حرمت المخدرات وجعلتها مصدراً لتمويلها وأباحت الاستخدام لمقاتيلها
قائد عمليات دجلة: «داعش» يجبر الإرهابيين على تناول الحبوب المخدرة
تابعت وحدة الرصد باللغة الألمانية ما يصدر عن تنظيم «داعش» الإرهابى من رسائل يبثها عبر وسائله المرئية والمسموعة والمقروءة، فتبيّن أن داعش اهتمت اهتماماً كبيراً بتحريم المخدرات والكحول والسجائر، وتجريم ومعاقبة من يتناولها، وعيّنت من أتباعها من يراقب تهريب المخدرات والمسكرات والسجائر.
وكشفت وحدة الرصد باللغة الألمانية أن فكرة المدينة الفاضلة التى يقدمها داعش لأتباعه وللمستقطبين من الشباب، ودعم الفكرة بالدعوة للجهاد بأدواته المعاصرة عسكرياً وتقنياً وأيديولوجياً ونفسياً هى فكرة مصحوبة بتناقض كبير بين ما يدعيه هذا التنظيم من تبنيه لأخلاقيات وسلوكيات وقوانين، وبين ما يمارسه بالفعل من تجاوزات واختراقات لكل الأعراف المجتمعية والدينية.
وتشير التقارير- ومعها شهادات العائدين من داعش والنساء الايزيديات الناجيات من ويلاته- إلى أن هذا التنظيم الإرهابى لم يعبأ أصلاً بتحريم الإسلام لتجارة المخدرات وتناولها، بل جعل المخدرات مصدراً من مصادر تمويله، وجعل تعاطى المجاهدين للعقاقير المخدرة سلاحاً يستمدون منه القدرة على ارتكاب أبشع الجرائم الإنسانية.
ويستخدم داعش العقاقير المخدرة لتحفيز جنوده على القتل والحرق وارتكاب أبشع الجرائم الإنسانية، ويأتى عقار الامفيتامين- المادة التى يشتق منها الكبتاجون- فى مقدمة تلك العقاقير، كما تحولت سوريا إلى أكبر مصنعى ومستهلكى هذا العقار فى ظل وجود داعش، حسبما أوردته العدد من التقارير والمواقع الإخبارية أواخر عام 2014، ولا يعبأ داعش بالتأثيرات الصحية والنفسية لهذا العقار على مقاتليه، فغايته أن يجعل جنوده بتعاطيهم لهذا العقار فى حالة يقظة وحماس لممارسة ما يكلفون به دون وعى أو إدراك، حيث إن داعش يستخدم الكبتاجون والكوكايين والحشيش والهيروين ليزيل الخوف عن تابعيه، ويدفعهم إلى نشوة حماسية تجعلهم شرسين للغاية عند تنفيذ هجماتهم.
وكشفت قيادات الحشد الشعبى فى محافظة الأنبار غرب العراق من قبل استخدام المواد المخدرة وحبوب الهلوسة من قبل إرهابيين فى مدينة الفلوجة، فيما قال قائد لواء كرمة الفلوجة العقيد خميس بحر الحلبوسى، إن «الإرهابيين قد استخدموا حبوب الهلوسة والمخدرات فى مناطق الفلوجة والكرمة والصقلاوية شمال الفلوجة، حيث تم تفتيش جثث القتلى من داعش وعثر على آثار الحبوب المخدرة فى أجساد الإرهابيين القتلى».
ويقول أحد مقاتلى قوات سوريا الديمقراطية ويدعى فرحان عفرين: «قتلنا أفراداً من داعش وأثناء تفتيش جيوبهم وجدنا حبوباً ومخدرات، وهذا السم الذى يتعاطونه».
وذكر قائد عمليات دجلة الفريق عبدالأمير الزيدى، فى وقت سابق، أن عصابات داعش كانت تجبر الإرهابيين على تناول الحبوب المخدرة، وأن الانتحاريين كانوا يتناولون ثلاث جرعات من المخدرات قبل تنفيذ العمليات.
وقال الزيدى فى حديث لــ«السومرية نيوز»: «لدينا معلومات مؤكدة تفيد بأن تنظيم داعش يرغم عناصره على تناول أنواع محددة من المخدرات، بهدف زيادة الإدمان وجعلهم تحت سيطرته، ودفعهم إلى هاوية الموت بغياب العقل الذى تسلبه المخدرات»، مبيناً أن «أغلب قتلى التنظيم فى معارك ديالى وصلاح الدين عثر بحوزتهم على حبوب وعقاقير مخدرة».
وإذا ما قرأنا عن الإرهابيين الذين قاموا بهجمات إرهابية أو ساعدوا على تمويلها فى أوروبا فى الآونة الأخيرة سنجد أنفسنا أمام حقيقة أكدتها التحقيقات وأكدها أهالى الجناة، وهى أن القاسم المشترك بين هؤلاء الإرهابيين كان أيضاً تعاطيهم للمخدرات، وإدمانهم لها، وتجارتهم فيها.
جدير بالذكر أن صلاح عبدالسلام الذى ساعد فى تزويد المسلحين والمهاجمين الانتحاريين منفذى اعتداءات باريس بالأسلحة والمتفجرات كان يعمل مديراً لمقهى تم إغلاقه بسبب الاتجار بالمخدرات، ثم مارس بعد ذلك تجارة المخدرات واتهم بالسرقة وتعاطى الممنوعات، حتى قُبض عليه، حسبما ذكر موقع الشرق الأوسط فى مارس 2016.
وذكرت صحيفة «فيلت أم زونتاج» الألمانية الأسبوعية، أن التونسى أنيس عمرى الذى نفذ هجوم الدهس بشاحنة فى أحد أسواق أعياد الميلاد وسط العاصمة برلين فى 19 ديسمبر الماضى، والذى أودى بحياة 12 شخصاً على الأقل، كان يتعاطى عقار النشوة والكوكايين بصورة دورية، ويتشكك المحققون فيما إذا كان «العمرى» واقعاً تحت تأثير المخدرات أم لا خلال تنفيذه هجوم برلين. وقد بات معروفاً منذ واقعة أنيس عمرى أن الإسلامويين المتطرفين متورطون أيضاً فى تجارة المخدرات وإدمانها.
وفى تقرير بالإذاعة البافارية، ذكر عرفان بيكى، الذى كان جهادياً وأصبح الآن عميلاً لهيئة الاستخبارات الألمانية، وكتب كتاباً عن الإسلامويين فى ألمانيا، أن الإسلامويين متهمون بالازدواجية الأخلاقية وبالنفاق، وبأن بعض الرجال المنضمين إلى الإسلامويين لديهم شغف بالمخدرات والإباحية.
وبعد الهجوم على مطار أورلى الفرنسى على يد زياد بن بلقاسم، 39 عاماً، الذى لقى حتفه رمياً بالرصاص من قبل قوات الأمن أثناء محاولته اختطاف سلاح جندى فى المطار، أشارت دلائل وشهادات إلى أن الجانى كان يتناول الكحول والمخدرات، وهذا ما ذكرته النيابة العامة أيضاً بأنه عثر على آثار من الكوكايين والحشيش والكحول فى دم منفذ الهجوم.
إن الإسلام الذى يرفع داعش رايته ويقتل ويحرق ويغتصب باسمه وهو منه براء قد حرم المخدرات والمسكرات بكل أنواعها، حماية للصحة العقلية والنفسية، ومحافظة على السلوك القويم للأفراد، وقد أجمعت الأمة الإسلامية على هذا التحريم لثبوته بنصوص القرآن الكريم وأحاديث النبى صلى الله عليه وسلم، وحسبنا فى ذلك قول الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون»، (المائدة 90)، ومن هنا أجمع فقهاء الأمة بحرمة شرب الخمر وجميع المسكرات وتعاطى المخدرات بجميع أنواعها وزراعتها والاتجار فيها.
وحدة الرصد الألمانية