الجامع الأزهر


العلوم الشرعية و العربية

ملتقى القضايا المعاصرة بالجامع الأزهر: الأمة اليوم أحوج ما تكون إلى استعادة تماسكها وتوحيد كلمتها
Sameh Eledwy

ملتقى القضايا المعاصرة بالجامع الأزهر: الأمة اليوم أحوج ما تكون إلى استعادة تماسكها وتوحيد كلمتها

حرمة الدماء أصلٌ قرآني راسخ لا يقبل المساومة ولا التهاون
وحدة الصف فريضة شرعية لحماية الأمة في زمن الفتن

     عقد الجامع الأزهر، أمس الثلاثاء، ملتقى «الأزهر للقضايا المعاصرة» تحت عنوان: «حرمة الدماء ووحدة الصف»، بحضور : أ.د/ محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، وأ.د/ عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الرواق الأزهري، وأ.د/ ربيع الغفير، أستاذ اللغويات بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة، وأدار اللقاء أ/ رضا عبد السلام، الإعلامي بإذاعة القرآن الكريم.
وخلال اللقاء، قال الدكتور/ محمد الجندي: إن الله خلق الإنسان من نفسٍ واحدة، ولم يخلق نفسًا من ذهب وأخرى من فضة، بل خلقنا جميعًا من ترابٍ واحد، وجعل حرمة النفس الإنسانية أصلًا ثابتًا في هذا الكون؛ فلا يجوز أن تُزهق إلا بالحق. وأوضح “الجندي” أن تغليب النزعة المادية على الروحية يُفسد التوازن في شخصية الإنسان، ويحوِّل المجتمعات إلى غابةٍ يقتل فيها القوي الضعيف، لافتًا إلى أن رسالة النبي ﷺ جاءت لتعيد لهذا التوازن مكانته، فالإسلام وازن بين العنصرَين: المادة والروح، ليظل الإنسان في صورته الكاملة، لا تمثالًا جامدًا ولا طيفًا ضائعًا. وأشار إلى أن سفك الدماء بلا حق يُعدُّ من أعظم الجرائم التي تُنذر بانهيار الإنسانية، مؤكدًا أن الإسلام جاء ليؤسس لواقعٍ قوامه العدل والتسامح وصون النفس، وقدم رسول الله ﷺ نموذجًا حيًّا لهذه القيم في أوقات السلم والحرب معًا.
من جانبه، أوضح الدكتور/ ربيع الغفير، أن من أقدار الله التي قدَّرها على هذه الأمة وقوع الفتن والاضطرابات، مؤكدًا أن ذلك ابتلاء يُغربِل الصفوف ويختبر الصدور، وليس دلالة على الهلاك أو الزوال، بل هو جزء من سنن الله الجارية في الأمم، مستشهدًا بما رُوي عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما، حين رأى اقتتالًا بين المسلمين في أحد أسواق الشام، فعجب من قومٍ ربهم واحد، ونبيهم واحد، وكتابهم واحد، يستحل بعضهم دماء بعض.
وأشار الدكتور/ ربيع الغفير، إلى أن الابتلاءات هي امتحانات إلهية تُمحص الأمة وتُعيدها إلى رشدها، لاسيما حين تغيب بوصلة الاتحاد، وتظهر نوازع العصبيات والتفرق، موضحًا أن النبي ﷺ كان يحمل همَّ هذه الأمة ليلًا ونهارًا، وكانت الآيات التي تصف بأس الله على الأمم تقضُّ مضجعه، كما في قوله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا﴾،  والفتنة الداخلية من أعظم ما يُبتلى به المسلمون، والواجب على الأمة هو الاعتصام بحبل الله جميعًا، والتناصح والاجتماع، لا التناحر والتدابر.
وفي السياق ذاته، أكد الإعلامي/ رضا عبد السلام، أن موضوع «حرمة الدماء ووحدة الصف» يُعدُّ من أكثر القضايا إلحاحًا في ظل ما تمر به الأمة من تحديات جسام واستباحة لدماء أبنائها في مواضع شتى، مشيرًا إلى أن التفرُّق والتنازع بين أبناء الأمة يُهيئ بيئة خصبة لتكرار المآسي وتضاعف الابتلاءات، وهو ما يفرض ضرورة الوعي بخطورة المرحلة، واستدعاء معاني الأخوة والوحدة التي دعا إليها الإسلام. وأن الأمة اليوم أحوج ما تكون إلى استعادة تماسكها الداخلي وتوحيد كلمتها، فالأجساد إذا تفرَّقت ضعفت، وإذا اجتمعت اشتدَّت.

الموضوع السابق ملتقى المرأة بالجامع الأزهر يناقش كيفية جهاد النفس بعد الحج
طباعة
13 Rate this article:
لا يوجد تقييم