يعد الفن سلاحا ذا حدين، فإذا أحسن استخدامه كان له دور كبير فى التأثير على المجتمع بشكل إيجابى، وإذا أسىء استخدامه كان له تأثيره السلبى على المجتمع أيضاً، وانطلاقا من دور الأزهر الشريف، الذى يبنى ولا يهدم، فإنه يقدر الفن والإبداع الهادف، ولا يقف عائقا أمام أى أعمال فنية هادفة، ولكن إذا انحرفت تلك الأعمال الهادفة عن إطارها الحقيقى وابتعدت عن القيم والمبادئ، وجب على علماء الأزهر أن يبصّروا المجتمع بالآثار السلبية لتلك الأعمال الفنية، من خلال إبداء رأيهم فيها، ولذا أجرينا هذا التحقيق لمعرفة رأى علماء الأزهر فى دراما رمضان هذا العام ما لها وما عليها.
من جانبه، يقول الدكتور نصر فريد واصل عضو هيئة كبار العلماء، إن الأزهر الشريف لا يرفض الفن ولا يقف عائقا أمامه كما يتخيل البعض، بل إن الأزهر الشريف يعترف بالفن ويقدره ويرعاه، شريطة أن يكون هذا الفن هادفا، أى يهدف لبناء الوطن وينشئ الشباب على القيم والمبادئ المثلى، مما يكون له أثره الإيجابى على المجتمع، مؤكدا أن الفن والثقافة أمران مهمان لأى مجتمع، فهما مرآة المجتمع، التى تعكس ثقافته، ونحن فى الأزهر نقدر الفن الهادف، الذى يوصل رسالة حسنة للشباب وللمجتمع، مشددا على أن الفن يؤثر بشكل كبير فى أخلاق الشباب، ولذا فإنه من الأهمية أن تكون رسالة الفن هادفة.
وأوضح عضو هيئة كبار العلماء، أن الأزهر ليس ضد الأعمال الدرامية أو الفنية التى تعرض سواء فى شهر رمضان أو غيره، لكن الأزهر ينشد الأعمال الدرامية والفنية الهادفة، ويقدرها، مشيراً إلى أن رمضان شهر عبادة، وصيام وقيام، والمسلم اليوم أصبح محاطا بسيل كبير من الأعمال الفنية منها الصالح، ومنها غير الصالح، ولكن عليه أن يميز ويحدد تلك الأعمال الهادفة من غيرها، وأن يبتعد عن الأعمال الفنية المبتذلة التى تهدد قيم المجتمع.
ويرى الدكتور علوى أمين خليل العميد الأسبق لكلية الشريعة والقانون، أن الدراما أصبحت ظاهرة رمضانية تظهر كل عام، ولايمكن القول بأن كل هذه الأعمال الدرامية والفنية غير هادفة، ففيها الهادف وفيها غير الهادف، منتقدا ماتتناوله بعض الأعمال الدرامية من مشاهد لاتتماشى مع الشهر الفضيل، مبينا أن هناك نقصا كبيرا فى الأعمال الفنية والدرامية التاريخية والدينية، وكان من الأولى تقديم أعمال درامية وتاريخية لشخصيات دينية تتماشى مع شهر رمضان المبارك. وأضاف أن الأزهر لايحارب الفن مطلقا، وأكبر دليل على ذلك أنه قدم العام الماضى مسلسلا تاريخيا للأطفال، وهذا العام استكمل المسلسل بجزء آخر، وقد لاقى نجاحا كبيرا، مشيراً إلى أنه بدأ فى جامعة الأزهر تكوين فرق تمثيل مسرحية، وإقامة عروض مسرحية.
من جهته، أكد الدكتور محمد نبيل غنايم أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة، أن الفن الهادف قيمة تجسد المستوى الثقافى للمجتمع، وعليه فإن الفن لبنة أساسية من لبنات الثقافة، ولهذا يجب أن تجسد أعمالنا الفنية الثقافة الإسلامية السمحة، وترسخ لقيمنا الإسلامية، وترفض تقديم الابتذال والعرى والقيم غير الإسلامية. وأوضح غنايم أن الإسلام لايرفض الفن الهادف، وإنما يرفض الفن المبتذل والهابط الذى يعرض أعمالا لا تتوافق ومنهج الشريعة الإسلامية، كأن تقدم مضمونا يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف، ويبعد عن ذكر الله، منبها على أن شهر رمضان هو شهر عبادة، ويجب علينا أن نغتنم فرصة الشهر الكريم، بألا نضيعه فى متابعة ما يلهينا عن ذكر الله، فالصلاة فى شهر رمضان تزيد عن الصلاة فى غير شهر رمضان، وقراءة القرآن فيه تزيد عن قراءتنا فىغيره، فلابد أن نكون على قدر المنحة الربانية ونغتنمها، ولا نضيعها أمام ما يلهى عن ذكر الله تعالى.
حسن مصطفى