الموضوعات

12 يونيو, 2018

الإمام الأكبر خلال برنامج "الإمام الطيب": الانغماس في اللهو والترف سببٌ رئيسٌ في سقوط الحضارات

الإمام الأكبر خلال برنامج "الإمام الطيب": الانغماس في اللهو والترف سببٌ رئيسٌ في سقوط الحضارات

قال فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف: إن صحف الأعمال أو الكتب التي تُكتب فيها أعمال الإنسان، مما يجب الإيمان به في العقيدة الإسلامية، وأن العباد يوم القيامة يأخذون كتبهم؛ فمنهم من يأخذها بيمينه، ومنهم من يأخذها بشماله، وآخرون يأخذونها من وراء ظهورهم، مشيرًا إلى أنّ تَلَقّيَ الكتاب باليمين، فيه إشارة إلى أن هذا أمر ميمون ويبعث على السرور؛ لأنه يُعَبَّر دائمًا باليمين عن السرور، ويُعَبَّر بالشمال عن العكس.
وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك بوضوحٍ شديد؛ يقول الله تعالى: "فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه"، و: " وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه".
وأضاف فضيلته خلال برنامج "الإمام الطيب": أن أشدَّ الناس عذابًا يوم القيامة، هو من يتلقّى كتابه من وراء ظهره؛ "وأما من أوتي كتابه وراء ظهره فسوف يدعو ثبورا ويصلى سعيرا"، والثبور: هو الهلاك، ثم يعقب القرآن الكريم : "إنه كان في أهله مسرورا إنه ظن أن لن يحور"، أي: إنه كان مترفًا وترَك هذا الترفَ يسيطر عليه، ولم يفكر في عواقب الأمور كما يفكر الآخرون؛ لأنه كان يقضي وقته في الترف والانغماس في ملذات الدنيا، فلم يفكر في متى سيرجع إلى الله؛لأنه لو فكّر في هذا كان سيتخلّص من كثير مما يفعله الآن؛ والذي كان السببَ في أن يأخذ كتابه وراء ظهره، فالانغماس في الترف وما يلهيه عن الله تعالى، هو ما جعل الفكرةَ بعيدةً عنه؛ وكأنّ الآخرين هم من سيرجعون إلى الله، لكن هو في مأمن وبعيد عن ذلك.
وأوضح فضيلة الإمام الأكبر؛ أن الإنسان سيُعرض يوم القيامة وحيدًا منفردًا في لحظة الحساب، ولن ينفعه الغنى أو المال، ولابد للأغنياء أن ينتبهوا إلى أن ما في أيديهم ليس ملكهم، مؤكّدًا أن من عيوب الرأسمالية التي تحكم العالم الآن، تطبيق مبدأ الحرية للإنسان فيما يملك ويصرف ويعتقد وأن يقول ما يشاء؛ حيث سبّبت للعالَم مشاكلَ كبرى، سواء على مستوى الفرد أو على مستوى الدول.
فالدول الغنية التي تظن أن كل شيء ملكها وأنها حرة في أن تصرفه على المحتاجين أم لا، سوف يصيبها ما يصيب هذا الإنسان، بل هناك عقوبات لهذه الدول في الدنيا، وهي سقوط الحضارات من هذا الجبروت والتسلط على الآخرين.
وأشار فضيلته؛ إلى أن الميزان ووَزْن الأعمال من أمور السمعيات، التي يجب على المسلم الإيمان بها، دون معرفة كيفية الميزان؛ لأن كيفيته لا يعلمها إلا الله، لقوله تعالى: "ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تُظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين"، موضّحًا: أن من رحمة الله تعالى بنا أنه قد تتجمع السيئات في كِفّة وتزن، و لكن توضع تمرةٌ تصدّق بها احتسابًا لوجه الله في الكِفّة الأخرى فتزن.
لذلك يجب ألّا نستهينَ بأي بادرة طيبة ولو بشقّ تمرة، فتبسُّمك في وجه أخيك صدقة، ولا تحقرنّ من المعروف شيئًا، ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المُسْتَسْقي، حتى لو سقيتَ كلبًا؛ ففي الحديث الشريف: "أن امرأة بَغيًّا سقتْ كلبًا؛ غفر الله لها وأدخلها الجنة".
واختتم فضيلة الإمام الأكبر حديثه؛ بأن الله تعالى قادر على أن يخلق ميزانًا من طبيعته أن يَزِنَ الأعمال اللامحسوسة، فنحن الآن لدينا موازينُ للضغط والسرعة والحرارة وهكذا، وكلها أمور ليست مُجَسَّمة، فاستطعنا أن نقيس مؤخّرًا هذه الأمورَ الأقربَ إلى المعنويات وليس الماديات.
فليس ببعيدٍ على الله تعالى أن يكون هذا الميزان من هذا القبيل، لافتًا إلى أنه بعد وزن الأعمال؛ يصبح الإنسان بين يدَي الله، ويكون على علمٍ بمصيره.
بعد ذلك: تأتي مسألة الصراط، فيجتاز الناس إلى الجنة أو يقعون في النار، لكن كل ذلك متروك لله تعالى، والمُنتظَر من رحمة الله أن يعفوَ عن كثير.

قراءة (2941)/تعليقات (0)

بحث