الجامع الأزهر


العلوم الشرعية و العربية

في ندوة "الإسلام والأمن الأُسري".. ملتقى "شبهات وردود "بالجامع الأزهر يواصل دفاعه عن قضايا الأسرة
Sameh Eledwy

في ندوة "الإسلام والأمن الأُسري".. ملتقى "شبهات وردود "بالجامع الأزهر يواصل دفاعه عن قضايا الأسرة

د. عبد الفتاح العواري: الأسرة هي اللبنة الأولى فإذا اعتُنِيَ بها سلم المجتمع من التفكك والانهيار

د.جميل تعيلب: الضمانة الحقيقية للأمن العالمي تكمن في استقرار الأسرة.. وهو ما حث عليه الإسلام في مراحل بناء بيت الزوجية

 

     عقد الجامع الأزهر الشريف أمس الثلاثاء، ندوة جديدة من ملتقى "شبهات وردود"، بعنوان: "الإسلام والأمن الأُسري"، وحاضر فيها كل من، د. عبد الفتاح العواري، عميد كلية أصول الدين الأسبق، ود. جميل تعيلب، وكيل كلية أصول الدين بالقاهرة، ود. علي مهدي، أستاذ الفقه المساعد بكلية الدراسات الإسلامية وعضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، وأدار اللقاء د. محمد عبد الخالق، الباحث بوحدة العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر.

وخلال اللقاء، قال الدكتور عبد الفتاح العواري: إن الأسرة هي اللبنة الأولى للمجتمع فإذا اعتُني بها وصح بناؤها سلم المجتمع من التفكك والانهيار، فالإسلام بشريعته السمحة يعنى عناية فائقة بالنواة الأولى في المجتمع وهي الأسرة، بدءًا من اختيار الأم عند إرادة الخطبة، فطالب الشرع الرجل أن يختار الأم الصالحة لأبنائه التي بدورها تستطيع أن تصل بالأسرة إلى بر النجاة، فالزوجة الصالحة كنز من كنوز الجنة، فيجب أن يبحث الزوج عن الزوجة التقية النقية الصالحة ذات المعدن النفيس وهذا ما وضحه لنا نَبِيُّنَا مُحَمد ﷺ في وصية للمقبلين على الزواج حيث قال نَبِيُّنَا مُحَمد ﷺ: "تزوجوا في الحجر الصالح فإن العرق دساس".

وأوضح الدكتور “العواري” ، أن الإسلام يوجه أيضًا ولي الفتاة إلى ما يحقق لها السعادة والطمأنينة والسكينة والمودة في بيتها الجديد، فيقول النبي ﷺ: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" أي إن لم تصنعوا هذا الصنيع في الاختيار تكن فتنة في الأرض وفساد عريض، مؤكدًا أن الإسلام لا يريد من الزوج أن يكون فاحشًا أو فظًّا غليظًا مع زوجته، وهذا ما وضحه الله سبحانه وتعالى في كتابه، قال تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} فالمعروف كل ما هو جميل وحسن وطيب، وأكد ذلك حبيب القلوب محمد ﷺ حيث قال: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) وكانت وصيته ﷺ ساعة الاحتضار: " اتَّقوا اللهَ في النساءِ؛ فإنَّكم أخذتُموهنَّ بأمانةِ الله، واستحلَلْتُم فروجَهنَّ بكلمةِ الله"، مضيفًا: كما للرجل حقوق فعليه واجبات، وأن لشريعة الإسلام السمحة ميزانًا دقيقًا لو طبقته الأسرة المسلمة لنجت وأصبحت آمنة مستقرة.

من جانبه، بيّن الدكتور جميل تعيلب، أن الضمانة الحقيقية للأمن العالمي تكون من خلال أمن الأسرة، فلقد راعى الإسلام ما يجب على الأسرة فعله حتى لا تتشرذم، حيث بيّن العلاقة قبل الزواج باختيار الزوجة الصالحة، وفي أثناء الزواج بالمعاشرة بالمعروف وتربية الأبناء تربية صحيحة، وعند حدوث الخلاف بالصلح بينهم كما بين الله سبحانه وتعالى في كتابه حيث قال: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [ سورة النساء: 35]. وإن خفتم - يا أولياء الزوجين- أن يصل الخلاف بينهما إلى العداوة والتدابر، فابعثوا رجلًا عدلًا من أهل الزوج، ورجلًا عدلًا من أهل الزوجة؛ ليحكما بما فيه المصلحة من التفريق أو التوفيق بينهما، والتوفيق أحب وأولى، فإن أراده الحَكَمان وسلكا الأسلوب الأمثل إليه يوفق الله بين الزوجين، ويرتفع الخلاف بينهما، إن الله لا يخفى عليه شيء من عباده، وهو عليم بدقائق ما يخفونه في قلوبهم.

وفي السياق ذاته، أوضح د. علي مهدي، أن الأسرة المسلمة صمام أمان المجتمع، فالإسلام العظيم ينظر للأسرة المسلمة على أنها صمام أمان المجتمع، فقرار بقاء الأسرة ليس قرارًا فرديًّا يمارسه الإنسان أو أحد الطرفين بمحض إرادته وإنما هو قرار جماعي يتأثر به المجتمع، فبناء الأسرة مسئولية عظيمة تناط بالزوج والزوجة معًا، فالله - سبحانه وتعالى - سمى الزواج بالميثاق الغليظ، وينبغي على كل واحد من الطرفين أن يدرك حجم المسئولية الملقاة على عاتقه؛ لأن الزواج هو أساس استقرار المجتمع.

وأكد د. مهدي أن أكثر حالات الطلاق نجدها تحدث في الأشهر الأولى للزواج وتزداد حالات الطلاق في المدن التي يُتصور في أهلها الثقافة والمدنية والحضارة، وإذا أردنا أن نفتش عن المتهم وراء كثرة حالات الطلاق فسنجدها حتمًا ولا ريب وسائل التواصل الاجتماعي، وهتك الأسرار وكشف العورات التي أمر الله تبارك وتعالى بسترها، وأيضًا الخيانة في النصيحة وإثارة العداوات بين الأزواج، ولقد رصد لنا الفقه الإسلامي هذه الظاهرة فالنبي ﷺ قال: "ليس منا من خبب امرأة على زوجها" أي من سَعى في إفساد امرأة على زوجها، سواء أكان المُفسد رجلًا أم امرأة، وذلك بأن يُذكر عندها مساوئ زوجها وسوء أخلاقه حتى تكره زوجها وتتمرد عليه وتسعى إلى التخلص منه بالطلاق أو الخلع، واختتم حديثه قائلًا: أُسَرُنَا أمانةٌ تحتاج منا أن نصبر من أجلهم ليتحقق الأمن والأمان في المجتمع.

يُذكر أن ملتقى شبهات وردود يعقد الثلاثاء من كل أسبوع، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وبتوجيهات أ.د محمد الضويني، وكيل الأزهر، وإشراف أ.د عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأنشطة العلمية للرواق الأزهري بالجامع الأزهر، والدكتور هاني عودة، مدير الجامع الأزهر.

الموضوع السابق ملتقى المرأة بالجامع الأزهر يناقش خطورة الاستخدام السيئ لوسائل التواصل على المجتمع
الموضوع التالي في نسخته الحادية والأربعين.. ملتقى الطفل يناقش “السماحة في الإسلام” بالجامع الأزهر
طباعة
380 Rate this article:
5.0