الجامع الأزهر


تفاصيل الخبر

ملتقى السيرة النبوية بالجامع الأزهر يناقش "المنهج النبوي في التعامل مع الفتن.. فتح خيبر نموذجًا"

  • | الخميس, 17 يوليه, 2025
ملتقى السيرة النبوية بالجامع الأزهر يناقش "المنهج النبوي في التعامل مع الفتن.. فتح خيبر نموذجًا"

    عقد الجامع الأزهر، أمس الأربعاء، اللقاء الأسبوعي لملتقى السيرة النبوية، تحت عنوان: "المنهج النبوي في التعامل مع إثارة الفتن والتحريض.. فتح خيبر نموذجًا" وذلك بحضور: أ.د/ خالد عبد النبي عبد الرازق، أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر، وأ.د/ حبيب الله حسن أحمد، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، وأدار الحوار الدكتور/ بهاء عبادة، الإعلامي بإذاعة القرآن الكريم.

في بداية الملتقى، أكد الدكتور/ حبيب الله حسن، أن محاربة الفساد هي الهدف الأسمى للرسالات السماوية؛ لأن سعادة البشرية لن تتحقق في ظل وجود الفساد؛ لذلك نجد أن جميع الأنبياء -عليهم السلام- كانت دعوتهم تتكون من شقين أساسيين، أولهما: الدعوة إلى الله، وثانيهما: محاربة الفساد، وقد أبرز القرآن الكريم هذا المبدأ في خطاب الأنبياء لأقوامهم: {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا}، وتأكيدًا على أهمية هذا المبدأ؛ كفل المولى سبحانه وتعالى الدار الآخرة للذين لا يريدون فسادًا في الأرض؛ كما جاء في قوله تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا}، موضحًا أن التحريض على الشر، وإيقاع العداوة بين الناس، وإثارة أي نوع من الفتن صغيرًا كان أو كبيرًا يُعدُّ لونًا من ألوان الفساد في الأرض؛ لأنه عملٌ بالغ الخطورة، يؤدي إلى إفساد الحياة بين الناس.

وبَيَّنَ الدكتور/ حبيب الله، أن الفتنة لها درجات ومستويات مختلفة، ولكل منها علاجها المناسب، فإذا كانت الفتنة مجرد إثارة لأفكار أو آراء؛ فيجب أن تقابل بالرد والحجة. أما إذا تجاوزت ذلك؛ فلا بُدَّ من مواجهتها بالقوة، وهو الضابط الذي وضعه الإسلام للتعامل مع الفتن، مستشهدًا بالآية الكريمة {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} كدليل على ضرورة إخماد الفتنة، وذلك عندما كان المسلمون في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- يتعرضون للفتنة من قبل اليهود؛ لذلك جاء القتال له هدف سامٍ وهو إخماد فتنة؛ حيث مَثَّلَ يهود خيبر خطرًا كبيرًا على المسلمين نتيجة التكتل اليهودي ضد المسلمين؛ مما جعلها معركة وجود، ومعركة تهدف إلى إخماد الفتنة، مضيفًا أن غزوة خيبر نموذج في سماحة الإسلام وعظمته؛ حيث أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أهلها بالإسلام فور دخوله؛ وذلك كخطوة وقائية تهدف إلى تجنب إراقة الدماء، وهذا يُعدُّ ردًّا على من يتهم الإسلام بأنه دِين دموي.

وأشار إلى أن الصهاينة ما زالوا يمارسون الخديعة ذاتها التي اتبعها أسلافهم ضد المسلمين؛ حيث يحاولون تصدير خرافات على أنها حقائق، مثل: ادعاء وجودهم الوهمي في أرض فلسطين، وهناك متآمرون دوليون يساعدونهم في ذلك، رغم أن اليهود لا يملكون حقًّا دينيًّا في فلسطين، لا في الحاضر، ولا في الماضي. كما أن الدين لا يمكن أن يكون مبررًا للأعمال الوحشية التي يرتكبونها اليوم، والحقيقة أن الفكرة الصهيونية هي فكرة مشبوهة تهدف إلى انتزاع الحقوق من أصحابها الشرعيين، مخالفين بذلك جميع تعاليم الأديان، بما في ذلك الدين اليهودي نفسه، كما أنهم جرثومة قذف بها الغرب في بلادنا؛ للتخلص من خطرها في بلادهم.

من جانبه، قال الدكتور خالد عبد النبي: إن من يدرس أساليب اليهود في إثارة الفتن سيكتشف مكرًا شديدًا وحيلًا متعددة، ويستدل على ذلك بموقف أثار انزعاج السيدة/ عائشة -رضي الله عنها- عندما جاء رهط من اليهود للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: "السام عليك يا محمد" (أي: الموت)، فما كان من السيدة عائشة -رضى الله عنها- إلا أن ردَّت انتصارًا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقالت: "السام عليكم، وغضب الله عليكم، ولعنة الله عليكم". وهنا، بَيَّنَ لها الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف؛ لذلك، اكتفى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالرد عليهم بقوله: "عليكم"، دون أن يزيد على ذلك بلفظ "السام" الذي قالوه؛ وذلك تجسيدًا للرفق واللِّين في التعامل.

وأشار الدكتور/ خالد عبد النبي، إلى أن هذا الموقف يفسر ما كان يُكنُّه اليهود من الغضب والكره الشديد لسيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما يفسر ما كان عليه رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- من رفق ولِين في التعامل معهم، وهو ما كان يظهر من معاملاته معهم في البيع والشراء، وفي شتى ألوان الحياة؛ لهذا عقد صلى الله عليه وسلم معاهدات تضمن تحقيق السلام بين المسلمين واليهود، وما نشب من قتل بين المسلمين واليهود، إنما كان بسبب نقض اليهود لتلك العهود، ونتيجة إثارة الفتن في المجتمع المسلم. ومن ينظر إلى تاريخ اليهود يجد أن مجتمعاتهم أسست دعائمها على إثارة الفتن بين الناس.

وفي السياق ذاته، أكد الإعلامي/ بهاء عبادة، على الخطورة البالغة للفتن والشائعات على المجتمعات؛ لما تحدثه من فُرقة داخل المجتمع، وتفكيك لكيان الدولة، كما شدَّد على ضرورة التأكد من مصدر المعلومات بدقة؛ لأن إثارة الفتن من أول معاول هدم المجتمع، والناظر في تاريخ اليهود يجد أنهم أتقنوا هذا اللون من الفساد بمكر شديد؛ في محاولة خبيثة لهدم المجتمعات وتفكيكها.

يُذكَر أن ملتقى "السيرة النبوية" الأسبوعي يُعقد الأربعاء من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف؛ بهدف استعراض حياة النبي محمد ﷺ، وإلقاء الضوء على المعالم الشريفة في هذه السيرة العطرة، وبيان كيفية نشأتها، وكيف كان يتعامل مع الناس، وكيف كان يدبر شئون الأمة؛ للوقوف على هذه المعاني الشريفة؛ لنستفيد بها في حياتنا.
 

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم