المسـلمون والسـلم العالمى
فى شـــريـعــــة الإســلام
إن الإسلام والسلام وجهان لعملة واحدة. لا ينفصم أحدهما عن الآخر بحال فى أى زمان ولا أى مكان من العالم يحل فيه الإسلام بعقيدته الإسلامية العالمية، وشريعته الدنيوية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وذلك لأن كل حروف كلمة الإسلام هى نفسها حروف ومكونات كلمة السلام مع التقديم والتأخير؛ ولأن الإسلام دين الله السماوى الخالد الذى ارتضاه الله لعباده عقيدة وشريعة فهو يُحقِّق لهم السلام الاجتماعى المحلى والعالمى مع جميع الأنبياء من آدم أبى البشر وخليفة الله فى الأرض إلى محمد بن عبد الله آخر الأنبياء والرسل السماوية وخاتمهم - عليهم جميعًا أفضل الصلاة والسلام، وذلك مع وحدة العقيدة الدينية بينهم جميعًا، واختلاف شرائعهم السماوية المتعلقة بحياتهم العملية بما يُناسب الزمان والمكان وصالح العباد والبلاد حيث جاء تشريع الإسلام متدرجًا ومتوافقًا مع العقول والمدارك الإنسانية حتى أذن الله - سبحانه وتعالى - باكتمال هذا التشريع الإسلامى العملى وتمامه مع نضوج العقل البشرى، وشدة حاجة الإنسانية العالمية إليه على يد خاتم الرسل والأنبياء محمد ﷺ الذى بعثه الله برسالته الإسلامية السماوية بشيرًا ونذيرًا وهداية وسراجًا منيرًا للعالمين بقوله تعالى فى سورة الأحزاب:
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا {33/45} وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا (الأحزاب 45 ، 46)
وقوله تعالى فى كتابه الكريم:
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا (المائدة : ٣)
وقوله تعالى:
إن الدين عند الله الإسلام (آل عمران: 19)
وقوله تعالى:
وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (آل عمران: 85)
ولأن السلام اسم من أسماء الله الحسنى، ولأن الإسلام الذى هو دين الله لعباده المكلفين جميعًا من خلقه لا ينفك بحال عن السلام الشخصى، أو الاجتماعى للإنسان فى أى زمان ولا فى أى مكان فيكون هذا الإنسان الذى آمن بهذا الإسلام عقيدة وشريعة إيمانا كاملاً بعيدًا عن الزيف والنفاق والإكراه، وبفطرته السوية التى خلقه الله عليها وعقيدته الإسلامية التى آمن بها عن يقين لا يتزعزع، واهتدى إليها بشريعة عملية لحياته الدينية والشخصية والاجتماعية، والمرتبطة ارتباطًا وثيقًا بهذا الإسلام الذى لا ينفك عنه لتحقيق سلام الإنسان بصفته الإنسانية فى كل مراحل حياته الاجتماعية، وبيئته الحياتية، والمعيشية، والإنسانية المادية، والروحية المحلية، والعالمية من وقت ميلاده بل وهو فى رحم أمه إلى آخر يوم فى حياته الدنيوية والمعيشية بل وبعدها بإذن الله مادام هذا الإنسان المسلم فى رحمة الله التى وسعت كل شىء - بما فيها عبده المسلم - بدينه الإسلامى وشريعته الإسلامية فى حياته العملية التكليفية، وذلك تصديقًا وإيمانًا بقوله تعالى:
وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (الأعراف: 156)
فيكون المسلم بإيمانه هذا وإسلامه هو أحرص الناس على السلام العالمى لكل بنى الإنسان فى أى زمان وفى أى مكان.
وظيفة المسلم الاجتماعية لتحقيق السلام العالمى:
والمسلم بناءً على التزامه بإيمانه العقائدى الدينى والإسلامى، وميثاقه التوحيدى الغليظ مع ربه بوفائه بموجب هذا الإيمان والإسلام بتشريعاته الإسلامية فقد أصبح مُكلفًا بمقتضى هذا الإسلام، وهذا الإيمان، وهذه التشريعات السماوية الإلهية بتحقيق السلام الاجتماعى بين جميع أفراد المجتمع الإسلامى الذى ينتسب إليه، ونشأ فيه مع بنى جنسه عمومًا لأن السلام هو وظيفة المسلم الاجتماعية وهو منوط ومكلف به فى كل أمور حياته فى شريعة الإسلام، وحيث أن الإنسان المسلم مكلف من خالقه وهو الله - تعالى - بعبادته على الوجه الأكمل ضمن عباده المكلفين كما أمر وأراد الله سبحانه وتعالى فى قوله تعالى:
وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون (الذاريات: ٦٥)
والعبادة بمعناها العام تشمل طاعة الله فى كل أوامره لعباده المكلفين، والإنتهاء عن كل ما نهاهم عنه لمنفعتهم فى كل ما يتعلق بهم فى أمور الدين والدنيا، وفى كل ما يتعلق بحقوق الله وحقوق العباد، والسلام بمفهومه العام والخاص مع النفس ومع الله ومع العباد والبلاد هو فى إطار طاعة الله وعبادته، وهذه العبادة هى التى خلق الله العباد من أجلها، وكلف بها المكلفين جميعًا من خلقه مادامت السماوات والأرض إلى أن يشاء الله، والتى أمر بها العباد على يد جميع الرسل والأنبياء، ومن آمن بهم واتبعهم بشرائعهم السماوية إلى يوم الدين.
مفهوم الإسلام ومنهجه العملى فى تنظيم العلاقات الاجتماعية والإنسانية وتحقيق السلام العالمى
ويجب أن يكون معلومًا لكل مكلف من العباد على وجه العموم، وعلى المسلمين المكلفين على وجه الخصوص أن الإسلام من حيث مفهومه العام كدين سماوى ذو شقين يكمل كل واحد منهما الآخر بحيث لا يستغنى بعضهما عن بعض كالروح مع الجسد، وبحيث ينشأ عنهما معًا فى النهاية منهج وكيان مثالى قائم ينظم العلاقات الاجتماعية والإنسانية بين البشر، ويحقق للناس جميعًا سعادتهم المادية والروحية فى هذه الحياة الدنيوية التى خُلقت لهم، وخلقوا من أجل عمارتها واستخلافها عن الله - سبحانه وتعالى - بكل ما فيها من مظاهر النعم والحياة المعيشية التى أنعم الله بها على جميع العباد، وهى لا تُحصى ولا تُعد مصداقًا لقوله تعالى:
وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها (إبراهيم: 34)
والإنسان مُستخلف فى الأرض بخلق الله - سبحانه وتعالى - من أجل هذه النعمة والحصول عليها بقوله تعالى:
(البقرة: 30)
وهو آدم أبو البشر وذريته من البشر من بعده إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
والشق الأول من مفهوم الإسلام:
هو فى جانب العقيدة، وهو الإيمان بالله عن يقين كامل لا يتزعزع، والإقرار بوجود الله وحده لا شريك له، وبصفاته الكمالية التى تليق به، وبأنه المُنزه عن كل صفات البشر وجميع خلقه، وأنه صاحب الملك والملكوت ومصدر هذه الحياة الدنيا، وأنه المعبود وحده بلا شريك من خلقه، ولو كان ملكًا مُقربًا أو نبيًا مرسلاً، وهذا الإيمان بالله على الوجه الإسلامى يُوجب الإيمان الشامل بأركانه العقدية الستة، وهى: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقضاء والقدر، وذلك لقوله تعالى:
آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (البقرة: 285).
ولحديث النبى ﷺ فى الإيمان كما فى الصحيحين أن جبريل - - بيَّن أركان الإيمان الست، ولا إكراه فى الإسلام على هذه العقيدة الإيمانية بحال من الأحوال.
وأما الشق الثانى من الإسلام بعمومه:
فهو المتعلق بالجانب العملى والقانون التشريعى التطبيقى الذى يُنظم للناس والحياة الإنسانية والبشرية جميعًا علاقتهم الاجتماعية ومعيشتهم الدينية فى هذه الحياة، ومعاملاتهم المدنية مع أنفسهم، ومع جميع بنى جنسهم محليًا وعالميًا، وعباداتهم الدينية مع الله فى الصحة والمرض والحل والترحال والسلم والحرب، وذلك بما يُناسب العباد والبلاد فى كل زمان وفى كل مكان.
ولا إكراه فى الإسلام على عقيدته الدينية والالتزام بها فى ديار الإسلام والمسلمين، ولا شريعته فى غير ديار الإسلام، وذلك لقوله تعالى:
لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (البقرة: 256)
هذا ومنهج الإسلام مع المسلم فى وظيفته الاجتماعية وشئونه الدينية وحياته المعيشية مع بنى جنسه ومجتمعاته الإسلامية إنما يقوم فى ظل إسلامه وإطار عقيدته الإسلامية، وشريعته الإسلامية التى تحكمه ويحتكم هو وجميع المسلمين إليها على المثالية الكاملة فى المعاملة بين الإنسان بصفته الإنسانية وأخيه الإنسان على جهة العموم، والإنسان المسلم وأخيه الإنسان على جهة الخصوص، وذلك لقوله تعالى:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (النساء: ١)
وقوله تعالى:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (الحجرات:13)
وقوله تعالى: مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا
(الفتح: 29)
وقوله ﷺ فى الحديث الصحيح: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه»(١) متفق عليه، وفى رواية «المسلم من سلم الناس من لسانه ويده»(٢)، وقوله ﷺ : «مثل المؤمنين فى توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه شىء تداعى له سائر الجسد بالسهر والحُمى»(٣) متفق عليه.
هذا ومنهج الإسلام عقيدة وشريعة فى تنظيمه للعلاقات الاجتماعية وتحقيق الأمن الاجتماعى والسلام الإقليمى والعالمى للبشرية جميعًا بينهم يوجب بأن يكون الفرد المسلم الذى يؤمن بالإسلام وينتسب إليه عقيدة وشريعة مُلتزمًا به كذلك ديانة وقضاء فيجعل قواعد هذا الإسلام ونظمه وقوانينه واقعًا يتحرك فى الأرض بين الناس جميعًا، وعدلاً ملموسًا يحس به كل أفراد المجتمع الإنسانى فيحقق لهم جميعًا سعادتهم المادية والروحية التى يبتغونها وينشدونها فى هذه الحياة تمهيدًا لسعادتهم الدائمة فى الحياة الآخرة التى هى عقيدة مستقرة فى يقين المسلمين.
هذا وإن تعادل الروح مع المادة لكل مسلم يؤمن بالإسلام عقيدة وشريعة، ويلتزم بكل أحكامه الدينية والدنيوية تعادلاً وسطًا لا إفراط ولا تفريط بحيث يعمل المسلم لدينه كأنه يموت غدًا، ويعمل لدنياه كأنه يعيش أبدًا كما جاء فى حديث النبى ﷺ فى الحديث الصحيح فهو أمر جوهرى للإنسان المسلم حتى يمكن أن يشعر هذا الإنسان بالسعادتين معًا فى هذه الحياة الدنيا السعادة الروحية التى تربطه بدينه، والسعادة المادية التى تربطه بدنياه.
ومفهوم هذا التعادل مع الإنسان المسلم فى نظر الإسلام هو أن يشعر الإنسان ببشريته، وآدميته الإنسانية بمقدار إحساسه بانتسابه إلى الله - سبحانه وتعالى - فيكون بذلك هذا الإنسان الذى يمشى على الأرض بشرًا سويًا سلامًا مع ذاته ونفسه، وسلامًا مع جميع بنى جنسه فى كل زمان وفى كل مكان، وبذلك تكون مهمة المسلم ووظيفته الاجتماعية هى تحقيق الأمن الاجتماعى، والسلام العالمى لكل بنى الإنسان مع اختلاف الألسنة والأجناس والألوان كما أمر الإسلام الذى هو دين الله فى الأرض لجميع العباد والأنام.
والإسلام بهذه الحقيقة وهذا المفهوم العام - الذى سبق بيانه - لا يختلف من دين سماوى إلى دين سماوى آخر نزل على رسول أو نبى؛ لأن الهدف واحد، والغاية واحدة فى جميع الأديان السماوية، الهدف هو إسعاد البشرية جميعًا والإنسانية بين عباد الله وخلقه، والغاية هى تحقيق الربوبية والإقرار بها خالصة للذات الإلهية، الله: الواحد، الأحد، الفرد، الصمد، الذى لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، الذى
لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (الشورى: ١١)
هذا ومن المعلوم بيقين فى الدين الإسلامى، وفى عقيدة المسلمين أن الرسل والأنبياء جميعًا - عليهم الصلاة والسلام - من آدم إلى محمد بن عبد الله خاتمهم - عليه الصلاة والسلام - فصول متتابعة وسلسلة مترابطة فى سبيل نشر راية الدين الإسلامى السماوى بعمومه وخصوصه مع جميع رسل الله وأنبيائه، وذلك لإبراز كيان هذا الإسلام العظيم الذى اكتمل تمام بنائه التشريعى والدينى على يد خاتم الرسل والأنبياء محمد ابن عبد الله ﷺ هذا والأنبياء والرسل فى رسالتهم الإسلامية للبشر لم يختلفوا فيما بينهم فى حمل رسالة الإسلام وتبليغها للعباد المكلفين فى زمانهم إلا فى الوسيلة التى توصل الناس إلى هذه الغاية السامية، وهى عبادة الله وحده وسلامهم الاجتماعى حسب الزمان والمكان، وتطوير البيئات الاجتماعية والحضارية للإنسان، ومدارك عقولهم البشرية، وذلك تصديقًا لقوله تعالى لخاتم الرسل والأنبياء محمد بن عبد الله ﷺ:
شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ (الشورى: 13)
والدين عند الله دائمًا هو الإسلام كما أخبرنا بذلك سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم فى قوله تعالى:
إن الدين عند الله الإسلام (آل عمران: 19)
وقوله تعالى:
وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (آل عمران: 85)
هذا ولم يختلف الإسلام بهذا المفهوم العام كدين نزل على محمد ﷺ عن الأديان السماوية السابقة من جهة الوسيلة إلا من حيث كونه قد اكتملت جميع حلقاته وفصوله التشريعية الدينية والدنيوية على يد هذا النبى العظيم محمد بن عبد الله الهادى الأمين خاتم الأنبياء والمرسلين فأصبح بذلك الإسلام بدينه الإسلامى وشريعته السماوية الخاتمة هو خاتم الأديان والرسالات السماوية، وتحقق بذلك أيضًا اكتمال الوسيلة والغاية، وتعادلت مع هذا الدين الإسلامى الحنيف الخاتم الروح والمادة تعادلاً وسطًا لا إفراط فيه ولا تفريط.
وفى شأن كمال الإسلام وتمامه عقيدة وشريعة على يد خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله ﷺ نزل فى كتابه الكريم قوله تعالى:
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا
(المائدة: ٣)
وهذا ما ميز الإسلام بخصوصه كدين سماوى خاتم لكل الشرائع الإلهية والرسالات السماوية السابقة من حيث التعاليم والتشريعات الدينية والدنيوية التى نزلت على النبى محمد ﷺ عن تعاليم الرسالات السماوية السابقة.