لم يكد المواطن المصرى يفيق من صدمة ارتفاع الأسعار عقب تحرير سعر صرف الدولار وتعويم الجنيه ثم رفع سعر المواد البترولية.. حتى صفعته الحكومة صفعة أشد برفع أسعار المواد البترولية مرة أخرى الأسبوع الماضى فى أقل من 7 شهور والذى يتبعه ارتفاع أسعار كل شىء بداية من المواصلات ومرورا بالخضراوات والفواكه واللحوم والحبوب والاعلاف وسائر المنتجات حيث يقوم التجار بتعويض هذا الارتفاع من جيوب المواطنين.. كل ذلك أثار حالة من الاستياء فى الشارع المصرى وعلى مواقع التواصل الاجتماعى من خلال إطلاق العديد من حملات المقاطعة سواء لشركات المحمول، أو اللحوم والدواجن أو الأسماك وغيرها..
«صوت الأزهر» رصدت آراء الجمهور فى انعكاس ارتفاع الأسعار على الاسر المصرية وجدوى حملات المقاطعة، كما ناقشنا خبراء الاقتصاد حول كيفية مواجهة جشع التجار بعد زيادة أسعار المحروقات فى التحقيق التالى.
فى البداية يعترض إسلام منير على ارتفاع الأسعار سواء السلع أو البنزين، ويدعو لمقاطعة السلع التى يبالغ التجار فى رفع أسعارها حتى يضطروا لخفض السعر، ويقول: ما تعلمته من تاريخ بلدى أن المصريين عندهم عزيمة وإصرار والمنتجات التى سيجتمع الناس على الامتناع عن شرائها سيضطر التجار لخفض سعرها وساعتها سيكون هذا عملا إيجابيا.
وقالت نسمة محمد: فى أقل من خمسة شهور ترتفع الأسعار بهذا الشكل الكبير والمرتبات ثابتة.. ماذا يفعل المواطن وكيف يدبر احتياجات أطفاله؟! متسائلا فى مرارة: هل يعقل أن أركب مواصلات بـ 12 جنيها وانا مرتبى 1200 جنيه؟!
بينما يختلف محمد القنتيرى مع الاراء السابقة ويرى أن رفع الدعم عن المحروقات قرار صدر لكى يحصل المواطن «الغلبان» على حقه، ويصل الدعم لمن يستحقه، وليس لأصحاب أساطيل الميكروباص وأصحاب السيارات والمصانع وغيرها.
حملات رقابية
وقد قامت الرقابة الإدارية منذ ارتفاع الأسعار فى نوفمبر 2016 بعدد من الحملات الرقابية فى المحافظات لمواجهة ارتفاع الأسعار والوقوف على توافر السلع الغذائية، ودقة الأوزان، وصلاحية السلع للاستهلاك، ومواجهة غلاء الأسعار، وجشع التجار. كما تم المرور على عدد كبير من السلاسل التجارية وتقدير حجم السلع داخلها ومقارنتها بالرصيد، والاطلاع على المخازن وفروعها، والتأكيد على نظافة المخازن والتأكد من وجود شهادات صحية للعاملين.
قرارات مفاجئة
من جهتها قالت سعاد الديب رئيس الاتحاد النوعى لجمعيات حماية المستهلك: لا يوجد لدينا آلية لحماية المستهلك فنحن من نحتاج إلى حماية من قرارات الحكومة المفاجئة التى تتخذها ضد الناس ولا تعمل احتياطات لرد فعل الشعب المطحون.
وأضافت الديب: بعد رفع الدعم الجزئى عن المحروقات يجب النظر إلى إمكانية استغلال بعض التجار لهذا الأمر حتى يكون المستهلك هو الضحية، فلذلك يجب أن تكون هناك «بورصة» لأسعار السلع ووضع السعر على عبوات المنتج، حتى لا نرى السلعة الواحدة تتغير قيمتها من مكان لآخر.
رقابة صارمة
بينما قال الخبير الاقتصادى خالد الشافعى، إن هناك آليات لا بد من تنفيذها حتى تخفف العبء على المواطن فيجب على الحكومة أن تحد من الآثار السلبية المصاحبة لهذا القرار عن طريق فرض رقابة صارمة على الأسواق بالتعاون مع اتحاد الغرف التجارية واتحاد المستثمرين واتحاد الصناعات وجهاز حماية المستهلك ومع الرقابة الإدارية وكافة الأجهزة الرقابية المتعلقة لضبط وتنظيم الأسواق فى ظل رؤية صريحة وواضحة وباستراتيجية محددة الهدف منها عدم استغلال التجار للزيادات السعرية فى المنتجات التى تم رفع أسعارها حتى لا يُستغل المواطن بزيادة تفوق الزيادات المقررة. وأضاف: ينبغى تحديد سعر عادل يحقق العدالة بهذه الزيادات حتى لا يعكس تجاوزات يعانى منها المواطنون فى هذه الأسعار ويصل التضخم إلى مداه حيث وصل خلال الأشهر القليلة الماضية بعد تحديد سعر الصرف لأكثر من 30% والوضع الآن لا يتحمل وصول التضخم إلى مستويات أعلى من ذلك وحتى لا يؤثر ذلك سلبا أو يلتهم كافة الإجراءات الحمائية التى قامت بها الحكومة من برامج حماية اجتماعية مع 10% علاوة غلاء والتى تم إقرارها مؤخرا.
وتابع الشافعى: لن تكون هذه القرارات التى اتخذها الرئيس مؤخرا فاعلة إلا إذا تم ضبط الأسواق ومن خلال ذلك فان حجم السوق الموازى يمكن أن يدخل فى الاقتصاد الرسمى حيث يبلغ حجم تعاملاته أكثر من 2 تريليون جنيه وحينها تستطيع الحكومة أن تحصل الضرائب المستحقة على الاقتصاد غير الرسمى وتبلغ 500 مليار جنيه تنعش الخزانة العامة وتسد أى عجز مزمن فى الموازنة العامة للدولة وبالتالى تستطيع الدولة تحقيق الهدف المنشود وهو رفع الدعم عن المحروقات دون تحميل المواطن الأعباء والآثار السلبية المصاحبة لعملية الإصلاح الاقتصادى التى تمت الفترة الماضية.
وأكد أنه يجب أن تكون الأسعار النهائية معلنة بشكل صريح وليس به غموض حتى لا يستغل التجار عدم فهم ودراية المواطن بهذه الزيادات مما يزيد التضحم فى الأسواق بشكل يصعب على الحكومة فيما بعد أن تفرض سيطرتها مرة أخرى على الأسعار. ولابد أن يتم الاتفاق وتحديد سقف نهائى لأسعار لكل السلع التى سوف تتأثر بهذه الزيادات حتى لا يستغلها التجار والمنتجون برفع زيادات فوق المسموح به. وأشار إلى أنه ينبغى على الحكومة الرقابة الصارمة على آليات العرض والطلب حتى تترك حرية العرض والطلب للسوق يحدد الأسعار بشكل كامل وإذا لم تتوافر آليات لتنفيذ ذلك فيجب توفير السلع الأساسية للمواطن بأسعار استرشادية من السلع الأساسية وتوفيرها فى منافذ التموين وجهاز الخدمات العامة للقوات المسلحة والسيارات المتنقلة فى أماكن تجمع السكان فى جميع المحافظات حتى لا يتأثر المواطن المحدود الدخل بالارتفاعات المتكررة فى الأسعار وحتى تخفف الحكومة الآثار السلبية من هذه الزيادت. وأوضح الشافعى أنه إذا كانت الحكومة تريد أن تسد عجز الموازنة فيجب عليها تحقيق العدالة الضريبية المنشودة بشكل لا يحمل المواطن أى أعباء مالية على الأسعار.. وما اتخذته الحكومة من إجراءات سوف يزيد نسبة التضخم عما هى عليه الآن ويوجِد حالة من الاحتقان بين الحكومة والمواطنين كل هذه الإجراءات كانت الحكومة فى غنى عنها لو حققت العدالة الضريبية وحققت سعر ضريبة عادلا لكافة الشرائح الضريبية لذلك لا بد من تحريك الشرائح الضريبية وصولا للعدالة وبالتالى تخفيف الضرائب عن المواطن.
سد العجز
وقال الدكتور سعيد توفيق الخبير الاقتصادى إن الحكومة لجأت إلى زيادة المحروقات لسد عجز الموازنة العامة للدولة وهذا خطأ وتحميل للمواطن فوق طاقته ووجود مشاحنات بين المواطن والحكومة، مضيفا: كان من الأولى أن تتبع الحكومة طريقتين لتقليل عجز الموازنة العامة إلى أقل من 10% وهما: زيادة الإيرادات لموارد الدولة، وتخفيض النفقات أو المصروفات الحكومية.
وطالب توفيق المواطنين بعدم شراء أى سلع غير ضرورية فى الوقت الحالى لحين هدوء موجة جشع التجار، ووجود جهاز رقابى قوى وقادر على حماية المستهلكين منهم، والتحرك من قبل الجهات الرقابية، فلو تم تنفيذ ما نطالب المواطن به سوف يتراجع التجار ويتم تخفيض سعر السلعة، وإذا طبقت الحكومة بعض الحلول سوف تخفف العبء عن المواطن.
نعمات مدحت