عقد الجامع الأزهر الندوة الأسبوعية من برامجه الموجهة للمرأة، بعنوان: "منهج الإسلام في التعامل مع المشاعر الإنسانية"، بحضور: أ.د/ هاجر سالم، رئيس قسم أصول الفقه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالزقازيق، وأ.د/ منال مصباح، أستاذ البلاغة والنقد ورئيس قسم العلوم الإسلامية بكلية الدراسات الإسلامية للبنات بالقاهرة، ود/ سناء السيد، الباحثة بالجامع الأزهر.
وخلال اللقاء، أكدت الدكتورة/ منال مصباح، أهمية مراعاة المشاعر الإنسانية في القرآن الكريم والسُّنَّة النبوية، وكذلك بين الصحابة والسلف الصالح؛ فالإسلام يولي مشاعر الوالدين اهتمامًا خاصًّا؛ حيث أوصى بهما خيرًا، ويتجلى ذلك في موقف النبي ﷺ حين كان يصلي ويريد إطالة الصلاة، لكنه كان يتجاوز ذلك عندما يسمع بكاء طفل، مدركًا مشاعر الأم القلقة؛ قال النبي ﷺ: «إني لأدخل في الصلاة وأنا أريد إطالتها، فأسمع بكاء الصبي؛ فأتجوز في صلاتي، مما أعلم من شدة وجد أمه من بكائه» كما أشار النبي ﷺ إلى أهمية مراعاة شعور الآخرين في التناجي؛ إذ قال: "إذا كنتم ثلاثةً فلا يتناجَ اثنانِ دون الثالث".
وتابعت رئيس قسم أصول الفقه: وكذلك يتجلى احترام المشاعر في كيفية تقديم النصيحة؛ حيث يُفضل أن تكون تلميحًا بدلًا من تصريح، وتصحيحًا بلا تجريح، كما قال عطاء بن رباح -رحمه الله-: إن الرجل قد يُحدِّثه بشيء؛ فينصت له كأنه يسمعه لأول مرة، رغم أنه قد سمعه من قبل. هذه المبادئ تعكس روح الإسلام في التعامل مع الآخرين، وتعزيز العلاقات الإنسانية القائمة على الاحترام والتفاهم، فمراعاة المشاعر ليست فقط واجبًا دينيًّا، بل هي أيضًا تعبير عن الإنسانية؛ مما يسهم في بناء مجتمعات متماسكة تسودها المحبة والتعاون.
من جانبها، أكدت الدكتورة/ هاجر سالم، على أهمية مراعاة الجانب العاطفي للمرأة في الشريعة الإسلامية؛ حيث أخذت في الاعتبار الفروق الجسدية والنفسية؛ مما أدى إلى تخفيف بعض التكاليف عنها، مثل: الجهاد، وصلاة الجماعة. كما أن الشريعة الإسلامية اعتنت بمشاعر المرأة في العديد من الأحكام الشرعية، حيث اعتبرت صمت البكر البالغة في عقد النكاح بمثابة موافقة؛ نظرًا لما قد يعتريها من خجل عند التصريح بالموافقة.
وفي السياق ذاته، أكدت د/ سناء السيد، أن الإسلام الحنيف يحثنا على الاهتمام بمراعاة المشاعر وجبر القلوب، وكسب النفوس؛ إذ حرَّم الخِطبة على الخطبة، وحرم البيع على البيع، وأوجب العدل بين الأولاد وبين الزوجات، وأمرنا ألا ننسى الفضل بيننا، وأن أحدنا لا يؤمن حتى يُحبَّ لأخيه ما يحبُ لنفسه، وأن المسلم أخو المسلمِ لا يَظلِمُهُ ولا يَخذُلُهُ ، ولا يَحقِرُهُ ، وأُمرنا بستر عورات المسلمين، والسعي في قضاء الحوائج وتنفيس الكربات، وعيادة المرضى، وتشييع الجنائز، وإفشاء السلام، ودعا إلى الإحسان إلى اليتيم والأرملة والمسكين، ودعا إلى الشكر والمكافأة على المعروف وغير ذلك من الأحكام والآداب التي تنهض بالمشاعر، وتقضي على روح الأثرة والقسوة.