نشرت وكالة «رويترز» للأنباء، الخميس 27 يوليو، تقريراً عن إنشاء الأزهر الشريف أكشاكاً للجنة الفتوى التابعة لمجمع البحوث الإسلامية فى محطات مترو الأنفاق، لتقديم الفتاوى للركاب للتحاور مع العامة والتصدى لخطاب الإسلام المسلح تحت عنوان: «أزهر مصر ينشئ أكشاكاً للدعوة فى محطات المترو لمكافحة التشدد».
ونقلت تصريحات على لسان الدكتور سعيد عامر الأمين العام المساعد للدعوة ورئيس لجنة الفتوى بالأزهر، قوله: «نحن نحفظ طاقة الناس ووقتهم وجهدهم بوضع مكتب الفتوى فى هذا المكان الذى هو أكبر نقطة تجمع للمصريين». وذكرت «رويترز» أن نحو 2000 شخص جاءوا لطلب الفتاوى خلال أسبوعين منذ بداية المبادرة فى محطة الشهداء، وارتكزت معظم الفتاوى حول موضوعات الصلاة وكيفيتها والميراث والزواج والطلاق. كما ذكرت أن الركاب يبدون مرحبين بالمبادرة ويرغبون فى وجود أكشاك أكثر فى المحطات الأخرى عبر العاصمة. ورغم ذلك لم تخل المبادرة من بعض الناقدين لها، ومنهم النائب محمد أبوحامد الذى صرح لرويترز، بأن «الأزهر منفصل تماماً عن الواقع»، وأنه مصدوم أنه بعد أربع سنوات من مطالبات الرئيس وكافة طبقات المجتمع لتعديل الخطاب الدينى خرج الأزهر فقط بفكرة الأكشاك هذه. وأضاف أنه لن يقدر ما يفعلونه فى هذا المجال حتى يفعلوا بشكل عملى ما هو مطلوب منهم، وهو مراجعة سياق الخطاب الدينى، الذى هو جوهر المشكلة.
وتقول «رويترز»، إن الأزهر مؤخراً أصبح تحت ضغط كبير من الإعلام المحلى والبرلمان اللذين يتهمان رجاله بالفشل فى تجديد خطابهم الدينى من أجل التصدى بشكل أفضل لتأثير جذب التشدد للشباب الساخط والمهمش. وقد طالب الرئيس عبدالفتاح السيسى الأزهر فى عام 2015 بتجديد الخطاب الدينى لجذب الشباب وتوجيههم بعيداً عن العنف الجهادى. وقد أنشئ بعد ذلك مرصد الأزهر فى عشر لغات مختلفة يتتبع فيه وسائل الإعلام الاجتماعية، حيث ينشر الجهاديين خطابهم لمواجهة ذلك الخطاب ودحضه فى الوقت المناسب. وكذلك نشرت جامعة الأزهر عدة كتب عن الإرهاب كتهديد للسلام العالمى، وأكدت على الحاجة إلى تصحيح تفسيرات الجهاد الإسلامى. وهذه الكتب يتم عرضها للبيع على أرفف أمام أكشاك الدعوة. وستستمر أكشاك الدعوة حتى بداية سبتمبر حسب ما صرح وزير النقل هشام عرفات لرويترز، لكنه أضاف أن الحكومة مرحبة بتكرار التجربة إذا كان الإقبال عليها من الجمهور كافٍ.
وفى نفس السياق، نشر موقع «دويتشه فيله»، الثلاثاء 25 يوليو، عن أكشاك الدعوة: «رجال الدين الإسلامى يقدمون الفتاوى فى المترو»، وقال الموقع إن المصريين رحبوا بحضور «مؤسسة الإسلام السنية الشهيرة» بالرغم من أن البعض لم يكن مرتاحاً لذلك الحضور. وقام الموقع بالتحاور مع إمام عمرو السيد، أحد رجال الدين الذين يقدمون الفتاوى بداخل الكشك. وقال إمام، إنهم جاءوا إلى هنا ليقدموا للناس إجابات عن استفساراتهم الدينية، وأيضاً لإرشاد الشباب الذين يسيرون على الطريق الخطأ. وذكر التقرير أن الأزهر افتتح عدداً من الأكشاك الصغيرة فى محطات مترو القاهرة لتقديم الإرشادات الدينية لمن يبحث عنها، وأيضاً يتمثل دافعه الأساسى لذلك مكافحة الإرهاب وتصحيح التفسيرات الخاطئة للإسلام.
وقال إمام، لدويتشه فيله، إن عدداً من الشباب جاءوا إليه فى كشك الفتوى بمحطة مترو الشهداء طوال الأسبوع السابق لمعرفة آرائه حول النزاعات الإسلامية المسلحة فى المنطقة، وبالرغم من أنهم لم يسألوه بشكل مباشر عن رأيه حول جماعات إرهابية معينة، شك عمرو أن بعض الشباب تعرض لدعاية إرهابية عبر الإنترنت، فبعضهم- على حد قوله- يستمع لفتاوى غير رسمية تصدر عن أشخاص ليسوا مؤهلين لإعطائها، وأضاف أنه يحاول دائماً أن يجيب عن أسئلتهم بآيات من القرآن الكريم، ويخبرهم أن الإسلام هو السلام والاعتدال. وقد لاحظ عمرو أن الأسئلة فى معظمها مرتبطة بحياة الناس الشخصية لا عن السياسة، خاصة عن شئون الزواج والطلاق والميراث، ورغم ذلك قال العديد من المصريين لدويتشه فيله، إن حضور الأزهر فى الأماكن العامة استراتيجية جيدة لإعادة توجيه الشباب الذين هم على طريق محفوف بالمخاطر.
وعلى صعيد آخر، ذكر موقع «دويتشه فيله»، أن هناك آخرين فى الشارع المصرى متشككين فى دوافع الأزهر، ويرون أنه لا أحد جاهز للثقة فى الأزهر رغم سمعته الجيدة، وأن البعض متخوف من البيانات الشخصية التى يتم تسجيلها عند طلب سؤال أو استشارة فى كشك الفتوى، قد يتم استخدامها إذا سأل أحد سؤالاً سياسياً أو قال أى شىء يمكن فهمه باعتباره «تطرفاً».
وأكد أحمد السيد أبوالعزايم مستشار دينى رفيع المستوى للأزهر بالقاهرة، أنه لا شىء يثير التشكك حول البيانات الشخصية التى يتم ملؤها، فأرقام الهواتف المحمولة أخذت حتى يستطيع الشيخ معاودة الاتصال بالناس بعد إعادة النظر فى السؤال، وأن طلب الرقم القومى ممارسة تقليدية فى تدوين البيانات.
كما نشر موقع «المونيتور» عن مبادرة الأزهر، الأحد 23 يوليو، «فتوى على الطريق: الأزهر يقيم أكشاكاً فى محطات المترو فى القاهرة». وذكر التقرير أن كشك الفتوى فى محطة مترو الشهداء هو الأول فى سلسلة من الأكشاك ينتوى الأزهر إقامتها فى محطات مترو القاهرة فى الأشهر المقبلة. وكان محيى الدين عفيفى الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر صاحب فكرته، وهو يأمل فى أن يكون الأزهر أكثر قرباً للناس حسب ما قاله الشيخ على مصطفى، أحد الأئمة الذين يعملون فى كشك الفتوى لموقع المونيتور، وقال زميله الآخر الشيخ أحمد رمزى للمونيتور، إن الجمهور تجاوب بشكل هائل مع الكشك، وأن هناك تعطشاً حقيقياً لاكتساب المعرفة حول الأمور الدينية.
وتعرض تقرير المونيتور أيضاً إلى قضية تسجيل بيانات الزوار التى أثارت تشكك العديدين، ونقلت على لسان الشيخ سيد توفيق رئيس لجنة الإرشاد الدينى بالقاهرة التابعة لمجمع البحوث الإسلامية، أنه أحياناً تكون هناك حاجة لبحوث إضافية أو تنكشف وقائع جديدة يجب اطلاع الزوار على المستجدات فيها. على أن المونيتور نقل آراء الجانب الآخر الرافض للمبادرة باعتبارها محاولة لـ«أسلمة» البلاد وأن المترو ليس مكاناً للدين.
آمال سامي