الجامع الأزهر


العلوم الشرعية و العربية

‏ملتقى السيرة النبوية بالجامع الأزهر: غزوة بدر تُعدُّ نموذجًا عمليًّا على حُسن توكل النبي صلى الله عليه وسلم على ربه.. والأخذ بأسباب النصر
Sameh Eledwy

‏ملتقى السيرة النبوية بالجامع الأزهر: غزوة بدر تُعدُّ نموذجًا عمليًّا على حُسن توكل النبي صلى الله عليه وسلم على ربه.. والأخذ بأسباب النصر

على الأمة الإسلامية اليوم أن تستلهم من غزوة بدر روح الوحدة والتماسك والثقة.. والتي كانت دافعًا في تحقيق النصر على عدوهم

عقد الجامع الأزهر اليوم الأربعاء، اللقاء الأسبوعي لملتقى السيرة النبوية، تحت عنوان: "النبي صلى الله عليه وسلم بين براعة التخطيط والثقة في نصر الله- غزوة بدر نموذجًا" وذلك بحضور: أ.د/ السيد بلاط، أستاذ ورئيس قسم التاريخ والحضارة الإسلامية بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر سابقًا، وأ.د/ خالد عبد النبي عبد الرازق، أستاذ الحديث وعلومه بكلية أصول الدين بالقاهرة، وأدار الحوار الشيخ/ وائل رجب، الباحث بالجامع الأزهر الشريف.

في بداية الملتقى، قال أ.د/ السيد بلاط: إن غزوة بدر تُعدُّ نموذجًا عمليًّا على براعة النبي -صلى الله عليه وسلم- في التخطيط، وتجلَّى ذلك بوضوح من خلال عدة أمور، أولها: تطبيقه صلى الله عليه وسلم لمبدأ الشورى مع صحابته الكرام؛ ليعطي درسًا لكل من تولَّى أمرًا من أمور المسلمين بضرورة البحث عن الرأي الصواب، واعتماد مبدأ الشورى في إدارة شئون المسلمين، والثاني: جمع المعلومات الدقيقة عن العدو الذي يواجهه. وفي هذا درس مهم بضرورة تقدير الأمور تقديرًا صحيحًا من خلال جمع المعلومات الموثوقة التي تقدر لنا الأمور بقدرها دون تهويل أو تهوين.

والأمر الثالث: بناء "عريش لقائد الجيش"؛ أي: ظُلة في وسط الجيش؛ لتكون حصنًا للقائد ومظلة القيادة للمعركة؛ ليكون القائد قادرًا على توجيه المعركة بفاعلية، واستعادة زمام الأمور في حالة تعثر الجيش. والأمر الرابع: اتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- إستراتيجية جديدة في القتال وهي إستراتيجية الصفوف المنظمة، كبديل لأسلوب "الكَرِّ والفَرِّ" والذي كان هو الأسلوب المتبع في الحرب عند العرب. والأمر الخامس: التزام الجيش بالأوامر التي يصدرها قائد الجيش وخطة القتال وتنفيذها حرفيًّا، سواء كان ذلك في بدء المعركة، أو في أثناء المعركة؛ ليكون جيش المسلمين موحدًا في بطشه وفي دفاعه.

وأوضح الدكتور/ سيد بلاط، أن النصر كان حليف المسلمين في غزوة بدر؛ بفضل قدرة وبراعة الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم بفضل التزام جيش المسلمين بأوامر النبي صلى الله عليه وسلم، وتنفيذها على الوجه الأكمل، والتي أظهرت عبقرية النبي -صلى الله عليه وسلم- في كل شيء حتى في الجوانب العسكرية، وقدرته على تدبير أمرها ببراعة لا مثيل لها، من خلال تحديد أهداف المعركة، وتحديد التوقيت المناسب لها، وحث الجنود على الاستخدام المحكم لكل أدوات المعركة في وقتها المناسب؛ لتحقيق الهدف بأقل الخسائر الممكنة، مبينًا أن لجوء المسلمين إلى الله وكونهم أصحاب حق، إضافة إلى براعة النبي -صلى الله عليه وسلم- في التخطيط- جعل النصر حليفًا للمسلمين، رغم أن قوانين الحرب لم تكن لتمنحهم النصر، وبخاصة أن عددهم أقل بكثير من جيش عدوهم.

من جانبه، قال الدكتور/ خالد عبد النبي: إن غزوة بدر مثلًا أعلى في التوكل على الله، فمنذ التخطيط على الحرب وحتى تحقيق النصر، وتظهر ثقة النبي -صلى الله عليه وسلم- وتوكله الكامل على الحق جل وعلا، رغم قلة عدد جيش المسلمين مقارنة بجيش عدوهم، لكن توكل النبي -صلى الله عليه وسلم- على ربه جعله متيقنًا أن النصر سيكون له ولأصحابه. كما أن التوكل على الله هو الذي جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يتجاوز كل المحن والتحديات التي واجهها طوال حياته، لكنه صلى الله عليه وسلم أراد من خلال التخطيط والإعداد الدقيق للمعركة، وحساب كل خطواتها خطوة خطوة- أن يُعلِّمنا أن نأخذ بالأسباب، وأن نجتهد في الوصول إلى الهدف.

وذكر الدكتور/ خالد عبد النبي، أن النصر لا بُدَّ له من أسباب؛ فلا يمكن أن تنتصر الأمة الإسلامية على عدوها رغم كونها صاحبة حق وعلى صواب ما لم تأخذ بالأسباب، وهو ما أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يؤسس له في غزوة بدر. فإذا توكل المسلمون على ربهم حق التوكل، وأخذوا بالأسباب- كان النصر حليفهم على أعدائهم؛ فلا يمكن أن يأتي النصر دون الأخذ بالأسباب، وعلى الأمة اليوم أن تستلهم من صفوف غزوة بدر روح الوحدة، والتماسك، والثقة، والتي كانت دافعًا قويًّا لهم في تحقيق النصر على عدو الله وعدوهم. وما أحوج الأمة اليوم أن تكون على هذه الحالة التي أظهرت جَلَدَ المسلمين وصدق إيمانهم، مشيرًا إلى أن المسلمين في غزوة بدر عندما كانوا على قلب رجل واحد أرهب الله عدوهم، وقذف في قلبه الرعب.

وفي السياق ذاته، أكد الشيخ/ وائل رجب، أن النبي -صلى الله وسلم- في كل أموره يأخذ بالأسباب التي تؤدي إلى نصر الأمة الإسلامية وتقوية دعائمها؛ ففي غزوة بدر حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على الأخذ بكل أسباب النصر، سواء كان ذلك في تقصي المعلومات عن العدو، بالإضافة إلى دراسة ظروف المكان الذي تدور فيه المعركة، والاعتماد على الشخص المناسب في كل مرحلة من مراحل هذه المعركة، معتمدًا أسلوب الشورى والنقاش بينه وبين صحابته الكرام؛ ليصل إلى الرأي الصائب الذي يحقق النصر والعزة للمسلمين.

يُذكر أن ملتقى "السيرة النبوية" يُعقد الأربعاء من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وبتوجيهات من الأستاذ الدكتور/ محمد الضويني، وكيل الأزهر؛ بهدف استعراض حياة النبي محمد ﷺ، وإلقاء الضوء على المعالم الشريفة في هذه السيرة العطرة، وبيان كيفية نشأته، وكيف كان يتعامل مع الناس، وكيف كان يُدبِّر شئون الأمة؛ للوقوف على هذه المعاني الشريف؛ لنستفيد بها في حياتنا.
 

الموضوع السابق خلال اللقاء الأسبوعي لملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة.. أمين البحوث الإسلامية: الانتماء للأوطان شيء مُقدَّس لا يمكن التهاون فيه.. والتفريط فيها خيانة كبرى
الموضوع التالي مدير الجامع الأزهر يجتمع مع محفظي وأعضاء الرواق الأزهري بالأقصر
طباعة
64 Rate this article:
لا يوجد تقييم