13 يوليه, 2017

سجل قطر مع تمويل الإرهاب

سجل قطر مع تمويل الإرهاب

فى الوقت الذى تتكاتف فيه الجهود العربية والدولية لمواجهة تنظيم «داعش» يشدد المسئولون على أهمية استخدام وسائل التأثير والإقناع إلى جانب الضربات العسكرية، حيث إن أى جهد لمواجهة «داعش» والقضاء عليها يجب أن يشمل بشكل خاص تركيزاً متجدداً على رصد مصادر تمويلها، وهنا يأتى دور قطر، الدولة الخليجية الصغيرة الغنية، التى تتودد للحركات الإسلامية بدءاً من «حماس» فى فلسطين إلى الميليشيات الإسلامية فى ليبيا وصولاً إلى حركة طالبان فى أفغانستان.

وفى هذا الشأن أثبت وكيل وزير الخزانة الأمريكى لشئون الإرهاب ديفيد كوهين، أن قطر- على وجه الخصوص- تعطى «صلاحية سامحة» لتمويل الإرهاب، وأن الرقابة القطرية متساهلة، موضحاً فى تقريره أن «عدداً من الممولين الذين يتخذون من قطر مقراً لهم يعملون كممثلين محليين لشبكات أكبر لتمويل الإرهاب مقرها الكويت». وأضاف كوهين، الذى لم يشأ أن يكشف عن معلومات استخباراتية حساسة، أن قطر لا تدعم «حماس» فحسب، بل أيضاً تنظيمات متشددة تعمل فى سوريا، وختم قائلاً: «إن أقل ما يمكن قوله هو أن ذلك يهدد بتفاقم وضع متفجر بطريقة خطرة بشكل خاص وغير مرغوب بها».

وبعد ضغوطات متزايدة ومتواصلة نتيجة اتهامات بأن قطر مستمرة بتمويل المتشددين فى سوريا والعراق، طمأن أمير قطر تميم بن حمد آل ثانى المجتمع الدولى بأن نظامه لا علاقة له بكل ذلك، فى حين أنه اعترف شخصياً بعد ذلك بأن «تلك التنظيمات ممولة بشكل جزئى من الخارج»، لذا فقد أصدرت قطر قانوناً جديداً لتشكيل هيئة منظمة للجمعيات الخيرية المحلية التى تشترك بالعمل السياسى أو ترسل الأموال إلى الخارج أو تحصل على مساهمات من الخارج، وهذه خطوة أولى مرحب بها بالاتجاه الصحيح، بيد أنها لم تأتِ بالنتائج المرجوة إذ لم يتم تطبيق القانون وانفاذه، ولسوء الحظ، فإن قطر لها تاريخ بسن قوانين مماثلة وإحداث جلبة حولها من دون متابعة أو تطبيق، ما أدى فى نهاية المطاف إلى اتخاذ قرار بمقاطعة قطر دبلوماسياً من قبل الرباعية العربية «مصر، الإمارات، السعودية، والبحرين» فى الخامس من يونيو الماضى، نظراً لاستمرارها فى دعم وتمويل وإيواء المتشددين، فى حين امتنعت كل من الكويت وعمان عن المشاركة فى حملة المقاطعة العربية لقطر، وذلك لأنهما تدركان جيداً إمكانية وضعهما مكان قطر التى قاطعتها هذه الدول العربية الكبيرة فجأة، لا سيما أن سبب القطيعة- إلى جانب تمويل الإرهاب- يكمن فى علاقة قطر بإيران، ما ينطبق بدرجة كبيرة على كل من الكويت وسلطنة عمان، حيث إن كلاً منهما تتمتعان بعلاقة قوية مع إيران.

جدير بالذكر، أن قطر أقرت فى العام 2004 قانوناً لمكافحة تمويل الإرهاب، وأسست وحدة استخبارات مالية، وأنشأت الهيئة القطرية للأعمال الخيرية، وأقرت قانوناً آخر عام 2006 وسّع الرقابة على الجمعيات الخيرية وأعطى سلطات إضافية لوزارة الخدمة المدنية والإسكان، ولكن حينما قدِم فريق تقييم مشترك من صندوق النقد الدولى للتدقيق بعمليات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بعد عامين على ذلك القانون، برزت مشاكل كبيرة، وجاء فى تقرير الصندوق إن تمويل الإرهاب يعدّ جريمة فى قطر «لكن تعريفه يبقى محدوداً»، وتبين أن المرسوم الإدارى الذى أنشأ وحدة الاستخبارات المالية غير مطابق لقانون مكافحة غسل الأموال فى قطر، حيث وجد التقرير أن النظام الذى ينص على الإعلان عن أى أموال تنقل عبر الحدود «غير مطبق وغير فعال»، ورغم امتلاكها الصلاحية لضبط الأموال المرتبطة بعمليات غسل الأموال أو تمويل الإرهاب وتجميدها وحجزها، إلا أن أى عملية من هذا النوع لم تتم باعتبار أن أى قضية غسل أموال لم ترفع أمام المحاكم. وأشار التقرير إلى أن «السلطات القطرية أتاحت ملاذاً آمناً لشخصية ورد اسمها على قائمة الإرهاب العالمية القرار 1267، وأن أى إجراءات لم تتخذ بحق أموالها أو أصولها».

وفى العام 2010، أقرّت قطر قانوناً جديداً فى مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب يوجب بشكل خاص على الادعاء تجميد أموال المنظمات التى تضعها الأمم المتحدة على قائمة الإرهاب، وأعطيت لجنة مكافحة الإرهاب الوطنية صلاحية تحديد الإرهابيين بشكل مستقل عن الأمم المتحدة، غير أن اللجنة لم تسجل أى منظمة بدءاً من العام 2013، وفى حين تلزم القوانين المرعية المؤسسات المالية تسجيل تقارير تحويل مشبوهة، إلا أن وحدة الاستخبارات المالية لم تُحِل إلى الادعاء سوى قضية واحدة للتحقيق منذ نوفمبر 2013. وفى التقرير السنوى لوزارة الخارجية الأمريكية عن الاتجاهات الإرهابية وصفت الوزارة عملية إشراف قطر على التبرعات المحلية للمنظمات الخارجية بأنها «غير متناسقة»، كما وجدت أن تطبيق السلطات القطرية لقانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بأنه «ناقص» وتشوبه «ثغرات كبيرة»، مؤكدة فى العام 2015 أن قطر تتجاهل عمليات تمويل الإرهاب، ولم توقف تدفق الأموال إلى المتطرفين، وتستمر فى دعم وتمويل داعش والقاعدة والنصرة، معلنة أيضاً أن «هناك أفراداً وكيانات داخل قطر مصدر للدعم المالى للإرهابيين»، مضيفة أن «قطر توفر الملاذ الآمن لإرهابيين معروفين». وفى العام 2014 قال وزير التنمية الألمانى: «من يقوم بتسليح وتمويل مسلحى داعش هنا فى قطر».

هذا، وبحسب أحد المسئولين الأمريكيين، فإن موقف قطر حتى اليوم يكتفى «بتمرير قانون وتكون المشكلة قد حلت»، وليس من الغريب أن تضع وزارة الخزانة الأمريكية الأكاديمى ورجل الأعمال القطرى عبدالرحمن النعيمى، فى ديسمبر 2013 على قائمة الإرهاب، وأشارت إلى أنه «أمر بتحويل نحو 600 ألف دولار لتنظيم «القاعدة» عبر ممثل لها فى سوريا هو أبوخالد السورى، وكان ينوى تحويل 50 ألف دولار إضافية»، موضحة أن «النعيمى» لم يبخل على تنظيمات أخرى بالمال وأرسل أموالاً لتنظيم «داعش» فى العراق، وإلى تنظيم «القاعدة فى جزيرة العرب» وحركة «الشباب» فى الصومال.

وفى الوقت نفسه، تستمر وزارة الخزانة الأمريكية بتصنيف ممولى الإرهاب والاختصاصيين اللوجيستيين الذين يدعمون «داعش» من قطر، وقد حددت فى تقرير لها أن هناك 12 شخصاً من قطر قالت عنهم إنهم «ييسرون للمقاتلين الإرهابيين الأجانب»، ووفقاً لوزارة الخزانة، هناك اثنان أفصحت عن اسم أحدهما ويدعى طارق الحرزى «عمل للمساعدة على جمع الأموال لـ«داعش» من جهات مانحة مقرها فى قطر»، من بينها هبة بقيمة مليونى دولار لعمليات «داعش» العسكرية فقط. موضحة أن بقية الممولين والوسطاء الآخرين من قطر عملوا لصالح «جبهة النصرة» وليس «داعش».

مصطفى الأسواني

قراءة (4152)/تعليقات (0)

كلمات دالة: