أثار إعلان فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الانتهاء من قانون مكافحة الكراهية والعنف باسم الدين، ورفعه لرئاسة الجمهورية، ردود أفعال متباينة، خاصة بعد أن تم الإعلان عن المسودة النهائية للمشروع، حيث أبدى البعض ملاحظاتهم على القانون، معتبرين أنه يقيد الحريات والأفكار، خاصة المادة الرابعة منه.
وردا على تلك الملاحظات التى ابداها البعض، علق المستشار محمد عبدالسلام، المستشار التشريعى والقانونى لفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، ورئيس اللجنة التى شكلها فضيلة الإمام الأكبر لإعداد مشروع القانون، وبخاصة الملاحظات التى أثيرت حول نص المادة الرابعة من مشروع القانون، والتى تنص على أنه: «لا يجوز الاحتجاج بحرية الرأى والتعبير أو النقد أو حرية الإعلام أو النشر أو الإبداع للإتيان بأى قولٍ أو عملٍ ينطوى على ما يخالف أحكام هذا القانون، أى عند ارتكاب فعل أو سلوك يؤدى إلى إثارة الكراهية أو العنف بين أبناء المجتمع».. حيث قال المستشار محمد عبدالسلام، إن القاعدة فى تفسير القوانين أن نصوص القانون يكمل بعضها بعضا، ولا يجوز اقتطاع مادة أو عبارة وتفسيرها بمعزل عن باقى نصوص القانون التى يفسر بعضها البعض ويكمل بعضها البعض، ولذلك فإن الوقوف عند نص المادة الرابعة وإخراجها من السياق الذى وردت فيه يخالف قواعد التفسير التشريعى، ويؤدى إلى معانٍ منبتة الصلة بالمقصود منها.
وبين مستشار فضيلة شيخ الأزهر، أن مبادئ حرية الرأى والتعبير أو النقد أو حرية الإعلام أو النشر أو الإبداع تقيدها مبادئ عدم جواز الإضرار بالغير، ومبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون، وعدم جواز التمييز أو التفرقة بسبب الدِّين، وبالتَّالى فإن تنظيم هذه الحريات بألا تؤدى إلى الحضِّ على الكراهية أو التفرقة والتمييز بسبب الدِّين هو أمر مقبول دستوريا وإنسانيا لحماية وطن من الفتن، لأنَّ الحرية المطلقة غير المنضبطة هى عنوانٌ للانفلات الذى يضرُّ بالكافة ويهدِّد تماسك المجتمع.
وأشار المستشار محمد عبدالسلام إلى أن مشروع القانون مأخوذٌ به ومطبق فى عدد من التشريعات المقارنة بالدول الأخرى، وأن المشروع برمَّته هو رأى خالصٌ لوجه الله والوطن لحماية مصرَ ووَحدتها من شرور الفتنة وإعلاء قيم الإخاء والتسامح والمواطنة والمساواة وقبول الآخر، وقد عكف عليه فريقٌ من المخلصين، وتدارستْه هيئة كبار العلماء.
ونوه مستشار شيخ الأزهر، إلى أن مشروع القانون جرى رفعه للجهات المختصَّة باعتباره مقترحاً ورأياً ووجهة نظرٍ لا تقيِّد ولا تُلزم السلطة التشريعيَّة المختصَّة التى يحقُّ لها أن تناقشَه وتأخذ به أو تعدِّله أو تضيف إليه، وأنَّه يحقُّ لكلِّ أصحاب الرأى أن يدلوا بدلوهم فى مشروع القانون دون إجحافٍ أو إلحافٍ أو تعريضٍ بالأزهر الشريف الذى اجتهد وأبدى رأياً ينبغى احترامه، أخذاً بحريَّة الرأى التى يدافع عنها البعض ثم ينكرها على الأزهر الشَّريف.
واختتم مستشار فضيلة شيخ الأزهر، رده على ما اثير حول قانون الأزهر لمكافحة الكراهية والعنف باسم الأديان، أن التخوف من اتساع مفهوم بعض المصطلحات الواردة بالمشروع هو تخوُّفٌ مشروعٌ لدى البعض من أصحاب الرأى، وحاولنا قدرَ الإمكان ضبط هذه الصياغة لتحديد مدلولها، وهى مشكلة عامَّة فى العديد من الاصطلاحات القانونية ببعض القوانين التى تتم معالجتها بأدوات الصياغة التشريعيَّة استنادا إلى قواعد التفسير المستقرة وما تواتر عليه العمل التشريعى، ويمكن للسلطة التشريعية أن تتفاداها حين نظر المشروع الذى لا يعدو كونه اقتراحاً من الأزهر ودعوة للمشرع بالتصدى لجريمة الحض على الكراهية التى جرمها الدستور، ومساهمة منه فى القضاء على خطاب الكراهية لما يمثله من خطر عظيم على تماسك المجتمع ووحدة نسيجه.
حسن مصطفى