الموضوعات

22 فبراير, 2017

الدكتور عباس شومان يلقي كلمته في افتتاح ندوة " دور الأزهر والفاتيكان في مواجهة ظواهر التعصب والتطرف والعنف"

الدكتور عباس شومان يلقي كلمته في افتتاح ندوة " دور الأزهر والفاتيكان في مواجهة ظواهر التعصب والتطرف والعنف"

نص كلمة فضيلة وكيل الأزهر كاملا PDF

وكيل الأزهر: 
- جوهر رسالة الإسلام يحمل الخير والسلام للإنسانية جمعاء.
- العالم اليوم أمام تحدياتٍ جِسام توجب على الجميع أن يُعلوا من ثقافة الحوار البنَّاء.
- الأزهر يمثل القلعة العلمية العالمية التي تمثل الوسطية والاعتدال.
- الأزهر حريص على التواصل مع غير المسلمين داخل مصر وخارجها.
- التعددية واختلاف الناس لغةً وفكرًا وثقافةً وعقيدةً.. طبيعةٌ إنسانية ومبدأٌ مقرر في الشريعة الإسلامية.
- سياسة الكيل بمكيالين في التعامل مع الآخر تولد الضغائن والأحقاد وتغذي روح الانتقام.
-المؤسسات الدينية في حاجة ملحة إلى العمل الجاد لتصحيح صورة الأديان لدى الشباب.


أكد فضيلة أ.د/ عباس شومان، وكيل الأزهر، أن جوهر رسالة الإسلام تحمل الخير والسلام للإنسانية جمعاء، ولا غَروَ في ذلك فهي رسالة الأديان والرسالات السماوية كافة.

 

وقال خلال كلمته في افتتاح أعمال ندوة (دور الأزهر والفاتيكان في مواجهة ظواهر التعصب والتطرف والعنف) التي تعقد بالتعاون بين مركز حوار الأديان بالأزهر الشريف والمجلس البابوي للحوار بين الأديان بالفاتيكان، إن  الأزهر الشريف يمثل القلعة العلمية العالمية التي تمثل الوسطية والاعتدال، وتبذل جهودًا حثيثة على الأصعدة كافة داخل مصر وخارجها من أجل أن ينعم العالم بالأمن والسلام وتسوده قيم التسامح، ونبذ العنف، وقبول الآخر، والعيش المشترك، ولا سيما في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ البشرية.
و ذكِّر وكيل الأزهر الحضور ببعض الثوابت التي تمثل مرجعية للأزهر الشريف والتي تتمثل في أن الإسلام دين يحترم كل الديانات والرسالات، ويقدر ثقافة الشعوب والأمم المختلفة، فإسلام المرء لا يكون صحيحًا إلا إذا آمن بالرسالات السماوية جميعًا؛ حيث يقول تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ...}، ويأمر الإسلام أتباعه بالبر والقسط لمن خالفهم في العقيدة؛ حيث يقول تعالى: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}.


وثاني هذه الثوابت أن اختلاف الدين لا يسوِّغ ظلمَ الآخر أو التضييقَ عليه أو تحقيرَه أو التقليلَ من شأنه، والمسلم وغير المسلم في ذلك سواء، ولقد أرسى الإسلام علاقة خاصة بين المسلمين والمسيحيين بشكل خاص، فأقوال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وأفعاله الواردة في كتب الحديث والسير والتي توصي بمعاملة غير المسلمين معاملة حسنة، أكثر من أن يتسع لها هذا المقام، ومنها قوله – صلى الله عليه وسلم: (اللهَ اللهَ فِي قِبْطِ مِصْرَ، فَإِنَّكُمْ سَتَظْهَرُونَ عَلَيْهِمْ، وَيَكُونُونَ لَكُمْ عِدَّةً وَأَعْوَانًا فِي سَبِيلِ اللهِ).


وثالثها أن الأزهر الشريف حريص كل الحرص على التواصل مع غير المسلمين داخل مصر وخارجها، وتبادل الرؤى والأفكار معهم بما يحقق الأمن والسلام للبشرية كافة، ولعل خير شاهد على ذلك تلك التجربة المصرية الفريدة المتمثلة في «بيت العائلة» والتي أصبحت نموذجًا يحتذى في العالم أجمع؛ لما حققته من إنجازات ونجاحات، وكذلك مركز حوار الأديان الذي تنتظم هذه الندوة الفكرية الراقية تحت مظلته، إضافة إلى جولات فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر العالمية، ومنها زيارته التاريخية للفاتيكان ولقاؤه قداسة البابا فرانسيس، مضيفًا أن رابع هذه الثوابت يتمثل في رفض الأزهر رفضًا قاطعًا أي أقوال أو أفعال تصدر عن بعض الجهلاء أو أصحاب المصالح والأهواء بما يؤدي إلى تأجيج الفتن، وتذكية النعرات العرقية أو الطائفية أو المذهبية، وإشعال فتيل الحقد والكراهية بين أبناء الوطن الواحد، مؤكدًا أن التعددية واختلاف الناس لغةً وفكرًا وثقافةً وعقيدةً، طبيعةٌ إنسانية ومبدأٌ مقرر في الشريعة الإسلامية؛ حيث يقول تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ}.


وأشار وكيل الأزهر إلى أن هناك عوامل كثيرة لانتشار ظاهرة العنف والتطرف، فكرية وتعليمية واقتصادية واجتماعية وسياسية، أسهمت في خلق بيئة خصبة لجماعات التطرف والإرهاب التي يعاني العالم شرورها اليوم، ومن ذلك فهمهم السقيم لنصوص الأديان والرسالات؛ حيث تجدهم يجتزئون النصوص ويؤولونها بما يوافق أغراضهم الخبيثة التي لا يقرها دين صحيح ولا يقبلها عقل سليم، ولمَ لا وهم ينتهجون تكفير المجتمعات بدءًا من الحكام حتى الأهل والأقارب، ويسعون لحمل المجتمعات على أفكارهم بالقوة؟! وأين هم من قول الله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}؟!


وتابع فضيلته: إنه من المؤلم غايةَ الألم أن تُرتكب كثيرٌ من جرائم العنف والتطرف باسم الأديان، وهو الأمر الذي استغلته بعض الأبواق والمؤسسات الإعلامية أسوأ استغلال، وشوَّه به بعض المنتفعين مسلمين وغير مسلمين صورة الإسلام على وجه التحديد، فقدموه للعالم بحسبانه دينًا همجيًّا متعطشًا لسفك الدماء وقتل الأبرياء، جاهلين أو متجاهلين قول الله تعالى: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}، ناسين أو متناسين ما يُرتكب من جرائم كراهية وعنصرية ضد المسلمين لمجرد الاسم أو المظهر، في حين أنَّهم أولى بتسليط الضوء عليهم على أنهم ضحايا؛ إذ إن ما يُرتكب بحقهم من جرائم يندى لها الجبين لمجرد الهُوية الإسلامية هو ما يعطي للمتطرفين الفرصة لجذب مزيد من المؤيدين بحجة اضطهاد المسلمين!


وأوضح د /عباس شومان أن العالم اليوم أمام تحدياتٍ جِسام توجب على الجميع أن يُعلوا من ثقافة الحوار البنَّاء من أجل حماية الشباب وإبعادهم عن الانضمام لتلك الحركات التي تدمر الفكر قبل العمران، خاصة في ظل ما يعيشه العالم اليوم من اضطراب وحروب مشتعلة هنا وهناك بسبب انتشار موجات الغلو والتطرف وأحداث العنف التي ألقت بظلالها على كثير من الدول، خاصة في المنطقة العربية والإسلامية التي يكاد ينعدم فيها الأمن ويتلاشى الاستقرار؛ حيث انتشر فيها القتل والتدمير والخراب بوحشية لم يعرفها التاريخ من قبل.


وقال أيضا: إننا إذا أردنا سلامًا وأمنًا حقيقيين يسودان العالم، فعلى الذين يملكون القوة أن يمتلكوا الإرادة لإنقاذ العالم من الدمار والخراب والفقر والجهل والمرض، وأن يتحملوا مسئولياتهم تجاه كل ذلك، وأن يتوقفوا عن فرض الوصاية على غيرهم بالقوة، وأن تتوقف كذلك سياسة الكيل بمكيالين، وانتهاج التمييز المقيت في التعامل مع الآخر، تلك المعاملة التي تولد الضغائن والأحقاد والشعور بالقهر والكراهية، الأمر الذي يغذي شهوة الانتقام، فضلًا عن أن أحلام التوسع وبسط النفوذ الديني أو العرقي أو الطائفي ولو كان بإشعال الحروب وإحداث الفتن هنا وهناك، لن تحقق غايةَ صانعيها، ولن تخلِّف إلا مزيدًا من الدمار الإنساني والتراجع الحضاري، والأجدى من ذلك والأنفع للبشرية هو العمل في ضوء المشتركات الإنسانية التي لا تختلف بين الديانات المختلفة ولا بين المذاهب في الدين الواحد.
كما أكد د/عباس شومان أن الأزهر الشريف وشيخه فضيلة الإمام الأكبر الذي يجوب الدنيا شرقًا وغربًا، لا يألو جُهدًا من أجل إقناع السياسيين وصناع القرار العالمي بتبني ثقافة الحوار الجاد لنزع فتيل الأزمات وحل المشكلات العالقة والناشئة، بديلًا عن استخدام القوة المسلحة التي تؤجج الصراعات وتوسع ثقافة الكراهية وتغذي روح الانتقام، كما أنه يرحب دائمًا بالتعاون المثمر والتواصل البنَّاء مع أحرار العالم أفرادًا ومؤسسات في الشرق والغرب، وفي مقدمتها الفاتيكان، من أجل إرساء هذا المبدأ العظيم. وأضاف قائلا: لعلكم تتابعون ما يقوم به الأزهر الشريف من جهود حثيثة على المستويات كافة لنشر الفكر الوسطي المعتدل، وتصحيح المفاهيم المغلوطة، والحد من الفقر والجهل اللذين يمثلان عاملًا مهمًّا من عوامل استقطاب الشباب للانخراط ضمن جماعات التطرف والغلو.


وأكد فضيلته أننا في حاجة ملحة إلى العمل الجاد لتصحيح صورة الأديان لدى الشباب، وتعزيز العلاقات فيما بيننا، ويمكننا أن ندعم هذا التوجه من خلال المؤسسات العلمية، ووسائل التواصل الاجتماعي، والتأليف المشترك باللغات المختلفة، بما يجيب عن تساؤلات الشباب، ويقترب من أفكارهم، ويعالج القضايا الجدلية المثارة بين أتباع الأديان، ويزيل اللبس والإبهام الذي يجول في خواطرهم من أثر الشبهات، من أجل بناء جسور متينة من التواصل والتفاهم المشترك دون أن يعني ذلك محاولة فرض فكر بعينه أو عقيدة بعينها، فمن شاء بعدُ فليؤمن ومن شاء فليكفر!

 

قراءة (10103)/تعليقات (0)

بحث