ذكرت في المقالة السابقة أن الشيخ عبد القاهر كرر القول بأن فضل كلام على كلام لا مرجع له البتة إلا السداد والإصابة في توخي معاني النحو على وفق الأغراض والمقاصد، والتوخي معناه الاختيار، ومعاني النحو هي أحوال الكلمات من تعريف وتنكير وتقديم وتأخير إلى آخره، أعني: التروّي الشديد في تأليف العبارة المعبرة عن المعنى الذي أراد صاحب البيان أن يُبينَ عنه، وأن فضل كلام الله على كل كلام لا مرجع له إلا هذا التأليف والتركيب الذي لا قصد فيه إلا دقة البيان عن المعنى المراد، والذي أريده الآن هو أن النظم بهذا المعنى الذي لم يشرحه العلماء قبل عبد القاهر، وإنما أجمعوا على تعظيم شأنه.