الجامع الأزهر


العلوم الشرعية و العربية

ملتقى التفسير ووجوه الإعجاز القرآني.. الدكتور/ حسني التلاوي: المعجزة أمر خارق للعادة يظهره الله على يد الأنبياء دليلًا على صدق نبوتهم
Sameh Eledwy

ملتقى التفسير ووجوه الإعجاز القرآني.. الدكتور/ حسني التلاوي: المعجزة أمر خارق للعادة يظهره الله على يد الأنبياء دليلًا على صدق نبوتهم

الدكتور/ مصطفى إبراهيم: الذبابة لديها القدرة على تحديد العوامل الجوية من خلال الخلايا المنتشرة على جسدها.. والتي تمثل محطة أرصاد جوية متنقلة

الشيخ حبيب الله: مهما تقدم الإنسان لكنه سيظل عاجزًا أمام قدرة الله سبحانه وتعالى

عقد الجامع الأزهر اليوم الأحد، ملتقى التفسير ووجوه الإعجاز القرآني الأسبوعي تحت عنوان: "مظاهر الإعجاز في خلق الذباب"، بمشاركة أ.د/ مصطفى إبراهيم، الأستاذ بكلية العلوم جامعة الأزهر، وأ.د/ حسني التلاوي، أستاذ البلاغة والنقد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة، وأدار اللقاء الشيخ/ علي حبيب الله، الباحث بالجامع الأزهر.

وخلال اللقاء، قال الدكتور/ حسني التلاوي، أستاذ البلاغة والنقد بجامعة الأزهر: إن ما جاء في القرآن الكريم من حديث عن الذباب "نداء عام يشمل المؤمن وغير المؤمن في قوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ}، ثم إن قوله تعالى: {ضُرِبَ مَثَلٌ} دليل على أن هذا الأمر عجيب؛ ولذلك سمي مثلًا، ولم يذكر القرآن الكريم من الذي ضرب المثل؛ ليتوجه الفهم إلى المثل فقط ويركز عليه، ثم إن قوله: {فَاسْتَمِعُوا لَهُ} تنبيه للإصغاء التام لهذا الأمر، ثم قال عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} أي: إن الذين تعبدون من دون الله لن يخلقوا أي شيء ولو {ذُبابًا} حتى لو اجتمعوا لهذا الأمر؛ فلن يستطيعوا، مبينًا أن الله سبحانه وتعالى عندما خلق الخلق، منحهم صفات واستأثر لنفسه -عز وجل- بصفات خارقة لا تكون لأحد من خلقه؛ لذلك فالمعجزة صفة من صفات الله سبحانه وتعالى يُظهرها على يد الأنبياء؛ تصديقًا لهم، كدليل على صدق نبوتهم، وأن ما جاءوا به من عند الله سبحانه وتعالى.

وأوضح د. التلاوي، أن استخدام لفظ {لَنْ} في قوله: {لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا}؛ لتأكيد النفي في الحاضر والمستقبل، وقال ابن سيده في معجم "المحكم والمحيط الأعظم": إن اللفظ الصحيح (ذبابًا) ويطلقونها ويراد بها الواحد، وفيها دليل أن الإعجاز تحدى هؤلاء أن يخلقوا ولو حتى ذبابة واحدة، والآية تؤكد لو أن العلماء كلهم اجتمعوا لن يستطيعوا خلق ذبابة واحدة، كما أن القرآن يضاعف في تحدي هؤلاء في قوله: {وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ}؛ أي: إنهم لا يستطيعون أن يخلصوا هذا الشيء من الذباب.

من جانبه، أكد الدكتور/ مصطفى إبراهيم، أن الخطاب في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ۖ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ۚ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} موجه إلى العلماء والمتخصصين في كل المجالات؛ أي إن هؤلاء رغم براعتهم في علومهم لا يستطيعون أن يخلقوا لو حتى خلية واحدة من الذباب. والعلم أثبت بعد ذلك أن الذبابة الواحدة بها سبعمائة مليون خلية، وأقصى ما توصل إليه العلم الحديث هو تجميع مكونات الخلية، لكن دون أن يكون بها "روح".

وأوضح الدكتور/ مصطفى إبراهيم، أن هناك (100 ألف) نوع من الذباب في العالم، وكل نوع له بيئة تناسبه في التعايش، كما أن دورة حياة الذبابة تمر بأربعة أطوار: تبدأ بالبيضة، ثم اليرقة، ثم شرنقة، ثم الذبابة. كما أن الذبابة تحتوي الأجهزة الموجودة نفسها في جسم الإنسان، ولديها جهاز عصبي دقيق جدًّا تستطيع من خلاله شم الروائح على بعد 5 كيلو متر، والتمييز بينها بدقة عالية، حتى ولو كانت هذه الروائح على عمق (30) مترًا تحت الأرض. كما أن عين الذبابة بزاوية (360) درجة، وهو ما يمكنها من الرؤية في كل الاتجاهات، وكل عين تحتوي أربعة آلاف عوينة، وكل عوينة منها بها خلية عصبية، متصلة جميعها بالمخ؛ لتحقيق دقة في الرؤية لدى هذا الكائن الصغير؛ وهو ما يجعل الصورة دقيقة ومركزة.

وأضاف الأستاذ بكلية العلوم ، أن عين الذبابة وحدها تكفي للتحدي؛ لأن عين الذباب خُلقت بإعجاز عظيم، فلو نظرنا إلى عوينة واحدة من الأربعة آلاف عوينة الموجودة داخل العين الواحدة للذبابة، لوجدناها تحتوي على مجموعة من الخلايا تبلغ ما يقرب من نصف مليون خلية، ترتكز على غشاء من الداخل؛ لكي تستطيع التمييز بين الألوان. واشتمال العين الواحدة في الذبابة على كل هذه الخلايا دليل على قدرة الله سبحانه وتعالى وعظمته. كما أن الذبابة تشتمل على شعيرات عصبية تستقبل من خلالها الروائح، وتحدد مصدرها ونوعها. كما أن جناح الذبابة يتحرك (200) مرة في الثانية الواحدة؛ لذلك لو نظرنا إليه نجده به دعامات ليكون قويًّا، إضافة إلى أن الذباب يتعرف على طعامه من خلال شعيرات منتشرة على أجزاء جسمه.

وبيَّن الدكتور/ مصطفى إبراهيم، أن الله سبحانه وتعالى منح الذبابة القدرة على تحديد العوامل الجوية، كسرعة الرياح، وحرارة الجو، ودرجة الرطوبة، وغيرها من العوامل، من خلال الخلايا المنتشرة على جسد الذبابة، والتي تمثل محطة أرصاد جوية متنقلة لهذا الكائن الصغير. كما أن الذبابة بها ستة أرجل، تُمكِّنها من التعامل مع كل الأسطح، من خلال الوسادات تلتصق بالأسطح، وللذبابة خلايا تذوق، تُحدد بها طعم الأشياء من خلال الخلايا الموجودة في الفم، وتملك القدرة لإخراج الإنزيمات التي تساعدها على هضم الطعام المختلف.

وفي السياق ذاته، قال الشيخ/ حبيب الله، الباحث بالجامع الأزهر: إن مظاهر الإعجاز في خلق "الذباب" تدل على قدرة الله سبحانه وتعالى، وأسراره التي وضعها في كل مخلوقاته، وأن كل قدرة مقيدة أمام قدرة الله سبحانه وتعالى، ولو نظرنا اليوم إلى العلوم وما بلغته من تطور وتقدم، وما يمتلكه الإنسان من تقنيات، لوجدنا أنه سيظل عاجزًا أمام قدرة الله سبحانه وتعالى.

يذكر أن ملتقى "التفسير ووجوه الإعجاز القرآني" يُعقد الأحد من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وبتوجيهات من الأستاذ الدكتور/ محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، ويهدف الملتقى إلى إبراز المعاني والأسرار العلمية الموجودة في القرآن الكريم، ويستضيف نخبة من العلماء والمتخصصين.
 

الموضوع السابق وكيل الأزهر يدشن مشروع “إحياء مزولة الجامع الأزهر"
الموضوع التالي مدير الجامع الأزهر يتفقد سير الدراسة برواق العلوم الشرعية بالإسكندرية
طباعة
454 Rate this article:
لا يوجد تقييم