح قضايا فقهية وفكرية مهمة، وتقديمها بلُغة مبسطة، تسهم في تثقيف العقول، وتوضيح أحكام الإسلام وفضائل الشهر الكريم.
وشهدت الظلة العثمانية بالجامع الأزهر، عقد ملتقى "رياض الصائمين"، بعد صلاة الظهر مباشرة، بعنوان: "أثر حفظ القران الكريم وتلاوته في وعي الشباب"، بحضور كلٍّ من: الدكتور/ أيمن الحجار، الباحث بالأمانة العامة لهيئة كبار العلماء، والدكتور/ معاذ شلبي، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، والشيخ/ ياسر عجوة، منسق رواق التفسير والحديث بالجامع الأزهر.
وخلال الملتقى، أكد المشاركون أن القرآن الكريم يمثل دستورًا متكاملًا للحياة، خاصة في مرحلة الشباب التي تُعدُّ مرحلة العطاء والطاقة والتكوين الفكري والوجداني؛ حيث ينعكس أثر حفظه وتدبره على السلوك الشخصي والاجتماعي للشباب، ويوجههم نحو منهج حياة مستقيم قائم على التقوى والعمل الصالح، وأوضحوا أن سلف الأمة الصالح كانوا يتعاملون مع القرآن الكريم بوصفه رسائل ربانية موجهة إليهم مباشرة؛ فكانوا يقرؤونه ليلًا، ويطبقون أحكامه وأوامره في حياتهم اليومية نهارًا، مشيرين إلى أن شباب الصحابة كانوا في طليعة من حملوا لواء القرآن وعملوا به.
واستشهد المتحدثون بحديث النبي ﷺ: "خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وأُبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة"، لافتين إلى أن هؤلاء الصحابة كانوا من شباب الأمَّة، وقد تلقوا القرآن مباشرة من النبي ﷺ؛ ليكونوا قدوة في التمسك به وتطبيقه، كما ذكروا أن النبي ﷺ كان يحرص على تعليم الشباب القرآن بنفسه؛ فكان يقرأ على الصحابة الشباب مثل أُبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، ويحثهم على مدارسته وحفظه، بل إنه أرسل معاذ بن جبل إلى اليمن؛ ليُعلِّم أهلها القرآن وأحكام الدين؛ مما يعكس دور الشباب في نشر تعاليم الإسلام، وأهمية استقاء المنهج القرآني من منابعه الأصيلة، مؤكدين أن القرآن الكريم ليس مجرد كتاب يُتلى، بل هو منهج حياة يرفع صاحبه، فمَنْ يصاحبه بصدق يجعله الله من أهله وخاصته، ويفتح له أبواب الخير والبركة في الدنيا، ويمنحه الثواب العظيم في الآخرة.
كما عقد الجامع الأزهر، ملتقى "رمضانيات نسائية"، بعنوان: "ليالي الرجاء"، وذلك بحضور كلٍّ من: أ.د/ اعتماد عبد الصادق عفيفي، أستاذ أصول اللغة والعميد السابق بجامعة الأزهر، وأ/ أماني أحمد محمد دسوقي، الواعظة بمجمع البحوث الإسلامية، ود/ حياة العيسوي، الباحثة بالجامع الأزهر.
وتناول الملتقى، فضل عبادة الرجاء ودورها في تقوية علاقة العبد بربه خاصة في العشر الأواخر من رمضان، فالرجاء هو عبادة من أجلِّ العبادات وأعظمها، ويعني: الاستبشار بجُود الله وفضله تعالى، والارتياح لمطالعة كرمه ومِنَّته. وأكدت المحاضرات أن الرجاء في الله كان منهج حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد تجلَّى في العديد من المواقف التي أظهرت حُسن ظنه بربه.
وعن فضل تلك العبادة في شهر رمضان، أوضحت المحاضرات أن أعظم الأوقات التي ينبغي أن يعظم فيها الرجاء في الله تعالى وعفوه ورحمته هذه الليالي؛ العشر الأواخر من هذا الشهرِ الكرِيم؛ فيجب على أهل الرجاء أن يتفقدوا قلوبهم، ويرابطوا على طاعة ربهم، ويروا تقصيرهم في حقِّه مهما عملوا، وأن يجعلوا الاستغفار قرينهم، والذِّكر أنيسهم، خاصة أن ليالي العشر الأواخر هي ليالي الرجاء، وليالي السؤال، وليالي العفو والمغفرة، وليالي العطاء والرحمة، وليالي العتق من النار.
كما عُقد ملتقى "باب الريان" بعنوان: "فضل العشر الأواخر من رمضان"، بحضور كلٍّ من: الدكتور/ عرفة محمد، مدير عام التوجيه بمجمع البحوث الإسلامية، والشيخ/ عبد الكريم إبراهيم، الباحث بالجامع الأزهر الشريف؛ حيث تناول المحاضرون فضل شهر رمضان المبارك والعشر الأواخر منه، وضرورة اغتنام تلك الأيام الكريمة بالاجتهاد في العبادات والطاعات وحُسن إدارة الوقت، موضحين أن العشر الأواخر من رمضان من أعظم أيام الشهر المبارك، فإذا كان رمضان هو ربيع الشهور في العبادة، فالأيام العشر هي ربيع رمضان، فإذا أقبل الفرد فيها على الله بإخلاص؛ يمكن أن يعتق الله رقبته من النار، ويجازيه خير جزاء في الدنيا والآخرة، ويرزقه بفضل ليلة القدر، والتي قال عنها الله: إنها خير من ألف شهر.
وعن ضرورة الاجتهاد في العبادة في هذه الأيام، أكد المحاضرون أن النبي ﷺ كان يجتهد في تلك الأيام الأواخر أكثر من غيرها؛ كما روت السيدة عائشة رضي الله عنها: "كان رسول الله ﷺ يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره"، وحديث السيدة عائشة رضي الله عنها: "كان رسول الله ﷺ إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجدَّ وشدَّ المئزر"؛ في إشارة إلى شدة اجتهاده في العبادة، وحرصه على اغتنام هذه الأيام المباركة، وحرصه على إشراك أهل بيته في هذه النفحات الإيمانية.
كما أشار المحاضرون إلى أنه ينبغي على المسلم الاستعداد لهذه الليالي بالإقبال على العبادة، وترك الخصومة والتشاحن، والاجتهاد في الطاعات من صلاة، وذِكْرٍ، وصدقة، وبر الوالدين، والتماس ليلة القدر بالدعاء، وإحياء الليل بأوجه العبادات كافة، مثل: الصلاة، والذِّكر، وقراءة القرآن، والدعاء؛ حتى يحقق الغاية العظمى من هذه الأيام المباركة؛ اقتداءً بالنبي ﷺ، الذي لم يكن يجتهد لنفسه فقط، بل كان يأخذ بيد أهل بيته أيضًا.
ويواصل الجامع الأزهر إحياء روح شهر القرآن من خلال مقارئه القرآنية اليومية، التي تستقطب أعدادًا متزايدة من المشاركين من مصر والعالم، سواء بالحضور المباشر، أو عبر المنصات الإلكترونية. وتتيح هذه المقارئ فرصة فريدة لتعلم أحكام التلاوة، وضبط التجويد والقراءات، تحت إشراف: نخبة من علماء الأزهر؛ مما يعزز ارتباط المسلمين بكتاب الله، ويجعل القرآن نورًا للقلوب، وبوصلة للعقول.