تصاعدت حدة الأزمة بين المملكة العربية السعودية ودولة قطر، وذلك عقب تداول أنباء عن اتخاذ السلطات السعودية لعدد من الإجراءات لإعاقة القطريين الراغبين فى أداء مناسك الحج أو العمرة لهذا العام.
الأمر بدأ حين أعلنت المملكة العربية السعودية اشتراطها وصول الحجاج القطريين الراغبين فى أداء فريضة الحج إلى المملكة جواً فقط، وعبر شركات طيران غير الخطوط القطرية، وهو الاشتراط الذى عبرت وزارة الأوقاف القطرية عن أسفها لصدوره، ووصفته بأنه «إقحام لأمور السياسة فى إجراءات أداء هذا الركن من أركان الإسلام، الأمر الذى قد يؤدى إلى حرمان الكثير من المسلمين من أداء هذه الفريضة».
وزارة الأوقاف القطرية أعلنت فى بيان رسمى لها أن وزارة الحج والعمرة السعودية امتنعت عن التواصل معها لتأمين سلامة الحجاج وتسهيل قيامهم بأداء الفريضة، بحجة أن هذا الأمر فى يد السلطات العليا بالمملكة، وتنصلت من تقديم أى ضمانات لسلامة الحجاج القطريين.
من جانبها رفضت المملكة العربية السعودية الاتهامات القطرية، واتهمت على لسان وزير خارجيتها عادل الجبير؛ الدوحة بمحاولة تسييس الحج، وأن الحكومة القطرية هى التى تقوم بإعاقة الحجاج القطريين، وذلك بعد ورود أنباء عن وقف وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية القطرية التسجيل للحج لهذا العام على موقعها الإلكتروني؛ وأشار «الجبير» إلى أن الأشقاء القطريين مرحب بهم مثلهم مثل أى مسلم فى العالم يرغب فى زيارة مكة.
من جانبه أكد مدير إدارة الحج والعمرة بوزارة الأوقاف القطرية، على سلطان المسيفري؛ إن «إدارة الحج والعمرة فتحت باب التسجيل للحجاج من دولة قطر ولمدة شهر كما هى العادة طوال شهر مارس الماضى، وأغلق باب التسجيل فى نهاية الشهر ذاته كما هو متبع فى كل عام لاستكمال الإجراءات المعتادة»؛ مشيراً إلى أن «عدد المسجلين فى الفترة المحددة بلغ 20 ألف حاج من مواطنين ومقيمين، واشتركت أعداد كبيرة منهم فى حملات الحج لبدء إجراءات قيامهم بالشعيرة المقدسة، إلا أن امتناع السعودية عن التواصل مع الوزارة، وتقديم أى ضمانات لسلامة الحجاج أدى إلى تخوف حملات الحج والحجاج، خاصة وأن المعتمرين القطريين فى الأسابيع الماضية قد تعرضوا لعراقيل ومضايقات لا مبرر لها».
لم يقف الأمر عند هذا الحد؛ بل وصل لذورته حين أقدمت اللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان يوم الأحد الماضى على تقديم شكوى إلى المقرر الخاص بالأمم المتحدة المعنى بحرية الدين والعقيدة تتهم فيها السعودية بـ«تسييس» الحج ووضع العراقيل أمام المواطنين القطريين الراغبين بأداء مناسك الحج والعمرة؛ معبرة عن قلقها الشديد مما أسمته «تسييس الشعائر الدينية واستخدامها لتحقيق مكاسب سياسية»، واصفة ذلك بأنه «انتهاك صارخ لجميع المواثيق والأعراف الدولية التى تنص على حرية ممارسة الشعائر الدينية»، وهو الأمر الذى رفضه وزير الخارجية السعودى عادل الجبير؛ مؤكداً إن طلب قطر تدويل المشاعر المقدسة عدوانى ويعد بمثابة إعلان حرب ضد المملكة.
وفى السياق ذاته أشار سفير المملكة العربية السعودية فى مصر، أحمد القطان؛ إلى إن مزاعم قطر حول المصاعب التى يواجهها الحجاج القطريون عارية تماماً من الصحة، مشيراً إلى أن كل الحجاج بمن فيهم القطريون مرحب بهم. كما أكد الدكتور حسن أبوطالب، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن قطر هى التى تسيس ملف الحج، بدليل أنها جاءت بعد يوم واحد من الاجتماع الرباعى للدول العربية الأربعة المقاطعة لقطر والذى عقد فى المنامة، وأكد على استمرارية الموقف الرباعى ضد قطر حتى تستجيب للمطالب التى قُدمت لها من طرف هذه الدول. وأشار «أبو طالب»؛ إلى أن قطر بالرغم من أنها ناصرت المملكة العربية السعودية طوال العقود الأربعة الماضية ضد الدعوات الإيرانية المطالبة بتدويل الحج والموقف، إلا أنها الآن تسعى لتسييس موضوع الحج وتدويله، وذلك بسبب أزمتها مع السعودية.
ويرى أن النظام المعمول به منذ عقود لإدارة موسم الحج من قبل السعودية يحظى بقبول الأغلبية الساحقة من الدول الإسلامية الأعضاء فى منظمة التعاون الإسلامى، ولذلك أستطيع التأكيد أن قطر لن تستطيع تدويل قضية الحج.
محمد أبو العنين