01 يوليه, 2017

رسائل الإمام

رسائل الإمام

فى ظهوره التليفزيونى خلال شهر رمضان وجه الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر عدداً من الرسائل عبر برامجه المذاعة على الفضائية المصرية وقنوات سى بى سى وصدى البلد وأبو ظبى..

■ قراءة الفاتحة في  الخِطبة لا تعد عقدا بين طرفين، ولا يترتب عليها أى التزام شرعى من أى طرف تجاه الآخر، وإنما هى فقط تأكيد للوعد من الخاطب والمخطوبة وأسرتيهما، وإذا رجع أحد الطرفين بعد الفاتحة لا يُسمى ذلك رجوعاً عن عقد، بل يُعَدُّ إخلافاً للوعد.

■ يجب أن نفرق بين أمرين: الوعود والعقود، فالعقود فيها التزامات، العقود التى يأتى على رأسها وفى قمتها عقد الزواج الذى تنبنى عليه أحكام شرعية لا يجوز أن يخل بها أحد الطرفين (الزوج والزوجة) وإلا انطبق على أحدهما عقوبات شرعية أو تعويضات، لكن الوعود لا يترتب على الرجوع فيها عقوبة شرعية محددة، ولا غرامة مالية، وإنما يترتب عليها الحرمة والإثم؛ لأن الإسلام ينهى عن خلف الوعد، قال تعالى: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئولاً) وأحاديث كثيرة تحث المسلم على أن يلتزم بما بوعد.

■ لا بد أن يُفرَّق بين صحة الشىء شرعاً وبين أن يكون هذا الشىء إثماً أو حراماً،  فالوضوء مثلا بالماء المغصوب والصلاة فى الأرض المغصوبة، كل منهما صحيحٌ، مع ترتب الإثم والحرمة فى حق المتوضئ والمصلى، ومعنى الصحة هنا: أن أداءهما يسقط الفرض عن المتوضئ والمصلى، فلا يبقيان فرضَيْن فى ذمته، ولا يجب عليه إعادتهما مرة ثانية حين يجد الماء المباح والأرض المباحة، ومعنى الإثم هنا: مَحْق الثواب وترتب العقوبة الأخروية على من يفعل ذلك، وفى مسألة الخطوبة يصح التراجع من أحد الطرفين لكن لا بد أن يكون هذا التراجع له مبرر شرعى متأكد منه؛ كأن يتبين للخاطب أن المخطوبة سيئة الخلق، أو مستهترة بأحكام الله.

التراجع فى هذه الحالة لا شىء فيه شرعاً، لكن المشكلة تكون حين يتراجع أحدهما لا لسبب شرعى محدد، وإنما لأشياء تافهة، فهذا ينطبق عليه ما ينطبق على حالة خلف الوعد من إثم، بعدما تراضيا وركن كلٌّ إلى صاحبه، وكان الخاطب سبباً فى انقطاع الخُطَّابِ عن هذه الفتاة، وهذه أضرار تلحق المخطوبة وأسرتها، أو تلحق الخاطب وأسرته، ولا بد من إجراء تعزيرى، كأن يكون هناك تعويض أو قانون أو عقوبة تجبر خاطر  الخطوبة وأسرتها، فقد كان أستاذنا الدكتور الحسينى الشرباصي - رحمه الله - يرى أن حق الرجوع مشروط بالمصلحة الشرعية فإذا لم يكن الأمر كذلك كان الرجوع إضرارا بالطرف الآخر، فمثلا رجوع الخاطب لأى سبب غير شرعى فيه إساءة بسمعة البيوت، بل فيه مساس بالأعراض، وقال: وإنى أرى إعطاء الحرية للرجل والمرأة فى فك الخطبة والإعراض عن الوعد الذى أبرم فيها بدون مسوغ شرعى طالما أساء لسمعة البيوت وقضى على الكثير من شرفه فكان الأحرى برجال القانون أن يستنبطوا من قواعد الشرع العامة والأساسية والعرف عقوبة على سبيل التعزير لمن يقدم على هذا الأمر بدون مسوغ  صحيح ويطالب برد ما وصل إليه من الآخر.

■ يرى أن الفقهاء وإن كان قد نظروا فى هذه المسألة فحكموا بعدم استرداد الهبات والهدايا إذا كان الرجوع  من جهة الخاطب؛ إلا أن هذا لا يكفى  فى علاج هذا المرض الوبيل الذى يسىء إلى شرف المخطوبة ويهدم عليها صرح أمانها، كما يقول: لا أرى فرقاً بين  شقاء من دخل بها زوجها فطلقها صبيحة بنائها وبين من أعرض خاطبها عنها بعد تقديم الهبات والهدايا والذيوع بين الناس، وهنا أضم صوتى إلى صوت شيخى رحمه الله.

■ الأزهر على استعداد لأن يكون هناك تنسيق بينه وبين الجهات المسئولة، لحماية الأسر من هؤلاء الساخرين والعابثين والمستهزئين، مبيناً أن المالكية يرون أن الخِطبة تكون سرًّا بحيث لا تعلن إلا بعد الاتفاق حتى يحافظ على البيوت؛ لأن الشاب قد ينسحب قبل الاتفاق فيتساءل الناس عن السبب فى انسحابه وعدم إتمام الاتفاق، فيلحق بالبنت وأسرتها أضراراً، والعكس صحيح، لكن فى أسرة البنت أشد، ولذلك أنصح الأسر ألا يدعوا بناتهم يخرجن مع أى خاطب مهما كان صالحا وتقيا إلا بعد عقد الزواج؛ لأن البنت دائما هى التى تدفع ثمن هذا الاستهتار.

ما اتفق عليه الفقهاء هو أن للزواج أركاناً إذا توفرت صح الزواج، وإذا فُقد منها ركن أصبح عقد الزواج باطلاً، وما عليه جمهور فقهاء المسلمين هو أنه لا بد فى الزواج من الولى كالأب والأخ على حسب درجات الولاية، وشاهدى عدل، والصيغة التى تدل على تراضى الطرفين، وهو ما يسمى بالإيجاب والقبول بأن يقول الخاطب لولى الفتاة: زوجنى ابنتك أو موكلتك، وهذا يسمى بالإيجاب، فيقول ولى الأمر: قبلت، وهذا يسمى القبول، أو يقول ولى الفتاة: زوجتك ابنتى، فيقول الخاطب: قبلت، فلا بد من إيجاب وقبول، وهذه الصيغة تدل على أنه ليس هناك جبر أو غصب.

■ إن الإمام أبا حنيفة أجاز للمرأة البالغة العاقلة أن تزوج نفسها بنفسها؛ فلها كامل الولاية فى شأن الزواج، وينشأ العقد بعبارتها ويصحّ، ومع أنّه قد أجاز للمرأة أن تزوج نفسها بدون إذن وليها، إلا أنه قد احتاط لحق هذا الولى فشدَّد فى اشتراط الكفاءة فيمن تختاره، وجعل له حقّ الاعتراض إن كان المهر دون مهر المثل.. فالمرأة المغتربة التى تعيش فى بلاد أخرى لظروف التعليم أو الوظيفة، يمكن لها أن تزوج نفسها على مذهب الإمام أبى حنيفة لكن بشرط أن يعلم أبوها بهذا الزواج.

■ الأزهر الشريف يرفض كل الفتاوى التى تقول بإباحة زواج المتعة، داعياً مَن يفتى بذلك أن يتقى الله فى دينه وفى بنات المسلمين؛ لأن علماء أهل السنة يشترطون فى ركن «الصيغة» مِن بين ما يشترطون: أن تكون مؤبدة، فإذ اقترنت الصيغة بما يدل على أن الزواج مؤقت أو محدد بفترة معينة فالعقد باطل، والمؤقت على قسمين: ما ذكر فيه لفظ يدل على التزويج كأن يقول لها: تزوجتك على ثلاثة أشهر أو ستة ويكون ذلك أمام شاهدين فتقبل، أو يكون بلفظ المتعة سواء قدرت فيها مدة أو لا، حضره شهود أو لا، كأن يقول: أتمتع بك مدة كذا فتقبل، وهذا هو زواج المتعة، والعقد باطل بإجماع أهل السنة فى الحالتين.

■ الشيعة الإمامية خالفوا أهل السنة، وأباحوا نكاح المتعة والزواج المؤقت، وقد ذهبوا مذهبهم هذا اتباعا لروايات عندهم وفهم خاص بهم لبعض نصوص القرآن، لكن علماء السنة فندوا كلامهم ونقضوه، وهنا يقول الدكتور على حسب الله -رحمه الله- ردًّا عليهم: إذا أردتم أن تبرروا لمذهبكم فابتعدوا عن القرآن؛ لأن القرآن ليس لكم فيه كلمة واحدة، تدل على أن هذا الزواج مباح، وبالتالى فإن الزواج المؤقت ونكاح المتعة عقدان باطلان عند أهل السنة؛ لأن حكمة الزواج التى ذكرها القرآن هى «السكن والمودة والرحمة»، والزواج المؤقت ينتهى بانتهاء المدة فأين السكن فيه؟!.

■ يقول الشيخ شلتوت عن زواج المتعة: «إن الشريعة التى تبيح للمرأة أن تتزوج فى السنة الواحدة أحد عشر رجلاً وتبيح للرجل أن يتزوج كل يوم ما تمكن من النساء دون تحميله شيئا من تبعات الزواج؛ إن شريعة تبيح هذا لا يمكن أن تكون هى شريعة الله رب العالمين ولا شريعة الإحصان والإعفاف».. فالأفاضل من علماء الشيعة الإمامية رغم قولهم بنكاح المتعة إلا أنهم لا يرضونه لبناتهم؛ لأنه يزرى بهم.

■ الفتاوى الشاذة - من بعض دعاة الفضائيات- التى تبيح نكاح المتعة بأى شكل من الإشكال فيها خيانة لأهل السنة والجماعة الذين أجمعوا على حرمته، فمثلا عند قوله تعالى: (فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ) لا يخلو تفسير واحد من تفاسير القرآن الكريم دون أن يفسر ويبين أن نكاح المتعة أو ما يسمى زواج المتعة حرام عند أهل السنة بالإجماع، وهذا ما عليه الفقهاء المُحدَثون من أساتذة الشريعة وعلمائها الأمناء على دينهم من أمثال الشيوخ العلماء الكبار المتضلعين من الفقه والأصول والتفسير والحديث كالشيخ شلتوت والشيخ أبوزهرة والشيخ على حسب الله والأستاذ زكريا البرى، وكل أساتذة الشريعة فى كليات الحقوق وكليات الشريعة والقانون بالأزهر ممن يعتد بآرائهم، وهم مجمعون على فساد الزواج المؤقت، أو نكاح المتعة وهو حرام، وهذا ما قرره جمهور المسلمين من أيام النبى صلى الله عليه وسلم حتى وقتنا هذا.

■ نكاح المتعة لا ميراث فيه ولا طلاق؛ لأنه خارج عن معنى الأسرة والبيت؛ وما هو إلا عبارة عن لقاء مؤقت بين الرجل والمرأة من أجل قضاء الشهوة فقط، ومَن هذه الحرة التى تقبل هذا الإذلال؟! أليس هذا بيعاً لجسدها لقاء حفنة من المال؟! وما الفرق بينها وبين البغايا؟! موجها حديثه لمن يستمعون للفتاوى الشاذة من البنين والبنات فقال فضيلته: اسألوا من يفتيكم بإباحة نكاح المتعة: هل ترضاه لابنتك، فإذا رفض فقولوا له: اتق الله فى بنات المسلمين، وفى عائلات مصر وبيوتاتها.

■ معالجة مشكلة العنوسة ومشكلة الشباب غير القادر على الزواج ليس بأن نفتيهم بنكاح المتعة، فهذا يعد خيانة لفقه أهل السنة وخيانة للعلم؛ محذراً من اتباع الفتاوى الشاذة التى تبيح هذا النوع من النكاح، مؤكداً أن الأزهر يقول: إن زواج المتعة حرام وأنه قرين البغاء.

■ هناك لبس فى الأذهان بين الزواج العرفى، وبين زاوج السر، وبين الزواج العادى، وبسبب هذا الخلط حدثت تجاوزات عديدة فى بعض الأوساط الطلابية انطلاقاً من أن هناك زواجاً عرفيًّا بمعنى الزواج السرى، وبالتالى لا بد أن نعرف ماهية الزواج السرى وماهية الزواج العرفى، فالزواج السرى: هو الذى يتم بدون شهود، وهو باطل، أو يتم بشاهدين لكن يُوصى كل منهما بكتمانه، فلا يعلمه إلا الزوج والزوجة والشاهدان فقط، وفى كل أحواله يغيب الولى، مع أن أول ما يبطل عقد الزواج هو غياب الولى وعدم معرفته.

■ زواج السر باطل دون الدخول فى تفصيلات: هل يعتبر الشهود من الإشهار؟ ولو اعتبرناهم يكفون فى الإشهار ستظهر هنا مشكلة، وهى غياب الولى، فزواج البنت بأى صورة من الصور بدون علم أبيها وأسرتها زواج باطل، ففى الحديث الشريف: «أيما امرأة نكحت - زوجت نفسها- بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل» حيث كرر فيه النبى صلى الله عليه وسلم عبارة (فنكاحها باطل) ثلاث مرات ليؤكد على بطلان الزواج الذى يتم بدون ولى، كما أن فيه تحذيراً من الاستجابة إلى التخريب الذى يحدث باسم الدين أو باسم الفقه الآن.

■ الزواج العرفى هو ما ليس موثقاً لكن توافرت فيه أركان وشروط الزواج الصحيحة من ولى وشاهدى عدل وصيغة ومهر، فهذا الزواج بهذه الصورة لا يمكن أن يكون حراماً، بل بالعكس هو الصورة  الصحيحة لزواج المسلمين من أيام النبى صلى الله عليه وسلم إلى العهد القريب الذى ظهرت فيه الأحوال الشخصية والتسجيل حيث لم يكن هناك توثيق أو قسيمة زواج، وإنما ظهر التوثيق لما خربت الذمم وأصبح الرجل بإمكانه أن يتزوج امرأة زواجاً شرعيًّا وتلد منه ثم يتنكر لهذا الزواج أو يهرب من الزوجة ولا يعطيها حقوقها، فمست الحاجة إلى توثيقه.

■ الزواج العرفى الذى اكتملت فيه شروطه الشرعية، زواج صحيح شرعاً خطأ قانوناً، لكن الزواج السرى (وهو ما يسمى بالعرفى بين الشباب الآن) بين البنت والولد والذى يشهد عليه اثنان من أصدقائهما دون معرفة ولى أمر البنت فهذا زواج باطل ولا يعترف به وما يحدث بينها زنا.

■ توثيق الزواج الآن أمر لا بد منه لمصلحة البنت، فإن لم يوثقه الزوج خضع لعقوبات قانونية -يؤيدها الأزهر- لأن من حق ولى الأمر أو القائمين على الأمور أن يقيدوا هذا الحلال بشروط ضماناً لمصلحة للطرفين أو لأحدهما سواء كان الزوج أو الزوجة، لكنه عند الشرع صحيح.

■ الأزهر يقر الزواج العرفى بأركانه وشروطه الصحيحة، وعلى رأسها الولى، ولا يقر ولا يعترف بالزواج السرى (المسمى بالعرفى الآن) الذى يتم من وراء ظهر الأب والعائلة، ولا تعلم به، ويعده زواجاً باطلا، وذلك قول النبى صلى الله عليه وسلم: (فنكاحها باطل).

■ خطورة الزواج السرى (العرفى الآن) الذى لم يعرف فى أيامنا ونحن فى الجامعات، حيث لم يكن هذا الانفلات الذى يحدث الآن، ولم تكن هذه الفوضى التى أصبحت تسمى الآن حرية، ولم يكن هذا الخروج عن الأدب والقيم تحت مسمى الحرية.. فعلماء الأزهر هم رمانة الميزان فى الفتاوى الصحيحة والعلم المبرأ من الإفراط والتفريط.

■ الإسلام لم يحدد سنًّا معينة للزواج، وإنما تركه للعرف والتقاليد والظروف البيئية، وهو أمر ربما يختلف من مكان إلى مكان ومن زمان إلى زمان ومن حضارة إلى حضارة، وخير مثال على ذلك أنه فى عام 1923 مادة 56 حُدِّد سن الزواج بالنسبة للبنت 16 والولد 18 حتى تغير هذا القانون فى عام 2004 أو 2005، واختلف سن الزواج، وأصبح سن الزواج للبنت والولد هو 18 عاماً، فسن الزواج اختلفت من زمان إلى زمان ليدرك الجميع أن الشريعة الإسلامية مرنة وتراعى مصالح الناس.

■ من حق ولى الأمر شرعاً أن يقيد المباح، فإذا كان الإسلام أباح للبنت أن تتزوج بعد سن البلوغ  فى أى سنة، فمن حق ولى الأمر أن يتدخل ويقيد هذه الإباحة المطلقة التى وفرها الشرع للناس فيجعل سن الزواج للبنت والولد هو 18 عاماً، والأزهر مع القانون الذى يقيد سن زواج البنت بـ 18 عاما، وهذا لا يعنى أن من حقه أن يحرم الحلال، إذ ليس من حق أحد على الإطلاق أن يحرم حلالاً أو يحلل حراماً، فالذى يقول هذا حلال أو هذا حرام هو الله سبحانه وتعالى.

■ لا يوجد نص صريح قاطع فى الأمر بزواج القاصرات ولا فى الترغيب فيه والتشجيع عليه، فهذه المسألة - مسألة زواج القاصرات- لا يجب أن تثار ولا أن  توظف أو تستغل فى الحملة الشديدة الحالية - وأكرر الحالية - على الإسلام والمسلمين.

■ أطالب المسلمين بضرورة التيقظ لمثل هذه الحملات والتشبث بعقيدتهم وبدينهم الذى كان ولا يزال وسيكون مصدر القوة الوحيدة والعزة الوحيدة للعرب وللمسلمين، والذى حينما أباح مسألة زواج الصغيرة لم يتجنَّ على المجتمعات؛ لأن المجتمعات فى ذلك الوقت حتى جيلى الذى عشت فيه كانت تسمح بهذا النوع من الزواج وتفتحر به، وهو أن البنت بمجرد ما بلغت تزوجت، وهذا كان عرفا سائدا ومستقرا وكانت الأسرة تسعد به وكانت الأم تسعد به؛ لأن البنت بمجرد بلوغها ستتزوج، فكان هذا الأمر متروكا للعادات والتقاليد، لكن الأمر اختلف الآن فأصبحت الأم والبنت نفسها لا تسمح بمسألة الزواج إلا بعد التخرج، فالظروف فى أقل من 50 أو 60 سنة تغيرت من النقيض للنقيض.

■ الإسلام لم يفرض ولم يرغب فى زواج الصغيرات كما يشاع حتى يعاب عليه هذا الكلام، وإنما الأمر كان متروكاً لعادات اجتماعية تغيرت وتقلبت، لافتاً إلى أنه لا بد من بذل جهود إعلامية وثقافية من أجل حل مشكلات الزواج بالنسبة للفتيات الكبيرات لا أن نبعث مشكلات من جديد لإلهاء الناس وشغلهم عن حل مشكلات أهم وأعمق.

■ حديثنا عن زواج القاصرات إنما كان للرد على هؤلاء المتربصين بالإسلام وبالحضارة الإسلامية، وهم المكلفون بتشويه الإسلام بأى صورة من الصور، وعلى الجميع أن ينتبه لهذا الفريق الذى نشط الآن للحديث عن الإسلام وتشويهه فى أذهان الشباب.

■ معظم الفقهاء يرفضون مسألة زواج الصغيرات وكثير منهم أبطل عقد الزواج قبل بلوغ الولد أو البنت، وبطلانه يعنى أنه لا يترتب عليه لا مهر ولا توارث؛ لأنه شىء خارج عن الطبيعة، لكن بعد البلوغ فالزواج جائز على اعتبار أن الأمر خاضع للعادات والتقاليد والمجتمعات سواء كانت مجتمعات قبلية أم مجتمعات حضرية، وإذا كان الأمر يتعلق بعادات وتقاليد فبأى وجه يحرم الفقهاء هذا الزواج وهم فى عصور ليس فيها قوانين تحدد سن الطفولة ولا سن الزواج ولا مواثيق دولية.. وبالتالى كان لا بد أن يقولوا: إن هذا يتماشى مع الإسلام أو لا يتماشى معه، لكن من مرونة الشريعة أنها لم تحدد سنًّا معينة للزواج ليقبل هذه الصورة أو تلك التى قد تتغير وتتبدل، وفى هذا السياق قلنا فى هذه المسألة: إن من حق ولى الأمر شرعاً أن يقيد فيها هذا المباح الشرعى، لما فيه مصلحة الأولاد والبنات ومصلحة المجتمع.

قراءة (1569)/تعليقات (0)

كلمات دالة: