عقد الجامع الأزهر، اللقاء الفقهي الأسبوعي بلُغة الإشارة لذوي الهمم من الصُّمِّ وضعاف السمع ومتلازمة داون، بعنوان: "شرح سورة الشرح"، وحاضرت فيه د/ منى عاشور، الواعظة بمجمع البحوث الإسلامية وعضو المنظمة العربية لمترجمي لغة الإشارة.
وخلال اللقاء، أوضحت د/ منى عاشور، أن سورة الشرح من السور المكية التي فيها من البشارات للرسول ﷺ ولجميع أُمَّته؛ يقول تعالى: {أَلَمۡ نَشۡرَحۡ لَكَ صَدۡرَكَ} يعني: أَمَا شرحنا لك صدرك ونَوَّرناه وجعلناه فسيحًا رحيبًا واسعًا، وكما شرح اللَّه صدره كذلك جعل شرعه فسيحًا سمحًا سهلًا لا حرج فيه ولا إصر ولا ضيق، وفي قوله تعالى: {وَوَضَعۡنَا عَنكَ وِزۡرَكَ * ٱلَّذِيٓ أَنقَضَ ظَهۡرَكَ}، والوزر هو: الهَمُّ والحِمْل الثقيل الذي كان يحمله صلى الله عليه وسلم الذي أنقض ظهره وكاد يُودي به، وهو هَمُّ الدعوة إلى الله تعالى وحرصه الشديد على هداية أُمَّته وخوفه عليهم من الكفر، ومنه قوله تعالى في سورة الكهف: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا}. فالله سبحانه وتعالى شرح صدره لتحمل أعباء الدعوة من البلاغ، وتَحمُّل الأذى الذي كان يلاقيه من قومه؛ فلم يوقفه عن الدعوة شيء، وأيضًا خفف الله تعالى عنه وذَكَّره بأن ما عليه إلا البلاغ؛ فلا يضره ذنب من عصَى ولا كُفر من كَفر.
وأضافت الواعظة بمجمع البحوث الإسلامية: وفي تفسير قوله تعالى: {وَرَفَعۡنَا لَكَ ذِكۡرَكَ}، قال قتادة: رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة، فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا ينادي بها: أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدًا رسول الله، وفي قوله: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}، فيها بشارة عظيمة لكل مبتلًى؛ فقد أخرج ابن جرير عن الحسن، قال: لما نزلت هذه الآية: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} قال رسول الله ﷺ: «أبشروا؛ أتاكم البِشْر، لن يغلب عسرٌ يُسرَيْن».
وفي قوله تعالى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ}؛ أي: ولا تكن -يا محمد- ممن إذا فرغوا وتَفرَّغوا أعرضوا عن ربهم وعن ذِكْره، فتكون من الخاسرين، وفيها كذلك من الحَثِّ على العمل الديني والاجتهاد فيه والاستزادة من النوافل والخشوع، ودوام ذكر الله تعالى، واتصال العبد بربه، والحث على العمل النافع الدنيوي، وأن يكون الوقت مستثمَرًا في النافع المفيد، وفي قوله تعالى: {وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}؛ أي: أعظِم الرغبة في إجابة دعائك وقَبول عباداتك.