الجامع الأزهر


رواق اللغة العربية للناطقين بغيرها

ملتقى السيرة النبوية بالجامع الأزهر.. د.صلاح عاشور: الهجرة إلى بلاد الحبشة كانت بتوجيه من النبي ﷺ لأصحابه.. ليكونوا في مأمن من بطش كفار مكة
Sameh Eledwy

ملتقى السيرة النبوية بالجامع الأزهر.. د.صلاح عاشور: الهجرة إلى بلاد الحبشة كانت بتوجيه من النبي ﷺ لأصحابه.. ليكونوا في مأمن من بطش كفار مكة

د.خالد عبد الرازق: هجرة النبي ﷺ كانت بداية تحول المسلمين إلى كيان قادر على حماية نفسه والدفاع عن دينه

عقد الجامع الأزهر اليوم الأربعاء، اللقاء الأسبوعي لملتقى السيرة النبوية، بعنوان: "الهجرة بالدين بين الألم والأمل" بحضور كل من أ.د صلاح عاشور، أستاذ التاريخ وعميد كلية اللغة العربية السابق، وأ.د خالد عبد النبي عبد الرازق، أستاذ الحديث وعلومه المساعد بكلية أصول الدين بالقاهرة، وأدار الحوار الشيخ إبراهيم حلس، مدير إدارة الشئون الدينية بالجامع الأزهر.

وخلال اللقاء، قال الدكتور صلاح عاشور: الهجرة إلى الحبشة هي واحدة من الأحداث المفصلية في تاريخ الدعوة الإسلامية، حملت في طياتها كثيرًا من المعاني لدى المسلمين الذين تركوا أموالهم وديارهم وأقاربهم في مكة، متوجهين إلى مكان لا يعرفون عنه الكثير، ولكن التوجيه النبوي منه ﷺ طمأن المهاجرين في رحلتهم إلى الحبشة، عندما مدح النجاشي ملك الحبشة قائلًا: "ملك لا يظلم عنده أحد"، وفي نصح النبي ﷺ لأصحابه بالهجرة إلى الحبشة، رحمة بهم ولحمايتهم من البطش والتنكيل الذي ينالهم في مكة، وتعتبر هجرة المسلمين إلى بلاد الحبشة الهجرة الجماعية الأولى لأهل مكة خارج حدود الجزيرة العربية، وتكونت من اثنى عشر رجلًا وامرأتين، وكان على رأسهم سيدنا عثمان بن عفان وزوجه السيدة رقية بنت سيدنا رسول الله ﷺ، وعبد الله بن الزبير، وعبد الرحمن بن عوف.

وأوضح العميد السابق لكلية اللغة العربية، أن الصحابة منذ أن أعلن النبي ﷺ عن دعوته تعرضوا رضوان الله عليهم لكثير من العنت والاضطهاد في مكة من قبل المشركين، الذين رفضوا دعوة الرسول ﷺ رفضًا قاطعًا وبذلوا كل جهد لمحاولة أن يحولوا بينه وبين هذه الدعوة التي جاءت لتدعوا الناس إلى عبادة الله سبحانه وتعالى وتخرجهم من ظلمات الشرك، وكان موقف المشركين الرافض لهذه الدعوة نابعًا من الخوف على مصالحهم الشخصية، التي سوف تتأثر نتيجة التضييق الذي سيحدث على تجارة مكة من قبل المجتمعات الخارجية لظهور الدعوة الإسلامية فيها.

وأضاف إن  الدعوة الإسلامية كانت تلاقي تضييقًا شديدًا في مكة في بداية عهدها، حيث ظل النبي ﷺ في مكة 13 عامًا قبل الهجرة لم يؤمن به أكثر من خمسين شخصًا فقط، لهذا كانت الهجرة النبوية إلى المدينة المنورة هي بداية انتشار الإسلام إلى كل البقاع لدرجة أنها بلغت مشارف أوروبا في أول عهدها.

من جانبه، قال الدكتور خالد عبد النبي عبد الرازق، أستاذ الحديث وعلومه المساعد بكلية أصول الدين بالقاهرة: إن السيرة النبوية المطهرة تبين لنا كيف أن أحداثها كانت علامة مضيئة في تاريخ الإنسانية، وكيف كان الناس يعيشون قبل ميلاد النبي ﷺ، والتحولات التي حدثت بعد ميلاده، مبينًا أن هجرة النبي ﷺ أصبحت علامة بارزة في سبيل الدعوة إلى الله، وتحول المسلمين إلى كيان قادر على حماية نفسه وصون كرامته، وبدأ المسلمون يمارسون شعائرهم في العلن بعد أن كانوا يجتمعون سرًّا في مكة، وهو تحول عظيم.

وأضاف د. خالد عبد الرازق: إن النبي ﷺ لم يقدم على الهجرة إلا بعد التضييق الشديد الذي تعرض له في مكة، والتنكيل والتعذيب الذي كان ينال أصحابه الكرام من قبل المشركين، الذين مارسوا أشد أنواع التنكيل والظلم في سبيل الحيلولة بين النبي ﷺ ودعوته، كما أن الهجرة جاءت لتؤكد صدق إيمان الصحابة ومؤازرتهم لرسول الله ﷺ لأنهم أقبلوا على أمر جلل وهو مفارقة الوطن والأهل والمال، ولا يمكن أن يقبل شخص على هذا العمل إلا إذا كان صادقًا فيما يدعوا ويعتقد، وهو دليل على تمام الخضوع والانصياع لأوامر الله ورسوله ﷺ، وعلينا أن نقتدي بالصحابة رضوان الله عليهم، في الامتثال لأوامر الله سبحانه وتعالى، مفسرًا صدق الصحابة والتضحيات التي قدموها من أجل التمسك بدعوة الإسلام، لما وجدوه من عدل وحفظ لإنسانيتهم وصون لكرامتهم في الدين الإسلامي، كما أن انتشار الإسلام في الأرض يحدث الأمن والاستقرار، فلم تشهد البشرية سلامًا كما شهدته تحت سماء الإسلام.

وفي السياق ذاته، أكد الشيخ إبراهيم حلس، مدير إدارة الشئون الدينية بالجامع الأزهر، أن رفض المشركين للدعوة الإسلامية، ارتبط بنظرة أنانية ضيقة، بسبب الخوف على مصالحهم الشخصية والتجارية، ولم ينظروا إلى حقيقة هذا الدين، الذي جاء ليرسي قواعد الأمن والعدل والاستقرار، والمسلم الحق دائمًا ما يبحث عن الأمن والاستقرار في أي مكان من الأرض، لهذا هاجر الصحابة بدينهم فقط وتركوا كل شيء، من أجل الحفاظ على الدين الذي هو أول مقاصد الشريعة الإسلامية.

يُذكر أن ملتقى السيرة النبوية يُعقد الأربعاء من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وبتوجيهات من الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، ويهدف الملتقى إلى تسليط الضوء على المعاني الجليلة في السيرة النبوية المشرفة.


 

الموضوع السابق ملتقى “القضايا المعاصرة” بالجامع الأزهر يفنِّد شُبهات المشككين حول الإسراء والمعراج
الموضوع التالي بحضور “الضويني”.. الجامع الأزهر يحتفي بذكرى الإسراء والمعراج.. الإثنين المقبل
طباعة
292 Rate this article:
لا يوجد تقييم