الموضوعات

09 ديسمبر, 2016

الإمام الأكبر: الشريعة الإسلامية غنية وثرية .. وفى مخزونها ما لا ينفد من الأحكام الميسرة لحياة الناس

الإمام الأكبر: الشريعة الإسلامية غنية وثرية .. وفى مخزونها ما لا ينفد من الأحكام الميسرة لحياة الناس

- الإسلام لم يعطِ أحكاما محددة في الأمور المتغيرة حتى لا يتوقف الزمن عندها


قال فضيلة الإمام الأكبر: إن الشريعة غنية وثرية وخصبة وفى مخزونها ما لا ينفد من الأحكام الميسرة لحياة الناس، وعلى الأمناء على هذه الشريعة أن يبحثوا عن حلول لمشاكل الناس، وهذا هو معنى الاجتهاد الذي لا يقتحمه أي شخص؛ لأن هناك علوما وأدوات تشترط في الذي ينظر في هذه الأحكام، والمسألة هذه لها أصل عقدي وهو أن رسالة محمد -صلى الله عليه وسلم- تختلف عن رسالات الأنبياء السابقين بأنها رسالة مستمرة ورسالة عامة، ومعنى العموم: أنها للناس جميعًا وصالحة لكل زمان ومكان، فهي لا تنتهي إلى أن تقوم الساعة.

وأضاف فضيلته في حديثه الأسبوعي الذي يذاع اليوم الجمعة على الفضائيَّة المصرية :أن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وهو رحمة الله للعالمين، وأن الأنبياء السابقين -صلى الله عليهم جميعاً وسلم- كانوا يُرسلون برسالات خاصة في إقليم معين بحيث إن الأقاليم الأخرى غير ملزمة بهذه الرسالة أو هذه الشريعة، وأيضًا  يبعثون لجيل معين بحيث إن الأجيال التي تأتى بعد ذلك غير ملزمة بها، فهي لا تلزم إلا من يراها، ومن لم يراها فهو غير ملزم بها، وذلك لأنها محصورة بين الإطار الزماني والإطار المكاني، وفترة كل ما بين رسول ورسول تسمى "أهل فترة" وهم ناجون؛ لأن الله تعالى قال: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا).

وتابع فضيلة الإمام الأكبر: رسالة الإسلام هي الرسالة الأخيرة التي ختم الله بها جميع الرسالات، وهذه الرسالة ليس قاصرة على العبادات بل جاءت بالمعاملات الدنيوية والتي هي مجال واسع  للاجتهاد، مضيفًا أن الإسلام بما أنه الهداية الأخيرة للإنسانية في هذا الكون فهو دين يتعلق بإرشاد الناس في عقائدهم وعباداتهم ومعاملاتهم وسلوكياتهم اليومية، ولا بد أن يكون له شريعة وأحكام تلاحق مصالح وحاجات الناس المتبدلة والمتغيرة، وهناك نصوص في كل المسائل، لكنها نصوص محدودة، وبالتالي يجب على العلماء المتمكنين من أدوات الاجتهاد أن يستنبطوا لنا الأحكام المتجددة في واقعنا المعاصر.

وأردف فضيلته قائلا: إن هناك نوعًا من التهيب أو الاحتياط في الاجتهاد أو الفتوى في المستجدات الحديثة، مع أن الإسلام لم يعطِ أحكاما محددة في الأمور المتغيرة  حتى لا يتوقف الزمن عندها، وحتى لا نُضطر إلى الالتزام بهذه الأحكام التي تتغير فيها حاجات الناس كما وردت في القرن الأول والثاني والثالث، أما الأحكام التي لا تتغير فيها  حاجات وأحوال الناس كالعبادات فالشريعة تعطى فيها أحكاما محددة ومحصورة وغير قابلة للتجديد، فالصلاة مثلا غير قابلة للتجديد ولذلك لا يمكن أن أقول أجدد الخطاب الديني في الصلاة، وكذا الصيام والحج والزكاة، والمساس بهذه المحددات لهدم الشريعة مرفوض، فلا نستطيع القول بأنه يتم توزيع الحج على 12 شهرا حتى نتفادى الزحام، هذا كلام غير منطقي فهناك أحكام محددة ومقيدة سواء بزمان أو مكان.

وأوضح فضيلته أن التجديد لا يكون إلا في المشكلات التي تتغير، وأن الفقيه المجتهد له شروط محددة، فلا يتأتى لمن لا يفقه الشريعة ولم يتمكن من علوم اللغة، ثم يأتي ويزعم أنه سوف يجدد، هذا عبث صبياني، والشريعة يجب أن تنزه عن هذا العبث، لافتًا إلى أن الفتوى جمدت في القرون الأخيرة بسبب أن كثيرا من السادة العلماء المجتهدين أو القادرين على الاجتهاد يتهيبون خوفا من الله أو خوفا من أن يبدل أو يغير في شيء من هذه الشريعة، وهذا أحدث نوعا من ركود الفتوى وجمودها بحيث أصبحت النصوص الأخيرة الموجودة في الفقه الإسلامي في القرون الأربعة أو الخمسة الأخيرة أو أكثر من ذلك، هي التي تحكم حركة المجتمع أو معظمها، مع أن حركة المجتمع تغيرت وتبدلت، ومشاكل الناس تغيرت وتبدلت، فلو لم نعمل العقل والنظر ونجتهد ونلاحق الناس بأحكام تيسر لهم حياتهم، فنحن أمام أمرين: إما أن الناس سيغتربون عن مجتمعهم وإما سينفصلون عن الشريعة في هذه الأمور المتجددة، وكلا الأمرين تعسير وغير مقبول شرعا، وبالعكس فالنبي -صلى الله عليه وسلم- دعا إلى التجديد كما في الحديث الشريف: "إن الله يبعث  علي رأس كل مائة عام لهذه الأمة من يجدد لها دينها أمر دينها".

وأشار فضيلته إلى  أن الشريعة يسر كلها، ورحمة كلها، وعدل كلها، قال تعالى: (ما جعل عليكم من حرج) " وقال  النبي -صلى الله عليه وسلم: "ولن يشاد الدين  أحد إلا غلبه" فنحن مأمورون بالتيسير، والعلماء المتبحرون في الشريعة مأمورون بالتيسير وأن يستخرجوا أيسر الأحكام بالنسبة للناس، لكن هذا لا يحدث في الواقع الآن، إنما كان فيما قبل ذلك مطبقا ، فمثلا الفتوحات التي حدثت في القرن الثاني والقرن الثالث لم تحدث بنفس الأحكام التي كانت في القرن الأول، وإلا كان وجدوا بعض العقبات، ولذلك فإن الإسلام بأحكامه وصل من الأندلس إلى الصين؛ لأنه تفاعل مع هذه البيئات ولم يقصرها على ما صدر من أحكام في القرن الأول، وإلا لما تجاوبت هذه الثقافات المختلفة والحضارات المختلفة مع الشريعة الإسلامية

وقال فضيلة الإمام الأكبر: حقيقة هناك بعض المشكلات جعلت الجميع يتهيب في مسألة الفتوى ويستسهل فيحتمي برأي فقيه في القرن الرابع أو الخامس وينزل حكما كان متجددًا في زمانه على مسألة نعيشها الآن وإن اقتربت من حيث  العنوان، أو من حيث الاسم إلا أنها مغتربة تماما علي الحكم، موضحًا أن الأئمة الكبار عندما تغير مكانهم غيروا فتواهم؛ كالإمام الشافعي  -رحمه الله- غير في بعض المسائل؛ لأنه وجد مجتمع مصر غير مجتمع العراق، والإمام أحمد بن حنبل –رحمه الله- وهو الذي يعتبر أنموذجًا في التمسك بالسنة كان يقول بصريح العبارة: "لا تقلدني ولا تقلد مالكًا ولا الشافعي وخذ من حيث أخذوا " وهذا يعد ضوءًا أخضر لتشجيع العلماء على الاجتهاد بشروطه، والرجوع إلى نصوص القرآن الكريم ففيها سعة والرجوع أيضًا إلى الحديث الشريف، وما تركه الصحابة ففيه لكثير من الأمور أكثر بكثير مما نجده في متون الفقهاء المتأخرين.

ما قبل العنوان في حديثه الأسبوعي على الفضائية المصرية..

قراءة (2794)/تعليقات (0)

بحث