27 فبراير, 2017

صوت الأزهر تفتح ملف "العامل المصري والإنتاجية"

صوت الأزهر تفتح ملف "العامل المصري والإنتاجية"

تحقيق: نعمات مدحت

أكدت الدراسات والإحصائيات أن العامل العربى من أقل العاملين فى العالم إنتاجية، إذ يبلغ متوسط مدة العمل الحقيقية التى يؤديها 18 دقيقة فى اليوم، مقارنة بأكثر من 7 ساعات فى الدول المتقدمة اقتصاديًا، بحسب دراسة لمنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية (OECD).. وكشفت دراسة حديثة أجرتها الدكتورة آية ماهر، أستاذ الموارد البشرية بالجامعة الأمريكية، أن الموظف المصرى يعمل نصف ساعة يوميا، رغم حصول 95% من الموظفين على تقدير امتياز فى تقاريرهم السرية.

"صوت الأزهر" تفتح هذا الملف للتعرف على أسباب ضعف إنتاجية المواطن المصرى، من خلال آراء علماء الدين والاجتماع والاقتصاد.

 بإطلالة سريعة على متوسط ساعات العمل فى دول العالم وأكثر 10 دول فى عدد ساعات العمل تأتى المكسيك فى المركز الأول بأكبر عدد ساعات عمل فى العالم بمتوسط يصل إلى 2237 ساعة سنويًا، وحلت فى المركز الثانى كوريا الجنوبية بمتوسط 2163 ساعة سنويًا ثم اليونان بمتوسط 2037 ساعة، تليها روسيا بـ 1980 ساعة وبولندا فى المركز الخامس بـ 1918 ساعة، تليها المجر بمتوسط 1883 ساعة، وفى المركز السابع إستونيا بمتوسط 1868 ساعة، لتليها إسرائيل فى المركز الثامن بمتوسط 1867 ساعة، ثم تركيا وأيرلندا فى المركزين التاسع والعاشر بـ1832 و1815 ساعة عمل سنويًا بالترتيب، وفى المركز الأخير، كانت الولايات المتحدة الامريكية حيث يعمل الموظفون بها 1788 ساعة عمل سنويًا.

بينما نجد عدد ساعات عمل الموظف اليابانى وحسب دراسة نشرتها جامعة واسدا، 2000 ساعة فى السنة، أى أكثر من نظرائه فى ألمانيا وفرنسا بـ 400 ساعة، بينما يبلغ متوسط عمل المواطن اليابانى "قانونيًا" 8 ساعات و40 دقيقة يوميًا. لكن باضافة ساعات العمل الإضافى، يصل العدد إلى 12 ساعة يوميًا خصوصًا فى الفئة العمرية الشابة بين 20-40 سنة، وتعمل اليابان على إقناع مواطنيها بضرورة الحصول على مزيد من العطلات والعمل لعدد ساعات أقل، لخفض حالات الوفاة والانتحار المتعلقة بالعمل فى البلاد، ولا تزال الحكومة اليابانية تسعى إلى السيطرة على التأثير السلبى لزيادة عدد ساعات العمل على سلامة المواطنين، من خلال زيادة استحقاقات مغادرة العمل وعدد العطلات الرسمية.

أما فى مصر فقد كشفت دراسة حديثة أجرتها الدكتورة آية ماهر، أستاذ الموارد البشرية فى الجامعة الأمريكية، أن الموظف المصرى يعمل لمدة نصف ساعة يوميًا على الرغم من امتداد ساعات العمل الرسمية إلى 7 - 8 ساعات يوميا، وذلك رغم حصول 95% من الموظفين على امتياز فى تقاريرهم السرية.

                                                               إتقان العمل

من جانبه قال الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم، عميد كلية أصول الدين بأسيوط السابق بجامعة الأزهر: حث الإسلام على إتقان العمل، وبيَّن أنه لا سبيل إلى نهضة الأمم إلا بإتقانه برعاية الموهوبين والمخترعين فى كل مجال من المجالات.

موضحًا أن القرآن شدد على إتقان العمل فى قوله تعالى (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ ۚ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ۚ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) وخاتمة الآية تحث على إتقان العمل وفيه وعيد لمن لا يتقن عمله ومن لا يؤديه على الوجه الأكمل. كما حث النبى (صلى الله عليه وسلم) على إتقان العمل حيث قال (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه).

 مشيرًا الى أن أهمية إتقان العمل تتجلى فى أمور كثيرة منها: أنه يسهل على الناس حياتهم، فالصناعات الرديئة تجعل حياة الناس عذابا بما يصيبها من العطب الذى يحتاج إلى إصلاح، بالإضافة إلى توفير الجهد والمال، فالإنسان الذى اشتهر بإتقانه للعمل يحصل على أجره فى الدنيا بكسب المال الحلال وأجره فى الأخرة لأنه يؤدى عملا متقنا يحبه الله مادام على هذه الصفة.

                                                          تدهور الإنتاجية

ومن جانبه قال الدكتور فياض عبدالمنعم، أستاذ الاقتصاد الإسلامى بكلية التجارة بتفهنا الأشراف، إن مشكلة الاقتصاد المصرى الأساسية هى العجز فى الإنتاج وتدهور الإنتاجية، فالعجز يعنى الإنتاج بكمية أقل مما يحتاجه الشعب، أما تدهور الإنتاجية فمفهومه انخفاض إنتاجية العامل بمعنى أنه لا يتقن عمله، فالإتقان يحدد مستوى الإنتاجية للعامل.

وأضاف فياض، أن الدول المتقدمة اقتصاديا تتميز بارتفاع إنتاجية العامل لديها نتيجة لتعليمه وتدريبه بشكل جيد يؤدى إلى إتقانه العمل حتى يصير ذلك عادة له وبالتالى ترتفع إنتاجيته بمعنى كمية الإنتاج التى ينتجها يزيد عن الأجر الذى يتقاضاه، وأن الاقتصاد المعاصر اقتصاد تنافسى، فالدول تتنافس حاليًا فى المنتجات التى تعرضها فى الأسواق، والإتقان هو الذى يحدد درجة ومستوى القدرة على المنافسة؛ فالدول التى لديها إتقان فى سلوك العاملين هى التى تستطيع أن تنتج سلعا تنافس فى الأسواق وتعظم التصدير وتُخفض من الاستيراد.

وأشار فياض إلى أن مشكلة مصر أن لديها فجوة كبيرة بين الاستيراد والتصدير؛ فنحن نصدر فقط ثلث ما نستورد فضلا عن انخفاض جودة ونوعية السلع المنتجة، وأن الدين الإسلامى حث على الإتقان فى العمل واعتبره واجبا شرعيا.

                                                        فريضة إيمانية

وتابع أستاذ الاقتصاد: يشهد التاريخ الإسلامى على أن علماء المسلمين كانوا أتقن الناس فى أعمالهم؛ فتركوا لنا ثروة علمية ضخمة، وفى أيامهم أفادوا العالم بهذا.. فالإتقان فى العمل فريضة إيمانية، وهو أهم عوامل تقدم الاقتصاد المصرى، ونحتاج إلى أن يكون هناك برنامج وإستراتيجية تبدأ فى المراحل الأولى فى التعليم وتستمر حتى التخرج، ثم تستكمل أثناء العمل وتكون هى المعيار فى اختيار القيادات. والوقت المعاصر لا يسمح لدولة أو أحد بأن يهدر الطاقات الإنتاجية بسبب افتقاد الإتقان، وفى كلمة واحدة: الإتقان فريضة دينية وفريضة اقتصادية وفريضة قومية للاقتصاد المصرى.

                                                        دراسات عشوائية

بينما قال الدكتور محمد مبارك، أستاذ علم الاجتماع بكلية الدراسات الإنسانية بتفهنا الأشراف بجامعة الأزهر، إن كون العامل لا يعمل كل الوقت المخصص لعمله فهذا راجع إلى عدة عوامل أهمها عدم وضوح طبيعة المهام الموكل بها هذا العامل كأن يقوم بعدة أدوار أو مهام فى آن واحد، وضعف الإدارة والرقابة الإدارية وتداخل المصالح الشخصية والتعيين فى بعض المصالح من خلال المحسوبية والشللية والأقارب والرشوة، بالإضافة إلى ضعف الأجور والمرتبات وخلافه؛ ونتيجة لذلك تضخمت ما نطلق عليه البطالة المقنعة، ومعناها وجود كتيبة من العاملين فى مكان لإنتاج سلعة أو خدمة واحدة يمكن ان يقوم بها عامل واحد فقط، ونسمع كثيرًا عن الخسائر التى تتكبدها مثل هذه المؤسسات.

موضحًا أن الظروف الاجتماعية تلعب دورًا هامًا فى ضعف إنتاجية بعض هؤلاء العاملين هذه الظروف تتمثل فى الخلافات الأسرية، وتدنى الدخول، واعتلال الصحة، والتمييز فى المعاملة بين العاملين، وضعف الوعى والولاء والانتماء للمؤسسة أولاً وللمجتمع ثانيًا، ناهيك عن اختلال المنظومة القيمية والأخلاقية وانتشار أخبار الفساد والظلم الاجتماعى والاختلاسات والتمييز الطبقى وغياب القدوة الصالحة والتنشئة الاجتماعية الفاسدة.

مؤكدا أن الدراسات التى تخرج من وقت لأخر يتم تطبيقها على عينة عشوائية فى مجتمع الدراسة، وبالرغم من الوضعية المزرية للعملية الاإنتاجية فى وطننا العربى إلا أن هذه الإحصائية عليها علامة استفهام بمعنى أنه من غير المعقول أن يعمل الفرد حوالى 07.% فقط من الزمن المخصص للعمل، بالفعل هناك قصور وعدم استخدام كل الوقت فى العملية الإنتاجية قد يصل الوقت المستهلك أو الغير مستغل أو الضائع مثلاً من 35 إلى 70 % - لكن لا يمكن أن يصل إلى هذا الوضع المتدنى فهذا يعتبر استهتارًا واستغفالا للدولة، وفى هذه الحالة يحق لمن لهم حق الفصل والاستبعاد استغلال صلاحيتهم فليس معنى وجود بعض الحالات الشاذة أن دولاب العمل الرسمى أو الأهلى يشتمل على مثل هذه الحالات.

 

قراءة (3429)/تعليقات (0)

كلمات دالة:
12345الأخير