قل: إنه خيال شارد جموح، أو قل: إنه حلم رأيته في النوم وجئت لأرويه للناس في الصحو، أو قل ما شئت عن هذه النعمة الكبرى، التي أنعم الله بها على بني آدم وبناته فوق هذه الأرض الدوارة في الفضاء، وهي أن تكون لهم القدرة على تحطيم حدود المكان وقيود الزمن... إنه هنا بجسده، لكنه هناك مع أقصى النجوم والسدم بخياله، وإنه حبيس اللحظة التي نسميها بكلمة الآن، لكنه حبيس فيها بسمعه وبصره وسائر حواسه. أما نعمة الخيال فقادرة على الطيران به إلى ما شاء من خط الزمان فيما مضى به إلى الأزل، وفيما هو آتٍ منه إلى الأبد، ولولا تلك النعمة لما استطاع أن يتابع بكل وعيه ما يقال له عن أول الخلق كيف كان، وعن يوم البعث كيف سيكون. إنها نعمة انفرد بها دون سائر خلق الله من حجر وحيوان. ولست في الخلق أدري إن كان يختلف بها كذلك عن الملائكة والجن؛ لأن هؤلاء كائنات بغير تاريخ.