وسط حضور ما يزيد على الألف شاب من مختلف المحافظات، وشباب الجامعات، والعاملين فى الجمعيات الأهلية، وشباب جمعيات رجال الأعمال، افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسى المؤتمر، محذرا خلال جلسة رؤية مصر 2030 من الزيادة السكانية على تحقيق اقتصاد قوى، مشدداً على أن الزيادة السكانية والإرهاب أكبر خطرين يواجهان مصر خلال الفترة الحالية، بل فى تاريخها، لافتاً إلى أنهما يقللان من فرص الدولة فى النهوض، مطالباً الآباء باتخاذ التدابير الكافية تجاه المسئولية الموكلة إليهم، خاصة فيما يتعلق بقلة الدخل وعدد الأبناء، متابعاً: «أنت مسئول أمام الله والوطن عن أولادك، يا ترى قدراتك المالية تتيح لك الإنفاق عليهم، لو قلت «لا» يبقى بتظلمهم وهتتحاسب»، موضحاً أن المولى أمرنا بتنظيم الإنجاب وفقاً لقدرة الإنفاق.
ورداً على أزمة جزيرة الوراق، أضاف الرئيس أن الجزيرة مقامة على أرض زراعية تم التعدى عليها بالبناء، ومن ثم إلقاء السكان مياه الصرف فى النيل، ما ينجم عنه أمراض الكلى والكبد وتلوث المياه، مشدداً على أن الوراق كانت أكبر من الزمالك ولكن النطاق الجغرافى والتخطيط أبعدها عن الزمالك.
وشدد الرئيس السيسى على أن مصر لن تتراجع لحظة عن مكافحة الإرهاب، ملمحاً إلى أن مصر أعلنت عن مكافحة جماعات التطرف والإرهاب فى الوقت المناسب، فى ظل الأزمة التى تهدد العالم أجمع، ولا تخص دولة بعينها، بالإضافة إلى الارتفاع الدولى من أجل مكافحة الإرهاب وقطعه من جذوره، متابعاً: «الشرق الأوسط لن ينعم بالاستقرار إذا لم تتم السيطرة على هذه الآفة».
وأجاب الرئيس خلال الجلسات المسائية عن جميع التساؤلات التى تدور فى أذهان المواطنين خلال الفترة الماضية، وركّز على العديد من الأبعاد الخاصة بقضايا المنطقة على الصعيدين الإقليمى والعربى، فضلاً عن إجراء لقاء مفتوح مع الشباب الذين وجهوا تساؤلات مهمة على الصعيدين الداخلى والخارجى تلقاها عبر صفحات موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك وتويتر».
ودعا الرئيس جموع المصريين للتعبير عن رأيهم بخصوص الانتخابات الرئاسية الجديدة بكل حرية، مطالباً الناخبين بالوقوف فى طوابير الانتخابات حتى لو طالت المدة، لبعث رسالة إلى العالم تكشف للجميع إرادة المصريين فى التمثيل الديمقراطى الحقيقى، مستشهداً بالآية القرآنية الكريمة: «قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِى الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ».
وبسؤاله حول الإنجازات الخاصة بالبنية التحتية، أوضح أنه تم افتتاح العديد من شبكات الطرق والكبارى والتى كلفت الدولة ما يقرب من 600 مليار جنيه قبل التعويم، ما يعادل حالياً تريليوناً و200 مليار، مطمئناً المصريين على المستقبل، بعد السير على الطريق الصحيح للاستثمار والتنمية، مشيراً إلى أن الدولة سوف تكثف جهودها لضبط الأسعار عبر تحسين آليات التسويق، نافياً اتباع أسلوب الضغط ومواجهة رجال الأعمال، مضيفاً: «يتم استخراج البطاطس من الأرض بـ50 قرشاً، ويتم بيعها فى الأسواق بثلاثة جنيهات»، ما يعنى وجود حلقة مفقودة فى آلية التسويق الصحيحة، وأنه فى آخر العام المقبل سوف يتم تقديم مليون فدان من القطاع الخاص، بالإضافة لبرنامج مليون رأس ماشية من أجل تدبير اللحوم.
من جانبه، علق الدكتور محمود عبدالنعيم الخبير السياسى على خطاب الرئيس السيسى، قائلاً: إن الرئيس أعطى مؤشراً إيجابياً للغد القريب والبعيد معاً، بعدما تحدث من القلب مع أبنائه الشباب وأجاب عن جميع التساؤلات بشفافية واضحة بدت على كلماته، مستنداً إلى الأرقام والاحصائيات التى تدلل مساعى الدولة نحو النهضة الحقيقية والتنمية المستدامة التى تتطلع إليها مصر بآليات من الاقتصاد الواقعى، مستدعياً النماذج الصالحة من الشباب وعلى رأسها الطالبة المتفوقة مريم والشاب المجتهد ياسين ليكونان نماذج ناجحة يدفعان الأجيال الحالية إلى العمل والكد بأبسط الإمكانيات والمجهود دون الارتكان على الحكومة وما سوف توفره الدولة بعد التخرج كما اعتاد الآباء على بث هذه الأفكار فى عقول أبنائهم، لافتاً إلى أن السيسى كشف للرأى العام العديد من القضايا المهمة بأريحية شديدة وبساطة يفهمها المواطنون من خلال التطرق إلى قضية جزيرة الوراق وشرح أبعادها بسلاسة ومدى خطورة وجودها على صحة تلوث مياه النيل، بالإضافة إلى فتح القضية الشائكة وهى الإرهاب الذى ألقى بظلاله على المنطقة العربية والعالم أجمع، موجهاً المواطنين بالوعى فى ترشيد إنجاب الأطفال، فى ظل عدم القدرة على الإنفاق، ليعالج الجانب الاجتماعى المهم الذى يؤثر فى أبعاد العملية الاقتصادية. وأضاف عبدالنعيم أن الرئيس السيسى ظهر فى كلامه إدراك كل صغيرة وكبيرة تدور داخل الدولة، محملاً على عاتقه الأبعاد الصحية للمواطنين، مثمناً وعوده للفقراء باستقرار الأسعار خلال الفترة المقبلة، وحل لوغاريتم الفجوة الكبيرة بين أسعار الزرع والبيع، متمنياً أن يستمر اللقاء مع الشباب بشكل دورى شهرى باستغلال الوسائل التكنولوجية المتاحة عبر «سكايب» أو «الفيديو كونفراس» لطرح العديد من الرؤى الجديدة للشباب على الرئيس، وإجابته عن جميع التساؤلات التى تطرح فى وسائل الإعلام ويتناولها المحللون بأسلوب من الاستهتار بالجهود المبذولة خلال الفترة الماضية، أو الحديث بشكل غير لائق عن المشروعات التنموية التى تستهدف زيادة الصادرات، مشدداً على ضرورة البحث الجاد والفعال من قبل الحكومة عن حلول لإنهاء المشكلات المتراكمة على عاتق المواطنين وتنفيذ توجيهات الرئيس بما يصب فى صالح محدود الدخل وعدم فرض أية أعباء إضافية على أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمواطنين البسطاء. يذكر أن المؤتمر شهد حضوراً مكثفاً من القيادات فى الدولة، وكبار المسئولين وعلى رأسهم رئيس مجلس النواب ومجلس الوزراء، وأعضاء النواب، ورؤساء الأحزاب السياسية، بجوار عدد من الإعلاميين الذين حرصوا على تغطية الفعاليات لحظة بلحظة.
محمد فرج