الجامع الأزهر


رواق اللغة العربية للناطقين بغيرها

خلال اللقاء الأسبوعي لملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة.. أمين عام هيئة كبار العلماء: أنصبة المواريث إلزامية.. ومن خالفها كما جاءت في القرآن الكريم فهو ضالٌّ ومُضلٌّ للناس
Sameh Eledwy

خلال اللقاء الأسبوعي لملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة.. أمين عام هيئة كبار العلماء: أنصبة المواريث إلزامية.. ومن خالفها كما جاءت في القرآن الكريم فهو ضالٌّ ومُضلٌّ للناس


المساواة المطلقة بين الرجال والنساء في الميراث تَظلِم النساء وتُضيِّع عليهن الكثير من الحقوق

 

     عقد الجامع الأزهر أمس الثلاثاء، اللقاء الأسبوعي لملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة، تحت عنوان: "فريضة الميراث شبهات وردود" وذلك بحضور: أ.د/ عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، وأ.د/ محمد نجيب عوضين، أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة القاهرة، وأدار اللقاء الدكتور/ هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر.

في بداية الملتقى، قال أ.د/ محمد نجيب: إن الميراث من المسائل القليلة التي نَظَّمها الحق سبحانه وتعالى تفصيلًا في القرآن الكريم؛ لكي يغلق الباب أمام الأهواء الشخصية؛ نظرًا لأهمية هذه المسائل، والمتخصصون في الميراث يعلمون هذا جيدًا؛ لأنهم يفهمون الفلسفة الحقيقية من القيود التي وضعها الحق سبحانه وتعالى في أنصبة المواريث. ومن فلسفات الميراث أن المحجوب في الميراث يؤثر في غيره. كما أن العدد من الإخوة يُنزلون الأم من الثلث إلى السدس، وهي فلسفة راعى فيها الشرع مصلحة الجميع، وكلها أحكام رُوعي فيها المصلحة. ولدقة هذه الأحكام تكفل الحق سبحانه وتعالى بتوزيعها دون تركها لأهواء البشر.

وبيَّن أستاذ الشريعة بكلية الحقوق جامعة القاهرة، أن الإسلام هو الذي حفظ حق المرأة في الميراث {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} لكن الأنصبة وضعها الشارع الحكيم لفلسفة معينة وليس بشكل عشوائي، وأن الدعوات التي تطالب بمساواة المرأة بالرجل في الميراث، لم يقف أصحابها على حقيقة وفلسفة الميراث، ولو نظرنا إلى آيات الميراث التفصيلية نجد أنها نزلت بسبب امرأة "عندما توفي سعد بن الربيع في غزوة أحد، ولم تكن آيات الميراث نزلت بعد، فذهب أخوه وحمل تركته وانصرف، ولم يترك لزوجته وبناته شيئًا؛ فذهبت زوجته للرسول -صلى الله عليه وسلم- تشكو له مما حدث؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اصبري؛ لعل الله يُنزل في شأنك شيئًا"، ونزلت بعدها بوقت قصير آيات الميراث، وهو دليل على أن آيات الميراث -على وضعها الحالي- جاءت لإنصاف المرأة.

وذكر أستاذ الشريعة بكلية الحقوق جامعة القاهرة، أن أضخم فروض الميراث النصيب الأكثر فيها للنساء؛ فتحصل المرأة على الثلثين في أربع مسائل: (البنت، وبنت الابن، والأخت الشقيقة، والأخت لأب) ولا توجد مسأَلة واحدة للذَّكر يحصل فيها على هذا الفرض، كما أن النصف تحصل عليه المرأة في أربعة مسائل: (البنت، وبنت الابن، والأخت الشقيقة، والأخت لأب) ويحصل عليه الذَّكَر في حالة واحدة وهي (الزوج)، ونجد أن نسبة 1% من مسائل الميراث تأخذ فيها المرأة نصف نصيب الرجل، وباقي المسائل قد تساوي الرجل أو تأخذ أضعافه، وأحيانًا تحجب المرأة الرجل؛ فلا يرث مع وجودها كما في مسأَلة (العصبة مع الغير) وهي: البنت، أو بنت الابن (الفرع الوارث) مع الأخت الشقيقة أو لأب، في هذه الحالة تحجب (الأخ الأب، وابن الأخ الشقيق، وابن الأخ لأب، والعم الشقيق، والعم لأب، وابن العم الشقيق، وابن العم لأب)، وما ظهر من دعوات بخلاف ذلك؛ فهي إنكار لمعلوم من الدين بالضرورة، ووَصْف الميراث بأنه "حكم بشري" هو ضرب من العبث.

من جانبه، قال الدكتور/ عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء: إن مسائل الميراث من المسائل القطعية التي لا تحتمل الخلاف؛ لأن القرآن الكريم حسمها تفصيلًا بكل حالاتها، والادعاء أن المرأة مظلومة في الميراث هي دعوة باطلة؛ لأن الذي قسم أنصبة المواريث هو الحق سبحانه وتعالى، وما فرضه الله هو عين العدل؛ لأن المساواة المطلقة بين الرجال والنساء في الميراث تظلم النساء، وتضيع عليهن الكثير من الحقوق، كما في حالة الزوجة مع البنت (الفرع الوارث)؛ فالبنت تأخذ النصف، والزوج يأخذ الربع، ثم تأخذ البنت الباقي تعصيبًا. وفي حالة الجدة لأم والجد لأم، فالجدة لأم تأخذ كل التركة؛ فتكون بذلك أخذت ثلاثة أضعاف الرجل. أما مساواة الرجال والنساء في المسائل التي تأخذ فيها المرأة أقل من الرجل، وهي حالات قليلة جدًّا في الميراث، تعد انتقائية، وهو أمر مخالف للمنهج العلمي. وجميع المسائل التي طرحها دعاة إنصاف المرأة في حقيقتها هي ظلم للمرأة؛ فالمرأة لم تُظلم في الميراث؛ لأن الذي فرض الأنصبة في المواريث هو الحق سبحانه وتعالى؛ لهذا بدأت الأنصبة بقوله سبحانه وتعالى: {نصيبًا مفروضًا} أي: مقدرة وواجبة.

وبيَّن الأمين العام لهيئة كبار العلماء، أن أنصبة المواريث إلزامية، ومن خالفها كما جاءت في القرآن الكريم فهو ضال ومضل للناس {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}؛ لهذا جاء النص القرآني، بقوله: {أن تضلوا} مُحذرًا من الوقوع في مثل هذا الجُرم، ولا يجوز لبشر كائن من كان أن يُعدِّل على أحكام الميراث التي فُرضت من قِبَلِ الحق سبحانه وتعالى، والقول بأن آيات المواريث تحتمل اختلاف الأفهام هو تدليس واجتراء على كتاب الله.

وفي ختام الملتقى، قال الدكتور/ هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر: إن آيات المواريث حَسَمت قضية الميراث بين المستحقين له، ومن يتكلم بخلاف ما جاء في القرآن الكريم، إنما يحاول أن يُلَبِّس على الناس دِينهم، ومن ينظر إلى الإسلام في فقه المواريث، يجد أن الله سبحانه وتعالى قَسَّمها بما يضمن المصلحة الحقيقية لمستحقي الميراث.


 

الموضوع السابق البرامج الموجهة للمرأة بالجامع الأزهر توضح دور الأمهات والتكنولوجيا في دعم الأطفال ذوي الهمم
طباعة
20 Rate this article:
لا يوجد تقييم