نظم مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية دورة تدريبية للمفتيات بعنوان «صناعة المفتية» من النساء للعمل فى قسم الفتوى بالمركز، لمدة 6 أشهر، لـ18 مفتية، ويتولى التدريب لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية.
يأتى ذلك انطلاقاً من الأمانة التى يحملها الأزهر الشريف من أجل نشر الوسطية والتسامح والثقافة الإسلامية، وتصحيح الفكر الضال، وبناء المجتمع على الفكر الصحيح من خلال الاهتمام بالمرأة المسلمة، والإجابة على كل تساؤلاتها من خلال امراة مثلها وباستخدام وسائل الاتصال الحديثة.
يشار إلى أن فكرة إنشاء قسم فتاوى النساء بمركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكتروينة جاءت للإجابة على جميع التساؤلات التى تخص المرأة المسلمة فى أدق تفاصيلها بواسطة عضو الفتوى النسائى ذات مرجعية دينية أزهرية وسطية بعيدة كل البعد عن الغلو والتطرف، كما أنه لا أعلم بطبيعة المرأة من المرأة، ما يؤدى إلى عدم التحرج فى عرض السؤال من جانب السائلة وأيضاً توضيح الإجابة من جانب عضو الفتوى النسائى.
وتأتى مهمة إدارة التدريب والتطوير بمركز الأزهر العالمى للرصد والفتوى الإلكترونية فى إعداد عضو فتوى من النساء إعداداً علمياً وفقهياً وتكنولوجياً متكاملاً، وذلك بوضع برنامج تدريبى بمشاركة نخبة من الفقهاء والخبراء فى المجالات الشرعية لتأهيل المرأة التى تشغل دور عضو الفتوى من ثلاث نواحى: «النظرية، والعملية الميدانية، والتكنولوجية»، فكان التكامل فى عرض المادة العلمية من الناحية النظرية بالربط بين كتب التراث وكتب الفقه المعاصرة، ومقاصد الشرعية الإسلامية، وآداب وضوابط الفتوى، وأسباب اختلاف الفقهاء، والقضايا المعاصرة التى تخص المرأة المسلمة، بالإضافة إلى بعض المحاضرات فى المجال الطبى والاجتماعى والنفسى، وما من شأنه كشف الأسباب ومراعاة حال السائلة.
أما التأهيل من الناحية الميدانية العملية فيكون من خلال المشاركة التدريبية فى لجنة الفتوى بالجامع الأزهر، حيث التعامل المباشر مع السائلات اللاتى تأتين إلى لجنة الفتوى لمعرفة الأحكام الشرعية التى تمس حياتهن، وتجلس عضو الفتوى متدربة بجوار أستاذ متخصص لتعرف منهجية التعامل مع السائلة، ومهارات فقة السؤال، وتصوره تصوراً صحيحاً لترد عليه بالإجابة الصحيحة.
ومن الناحية التكنولوجية فقد تم تدربيها على آلية التعامل مع برنامج (avaya) للاتصالات الذكية الهاتفية الذى يقوم عليه المركز، الأمر الذى يتطلب الإلمام من جانب المفتية بمهارات الحاسب الآلى ومهارات الإنترنت. ومن خلال التكامل بين الجوانب الثلاثة يتم صناعة المفتية على مراحل متتالية لها ضوابط وآليات من شأنها أن تبنى شخصية فقهية سليمة.
من جانبه، قال الدكتور هانى عودة عواد مدير التدريب والتطوير بمركز الأزهر العالمى للرصد والفتوى الإلكترونية، إن الدورة مدتها 6 أشهر، بـ6 مستويات، وعدد المتدربات 18 متدربة، ويعد المركز الآن للمرحلة الأولى التى بدأت فى 29 يناير الماضى وتستمر إلى 30 يونيو الحالى.
وأكدت المشاركات فى الدورة التدريبية، أن المبادرة التى أطلقها الأزهر لتدريب المرأة وإنشاء قسم لها فى المركز متميزة وخطوة لدخول المرأة عالم الافتاء، منوهات إلى أن المرأة فى عهد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، بدأت تتولى جميع المناصب القيادية، ونهضت فى عصره كثيراً عن العصور الأخرى فى الأزهر الشريف.
وأضافت المشاركات فى الدورة التدريبية لصناعة المفتية، أن الأزهر يمدهن بكل ما يحتجن إليه من أمهات الكتب، والتدريب الميدانى، واستخدام الإمكانيات الحديثة فى المركز، والتأهيل النفسى والعلمى بشكل جيد، وأوضحن أن لجنة الفتوى بالجامع الأزهر تقوم بمجهود قوى فى الشرح الأكاديمى والميدانى، ويوضح القائمون على التدريب جميع الأحكام الشرعية فى أدق التفاصيل حتى تعطى الفتوى الصحيحة.
وأشارت المفتيات الجدد إلى أن هناك شروطاً لعمل المرأة فى مجال الفتوى بحيث تكون ملمة بجميع الأحكام الفقهية والشرعية، وأن تعلم شروط وضوابط الفتوى، وتلم بقضايا العصر، مؤكدات أن المرأة تحتاج فى كثير من الأحيان إلى معرفة أمور خاصة فيها وتستحى من الحديث مع المفتى الرجل، فكان لا بد من وجود امرأة حتى توضح لها جميع الأحكام الفقهية من الطهارة والعلاقات الزوجية.
بدوره، قال الدكتور يوسف عامر المشرف العام على مرصد الأزهر ومركز الفتوى العالمى، إن تدريب مفتيات وتعينهن فى المركز موضوع جديد من نوعه، وهناك موضوعات ومسائل فقهية مختلفة محرجة للغاية تتعلق بالمرأة لذا رأى الأزهر أن يكون هناك قسم خاص بالفتاوى المتعلقة بالنساء، ويعيّن فيه مفتيات منعاً للحرج.
وأضاف عامر، أن المرأة بطبيعة الحال مصنع لتربية أجيال نافعة للأمة، فإذا كانت تتمتع بمعلومات وافية عن أمور دينها وحياتها فهذا يعينها بطبيعة الحال على التربية الصحية، والهدف من إنشاء هذا القسم هو العمل على إيجاد امرأة مسلمة واعية لأمور دينها وعياً كافياً ليعينها فى أمور حياتها اليومية والدينية، مشيراً إلى أن المفتيات بالقسم هن أزهريات ويعملن فى الأزهر فى قطاع المعاهد الأزهرية وفى جامعة الأزهر، وفى مركز الأزهر.
وشدد على أنه ينبغى بطبيعة الحال أن تكون المفتية واعية تماماً ومدركة لكثير من العلوم، ولابد من معرفتها معرفة صحيحة للمشهد العالمى من جميع النواحى، وكل مجالات العلم والثقافة، لأن هذا كله يعينها فى إصدار فتوى منضبطة تتفق وحال السائلة سواء كانت من مصر أو من أى بلد آخر، لأن قسم فتاوى النساء يصدر باللغة العربية واللغات الأجنبية.
وأكد عامر، أن أى إدارة ناجحة فى العالم لا بد أن يتوفر فيها أمران: الأول إدارة خاصة بالتدريب والتطوير المستمر، والأمر الآخر إدارة خاصة بالبحوث، فهناك قسم للبحوث الفقهية يعمل به رجال ونساء متخصصون، وهذا القسم يقدم خدماته لكل المفتيين من الجنسين.
وأشار إلى أن المشرفين فى المركز رأوا ضرورة وجود طبيبة فى قسم البحوث لتقدم معلومات طبية مهمة تتعلق بالمرأة لتعين المفتية فى إصدار الفتوى المنضبطة التى تراعى صحة المرأة البدنية والنفسية فى بعض المسائل الفقهية التى تتطلب ذلك، وفى بعض أحوال المرأة التى تتطلب ذلك.
ويؤكد عامر أن الأزهر الشريف أنشأ مركز الفتوى الإلكترونية لضبط الفتوى، ولمواجهة التطرف، وللقضاء على فوضى الفتاوى، ولصناعة مفتين ومفتيات يعملون على نشر صحيح الدين ومكافحة التطرف بكل أنواعه.
نعمات مدحت