تلتقي الحكمة الشرعية مع الحقائق العلمية في تأكيد أهمية الماء لاستمرار الحياة على كوكب الأرض
عميد زراعة الأزهر: الماء جعله الله سببًا في العناصر الغذائية المختلفة نتيجة التفاعل الذي يحدث بين البذور والماء
مدير الجامع الأزهر: علينا شكر الله على نعمة الماء.. وشكر الله يكون بالحفاظ على هذه النعمة لاستدامة الحياة
توجه الدكتور/ محمود صديق، نائب رئيس جامعة الأزهر، بالشكر لفضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر؛ لرعايته للمناقشات التي تندمج فيها الآراء الشرعية بالرؤى العلمية الحديثة؛ تماشيًا مع قضايا العصر، ومنعًا من حدوث تصادم بين الأحكام الشرعية وواقع الناس، من خلال تقديم رؤية علمية تتفق مع الشريعة وتتسق مع حركة الحياة، مشيرًا إلى أن الأزهر -عبر تاريخه الطويل- خرَّج علماء موسوعيين جمعوا بين علم الشريعة والعلوم الحديثة، وهو ما كان له أثر كبير في طرح حلول لضبط
المستجدات في كل عصر، وهذه المناقشات التي تجري اليوم في رحاب الأزهر تأكيدًا على هذا الدور.
وقال نائب رئيس جامعة الأزهر -خلال الملتقى الفقهي الخامس الذي عقد اليوم الإثنين بالجامع الأزهر، تحت عنوان: "نعمة الماء رؤية إسلامية طبية"-: إن الماء هو روح الحياة النابضة؛ فهو سر الخلق، ومصدر الوجود الذي منحه الله سبحانه وتعالى للإنسان؛ ليسهل عليه عملية إعمار هذا الكون، وسواء كان الماء عذبًا أو مالحًا؛ ففيه فوائد كثيرة لحركة الحياة بشكل عام، ولا يمكن أن نتصور قيام حياة دون هذا السائل الذي جعله الله سببًا للحياة {وجعلنا من الماء كل شيء حي}، والعِلْم الحديث أثبت أن خلايا الإنسان معظم مكوناتها من الماء؛ لهذا يحتاج الإنسان إلى الماء بشكل أساسي، وتكرر ذكر الماء في القرآن الكريم (63) مرة؛ مما يدل على عظمة وقدر هذه النعمة الكبيرة.
وبيَّن نائب رئيس جامعة الأزهر، أن فقدان الماء أو تأثر مصادره يسبب اختلالًا في النظام البيئي وتدهورًا للحياة؛ لهذا السبب حثَّنا ديننا الحنيف على ترشيد استهلاك هذا المورد الثمين، والحفاظ عليه بشتى الطرق؛ لأن الحفاظ على الماء هو جزء من ضمان استمرار الحياة بشكل عام، والعلم أثبت بالتجارب العلمية أن الماء شرط أساسي لبقاء الإنسان على قيد الحياة؛ حيث تسهم نسبة المياه الموجودة في أجزاء الجسم في الحفاظ على وظائف أعضاء الجسم، والقيام بدورها الحيوي، فكل خلية من خلايا جسم الإنسان تحتاج إلى الماء لتؤدي وظيفتها، وتلتقي الحكمة الشرعية مع الحقائق العلمية في تأكيد أهمية الماء لاستمرار الحياة، وأنه المصدر الرئيس لكل مقومات الحياة {وجعلنا من الماء كل شيء حي}.
من جانبه، أوضح الدكتور/ جمال عبد ربه، عميد كلية الزراعة بجامعة الأزهر، أن تَحوُّل البذرة إلى نبات أخضر نتيجة التفاعل الذي يحدث مع الماء، تُعدُّ من أروع الظواهر الطبيعية، وتمثل الأساس لدورة الحياة على الأرض؛ حيث توفر الغذاء للعديد من الكائنات الحية، ومصدر هذه العملية هو الماء الذي جعله الله سببًا في العناصر الغذائية المختلفة، وتباين النباتات بين النباتات المستديمة الخضر والنباتات المؤقتة الخضر- يعود إلى أن هذه النباتات مستديمة الخضر تمتلك خاصية الحفاظ على الماء بداخلها لفترات طويلة؛ وهو ما يساعدها في تحقيق النمو الخضري المناسب لنوعها.
وفي السياق ذاته، قال الدكتور/ هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر: إن الله سبحانه وتعالى أكرمنا بكنز ثمين هو نعمة الماء؛ فجعله أساس الحياة على الأرض، وعلينا الحفاظ على هذه النعمة لاستدامة الحياة، وهو ما يسترعي منا النظر إلى هذه النعمة العظيمة التي منحنا الله إياها؛ فلا نستهين بها، ولا نسرف في استخدامها، مؤكدًا أن نقاشات الأزهر حول هذه القضايا تأتي في إطار الربط بين الحُكم الشرعي والرؤية العلمية؛ تيسيرًا على الناس، ولتذكيرهم بالأهمية الحقيقية لهذه النعم، وشكر الله بالحفاظ عليها.
يُذكر أن الملتقى الفقهي يُعقد الإثنين من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وبتوجيهات من الدكتور/ محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، ويهدف إلى مناقشة المسائل الفقهية المعاصرة التي تواجه المجتمعات الإسلامية، والعمل على إيجاد حلول لها وفقًا للشريعة.