29 أبريل, 2024

إلى أين تدحرجت كرة "الإسلاموفوبيا" في ظل الحرب على غزة؟

إلى أين تدحرجت كرة "الإسلاموفوبيا" في ظل الحرب على غزة؟

لم تضع الحرب أوزارها في غزة، ولم تقف تداعياتها عند حد معين أو مكان دون غيره، بل لم تختلف درجة تسارع وتيرة الأحداث بالدول الأوربية على مختلف الدوائر السياسية والإعلامية والحزبية، عن مناطق الصراع في الشرق الأوسط وما يحيط به باعتبار القرب المكاني أو الجغرافي. وقد كان من المنطقي أن تكتسب الأحداث في غزة كل هذه الاهتمام، ليس فقط بسبب طول فترة الحرب هذه المرة، ولكن أيضًا بسبب وحشية هجمات الكيان الصهيوني الذي دمَّر جُلَّ مظاهر الحياة في قطاع غزة([1])، بدءًا من القتل الممنهج والمتعمد للأطفال والرُضَّع والنساء على مرأى ومسمع من العالم.

وربطًا بهذه المقدمة، فقد ألقت هذه الحرب بظلالها على مجريات الأمور في الدول الغربية التي تشهد وجودًا للجاليات العربية والمسلمة. وقد كان من الطبيعي أن تتباين فيها الميول والاتجاهات ما بين فريق مؤيد للحرب على غزة من منطلق حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد هجمات السابع من أكتوبر ٢٠٢٣م، وثانٍ يؤيد بحذر متبنيًّا الادعاءات القائلة بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها لكن وفق شروط القانون الدولي، وثالث يرفض أو يدين ما تقوم به قوات الكيان الصهيوني من قتل وتدمير طال الحجر والبشر على حد سواء.

ورغم اكتساب العرب والمسلمين في الغرب صفة المهاجرين المقيمين، لكن لا يزالون في نظر مختلف الدوائر الغربية ممثلين عن البلاد العربية أو الإسلامية التي ينحدرون منها، الأمر الذي جعلهم بين عشية وضحاها في مرمى نيران الفريق الأول المؤيد للحرب على غزة، حيث تنامى ضدهم خطاب الكراهية جنبًا إلى جنب مع تنامي التهديدات والاعتداءات الجسدية والعنصرية، مما صبَّ مزيدًا من الزيت على كرة الإسلاموفوبيا المشتعلة من الأساس.

زيادة معدلات الكراهية

لقى طفل فلسطيني لم يتجاوز السادسة، في ولاية "إلينوي" الأمريكية، حتفه بتاريخ 15 أكتوبر 2023م، إثر تعرضه لعدد (26) طعنة على يد مسن أمريكي تجاوز السبعين عامًا، كما تعرضت والدة الطفل لاصابات خطيرة بحسب وسائل إعلام أمريكية. وهذا الحادث يدلل بشكل واضح على تنامي خطاب الكراهية ضد الهوية الإسلامية والمدعوم بتصديق الرواية الصهيونية. وقد أكد بيان صادر عن مكتب عمدة الولاية أن دوافع الجاني في جريمته هي فقط "الهوية الإسلامية للطفل وأمه"، والتي تزايدت تجاها النظرة السلبية على خلفية الحرب في غزة، وتداول وتصديق الرواية الصهيونية في الأوساط الإعلامية والرسمية والتي تبّين لاحقًا عدم صحتها. فيما وصف بيان البيت الأبيض، الحادث بالمعارض للقيم الأمريكية الأساسية القائمة على:" التحرر من الخوف بشأن الطريقة التي نصلي بها، وما نؤمن به، ومن نحن".

Image

الطفل المقتول

وبخلاف الإيذاء الجسدي، تتعدد جرائم الكراهية ما بين شتائم عنصرية، وتنمر ضد المحجبات، وهجمات على المساجد، ورسائل ومكالمات تتضمن لغة تهديد، كما اشتكى بعض أولياء الأمور من تعرُّض أطفالهم للتنمر في المدارس. وتعقيبًا على زيادة معدلات الكراهية، أكد مجلس العلاقات الإسلامية- الأمريكية (CAIR) تلقي عدد (774) شكوى تحيز وعنصرية في المدة (7-24) أكتوبر 2023م، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف متوسط ​​عدد الشكاوى تقريبًا لعام 2022م، وهو ما يعكس الزيادة الكبيرة في معدلات جرائم الكراهية([2]).

وفي ذات السياق، أصدرت منظمة (Tell MAMA) المعنية برصد حالات الإسلاموفوبيا في بريطانيا، تقريرها لعام 2023م ويؤكد تعرض المسلمين إلى (291) اعتداءً خلال المدة (7-19) أكتوبر 2023م، وهو ما يعادل ستة أضعاف الجرائم المسجلة في نفس الفترة من العام 2022م. وتنوعت الاعتداءات بين المادي بنحو (132) اعتداءً، والمجازي بعدد (159) جريمة تضمنت مصطلحات واستعارات معادية للمسلمين وتربط معتقداتهم ومجتمعاتهم بالإرهاب([3]).

وفي ألمانيا، تعرَّض نحو (81) مسجدًا في العام الماضي 2023م إلى اعتداءات متنوعة؛ أبرزها رسم شعارات مسيئة على جدران تلك المساجد. ووفقًا لتقرير صادر عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، فقد وقع أكثر من (50%) من تلك الاعتداءات بعد السابع من أكتوبر 2023م، وهو ما يشير إلى ارتفاع وتيرة جرائم الكراهية ضد المسلمين بأكثر من الضعف مقارنة بالعام 2022م الذي شهد حوالي (35) اعتداءً على المساجد في عموم ألمانيا([4]).

كما تباينت معدلات جرائم الكراهية ضد المسلمين في البلاد الأوروبية، ففي فرنسا مثلًا تمَّ تدنيس عدد من المساجد في فرنسا بكتابات عنصرية ومعادية للإسلام. وفي أسبوع واحد شهدت ثلاث مساجد بكل من مدن ليون، و"شيربورغ"، و"بيساك" الفرنسية تدنيسًا بكتابات من قبيل: "الموت للمغاربيين"، و"الإسلام مُعادٍ للسامية"، كما جرى الاعتداء قبلها على مسجد في مدينة "فالونس" بكتابة عبارة: "المسلم الجيد هو المسلم الميت"، وهي عبارة دأب قادة الاحتلال الصهيوني على استخدامها مسوغًا لجرائم التطهير العرقي التي يمارسونها ضد الفلسطينيين([5]).

ديناميكية الموقف الرسمي الإيطالي

في إيطاليا ارتفعت أيضًا جرائم الكراهية عبر الإنترنت بنسبة (80%)  وإن لم يكن الأمر مرتبطًا بالحرب في غزة، حيث سُجلت هذه النسبة آخر ثلاث سنوات. وفي هذا الشأن، أكد "تيو لوتسي" القائد العام لقوات الدرك (كارابينييري)، انطواء عالم الإنترنت ينطوي على مخاطر عالية أيضًا، من حيث ارتفاع جرائم الكراهية والعنصرية والمساهمة في ازدياد وتيرة الأعمال الإرهابية، واصفًا الأمر بقوله: "وكأن النقر على لوحة المفاتيح أكثر خطرًا من ترك باب البيت مفتوحًا"([6]).

أما فيما يتعلق بجرائم الكراهية المرتبطة بالحرب على غزة، فقد جرت الأمور بطريقة أكثر هدوءًا واعتدالًا مقارنة بمختلف الدول الأوروبية، وربما يعود ذلك إلى التحول السريع في رد الفعل الرسمي الإيطالي وتعاطيه مع الأحداث على الأرض. ففي البداية سارعت إيطاليا مثلها مثل باقي دول الاتحاد الأوروبي في إدانة هجمات حماس والفصائل الفلسطينية يوم 7 أكتوبر 2023م، كما سارعت إلى دعم قادة الاحتلال الصهيوني في الأيام الأولى من الهجوم على غزة، غير أن الموقف الرسمي الإيطالي بدا أكثر اعتدالًا، حيث تراجع عن دعمه المطلق، وطالب برد فعل مناسب يراعي المدنيين الأبرياء.

منذ ذلك الحين، بدا الموقف الرسمي يرتكز على محورين، الأول يساعد في حل هذا الصراع التاريخي وهو تأييد الاتجاه القائل بحل الدولتين، بينما الثاني يسهم في تخفيف حدة الآثار الناجمة عن هذه العدوان على الضحايا والأبرياء. ففيما يتعلق بالمحور الأول، أشارت رئيسة الوزراء الإيطالية "جورجا ميلوني" إلى أن إيطاليا أكدت دائمًا على أن الشعب الفلسطيني له الحق في دولة مستقلة وآمنة.

وفي هذا السياق، أكدت صحيفة (ilfattoquotidiano) بتاريخ 24 يناير 2024م، على لسان رئيسة الوزراء الإيطالية، على حل الدولتين لإنهاء هذا الصراع التاريخي، وخاطبت مجلس النواب قائلةً: "إنه الموقف الذي كررته هذه الحكومة لأنه حل عادل وضروري، لا يصب فقط في مصلحة الفلسطينيين، ولكننا نرى أنه يصب أيضًا في مصلحة إسرائيل. هذا هو السبب الذي يجعلني أستطيع أن أقول إنني لا أتفق مع الموقف الذي أعرب عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" مؤخرًا بشأن هذه المسألة"([7]).

وأما على مستوى المحور الثاني، فقد بادرت إيطاليا بتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، حيث أعلن وزير الخارجية الإيطالي "أنطونيو تاياني" في نهاية أكتوبر الماضي 2023م، عن إرسال أول طائرة محملة بالمساعدات المخصصة لقطاع غزة، بعد عبورها من مصر عن طريق رفح، كما أفاد بأن إيطاليا ستواصل إرسال مزيد من المساعدات الإنسانية لمحاولة تخفيف الصعوبات التي يواجهها الشعب الفلسطيني([8])، وهي الجهود التي تُوّجت بوصول السفينة الإيطالية (فولكانو- Vulcano) مطلع ديسمبر الماضي، وهي سفينة تابعة لسلاح البحرية الإيطالية، عبارة عن مستشفى عائم تضم غرفتي عمليات وأشعة، ومعدات تشخيص، وأدوية بجانب أفراد من تخصصات طبية متنوعة إلى ميناء مدينة العريش المصرية؛ بغرض تقديم الرعاية للأطفال المتضررين من الحرب في غــزة.

أيضًا على صعيد المحور الثاني، لم تقم إيطاليا بإرسال معدات وأسلحة إلى الكيان الصهيوني. وفي هذا الصدد، حذَّرت الأمينة العامة للحزب الديمقراطي الإيطالي، "إيلي شلاين" من إرسال أية أسلحة لإسرائيل تجنبًا لتأجيج هذه الحرب. وأضافت: " لا نستطيع المخاطرة باستخدام هذه الأسلحة لارتكاب ما يمكن اعتباره جرائم حرب". وقرار عدم إرسال أسلحة لإسرائيل أكده وزير الخارجية الإيطالي، طبقًا لما أفادت به وكالة الأنباء الإيطالية (ansa) حيث قال: "منذ 7 أكتوبر قررنا عدم إرسال أية أسلحة إلى إسرائيل، لذلك ليست هناك حاجة لمناقشة هذه النقطة. لقد تم اتخاذ القرار، وقلنا ذلك في البرلمان"([9]).

ووفقًا لما نشرته وكالة (adnki) الإيطالية الإخبارية، فإن إيطاليا تتحرك بقوة، معتمدة في سياستها إزاء هذه الحرب موقفًا أكثر مرونة من بقية الدول الغربية، ففي الوقت الذي وقفت فيه إيطاليا إلى جانب الكيان الصهيوني بعد أحداث السابع من أكتوبر، حيث زارت رئيسة الوزراء الإيطالية "جورجيا ميلوني" تل أبيب والتقت رئيس وزراء حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو"، كان موقف روما أقل حدة فيما يتعلق بالدعم المادي وخاصة العسكري، كما شاركت "ميلوني" في قمة القاهرة للسلام التي انعقدت بالقاهرة يوم 21 أكتوبر 2023م، لبحث تطورات القضية الفلسطينية، والتقت فيها رئيسة الوزراء الإيطالية بالرئيس الفلسطيني محمود عباس([10]).

وقد حذَّرت ايطاليا مبكرًا من تداعيات الحرب في غزة على استقرار المنطقة، كما تخوَّفت من أن تدفع هذه الحرب نحو عداء جديد بين العالمين الإسلامي والغربي؛ إذ تهدف من وراء ذلك إلى الحفاظ على علاقات طبيعية مع مختلف دول الدول العربية والإسلامية، كما تهدف أيضًا إلى الحفاظ على مصالحها في منطقة الشرق الأوسط وفي القلب منها البحث عن حل لأزمة الطاقة في إيطاليا التي تفاقمت بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، حيث ربما يؤدي طول أمد هذه الحرب إلى تضرر المصالح الإيطالية، خاصة فيما يتعلق بقضية توريد الغاز([11]).

حرب غزة في ميزان الشارع الإيطالي

أظهر استطلاع رأي أجراه مركز (IPSOS -إبسوس) للأبحاث وقياس الرأي العام في مختلف الدول الأوروبية([12]) أن الغالبية العظمى من الإيطاليين يتابعون بقلق واهتمام تطورات الحرب في غزة، حيث تشير التقديرات إلى أن (76%) ممن شملهم الاستطلاع يعتبرون أن أحداث وتداعيات هذه الحرب هي مصدر قلقهم الأكبر، وهو ما يشير إلى تنامي حساسية الرأي العام الإيطالي تجاه أحداث الحرب في غزة، خاصة إذا ما قارنَّاه باهتماماته إزاء الحرب الروسية الأوكرانية التي لا تصل في أحسن الأحوال إلى (20%) من اهتمام الشارع الإيطالي. كذلك عكس هذا الاستطلاع قلق الشارع الإيطالي من أن تؤثر الحرب في غزة على الأوضاع الاقتصادية في إيطاليا، حيث عبَّر نحو (64%) ممن شملهم الاستطلاع عن تخوفهم من ذلك، وهو ما يدل على أن المشاكل الاقتصادية الوطنية تظل قضية ذات صلة وثيقة باهتمامات الرأي العام الإيطالي([13]).

من ثم يمكن القول بغلبة الاتجاهات الإيجابية على موقف الشارع الإيطالي وتقييمه للصراع؛ حيث عبر (73%) عن قناعته بأن على إيطاليا الوساطة للحيلولة دون تفاقم الأزمة، فيما رأى (66%) في الحياد الإيطالي الحل الأمثل، لأنه يُجنِّب إيطاليا أيضًا التعرُّض لأية هجمات انتقامية. في المقابل أقر (58%) من العينة، بمبالغة الكيان الصهيوني في رد الفعل، ووصف الهجوم على غزة بـ (الكارثة الإنسانية)، في مقابل (30%) فقط برر الهجمات الصهيونية باعتبارها رد فعل منطقي على عملية طوفان الأقصى.

على صعيد الدعم، انقسمت عينة الاستطلاع إلى قسمين، الأول يشكل نسبة (6%) وقد رأى أن على إيطاليا تقديم الدعم العلني للكيان الصهيوني، بينما شدد (15%) على ضرورة تقديم الدعم غير المشروط للفسلطينين حتى الحصول على حقوقهم المشروعة([14]).

هذه الاتجاهات المعتدلة للشارع الإيطالي والمؤيدة للقضية الفلسطينية منذ البداية آتت أُكُلَها، حيث كان لها نتائج إيجابية على مختلف الأصعدة، منها أنها ساعدت -كما أشرنا سابقًا- في صياغة خطاب سياسي رسمي أكثر اعتدالًا، وهو ما برز في تصريح "أنطونيو تاياني" وزير الخارجية الإيطالي، لموقع (Rai News) بتاريخ 23 فبراير 2024م، من أن "الشعب الفلسطيني له كامل الحق في أن يعيش بسلام وأمان مثل اليهود، ومن مصلحة الجميع أن يتحقق هذا السلام"([15]). ومن النتائج الإيجابية أيضًا أن هذه الاتجاهات المعتدلة ساعدت الموقف السياسي الرسمي في عدم اتخاذ تدابير أمنية استثنائية مثلما فعلت بعض الدول الأوروبية، لا سيما وأن إيطاليا لم تشهد تدحرجًا في كرة الإسلاموفوبيا المرتبطة بالحرب في غزة.  كما ساهمت هذه الاتجاهات المعتدلة كثيرًا في إخماد نار كان اليمين المتطرف يحرص على إشعالها منذ أول أيام الحرب، عن طريق تسخير وسائل الإعلام لاستغلال الرأي العام الإيطالي لخدمة أجنداته المعادية للمهاجرين عمومًا وللمسلمين والعرب خصوصًا.

ولعل أبرز المظاهرات التي تبنَّاها اليمين المتطرف، تلك التي دعى إليها "ماتيو سالفيني"، نائب رئيس الوزراء الإيطالي وزعيم الحزب اليميني "رابطة الشمال"، في الرابع من نوفمبر الماضي، والتي على الرغم من أن وسائل الإعلام الإيطالية الموالية لليمين الإيطالي وللكيان الصهيوني قد روَّجت كثيرًا لهذه المظاهرات، فإنها باءت بالفشل، حيث لم يلبِّ الدعوة سوى (500) شخص أغلبهم من المسنين، في الوقت الذي أحصت فيه شوارع ميلانو وضواحيها أكثر من (30) ألف شخص يتظاهرون لنصرة القضية الفلسطينية أغلبهم من الشباب. وفي هذا السياق، نود الإشارة إلى أن جماهير فريق "ميلان" قد حوَّلت جنبات ملعب "جوزيبي مياتسا" إلى منصة لنصرة القضية الفلسطينية، حيث رفعت لافتة كبيرة مكتوب عليها "اصمتوا عندما يكون الأطفال نائمين، لا عندما يموتون. فلتتوقف كل الحروب".

 

Image

جماهير ميلان ترفع هذه اللافتة بالمدرجات تضامنًا مع أطفال غزة

وإذا كانت لغة الأرقام لا تكذب، فإن صانع القرار الرسمي لا يمكن أبدًا أن يتغافل عنها في تحديد وصياغة الموقف الوطني الإيطالي، خاصة إذا ما تعلق الأمر بحساسية صراع مع العالم العربي والإسلامي. وفي هذه النقطة تحديدًا، أشاد الباحث والصحفي الإيطالي "دافيدي بيكّاردو"([16]) بالموقف الحزبي لأكبر حزبين فاعلين على الساحة الإيطالية وهما حزب "إخوة إيطاليا" Fratelli d'Italia، الذي تتزعمه رئيسة الوزراء الإيطالية "جورجيا ميلوني" وحزب "فورتسا إيطاليا" Forza Italia، الذي أسسه السياسي الإيطالي المخضرم "سيلفيو بيرلسكوني" ويترأسه وزير الخارجية الحالي "أنطونيو تاياني"، حيث رفض هذان الحزبان تلك المظاهرات التي دعى إليها "سالفيني" على الرغم من أنه شريكهما في الائتلاف الذي يقود الحكومة الإيطالية الحالية([17]).

وختامًا، يشيد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف بالموقف الرسمي الإيطالي إزاء الحرب في غزة، ذلك الموقف الذي لم يتخلَّ عن العقلانية والاعتدال، وهو ما انعكس على عدم تنامي جرائم الكراهية في إيطاليا المرتبطة بهذه الحرب. كما يشيد مرصد الأزهر بتصويت البرلمان الإيطالي لصالح وقف الحرب على غزة، وبصوت العقلاء من السياسيين ممن يجنبون الأبرياء ويلات الحرب، مؤكدًا أن تبنِّي مثل هذا الخطاب المعتدل من مختلف الدول والمؤسسات الفاعلة يمكن أن يُنهي معاناة الأبرياء في فلسطين ويفتح المجال لحل نهائي لهذا الصراع التاريخي، الأمر الذي من شأنه أن يكبح جماح الإسلاموفوبيا في الغرب، ويقطع الطريق أمام من يحاولون صب مزيد من الزيت على نار الصراع في الشرق الأوسط الذي -إن طال أمده- سيحرق الجميع بلا تمييز.

وحدة الرصد باللغة الإيطالية

 

[1]- في تقرير اطلعت عليه شبكة سي إن إن، تشير تقديرات المخابرات الأمريكية إلى أنّ إسرائيل ألقت ما يقرب من 29 ألف قنبلة على غزة منذ بدء الحرب حتى منتصف ديسمبر الماضي. خلّفت نسبة غير مسبوقة من الضحايا في تاريخ الصراعات. راجع مقال منشور على منصة bbc بعنوان "ما الذي تقوله أعداد القتلى في غزة عن الحرب؟"

https://www.bbc.com/arabic/articles/cmjrd063dz5o

[2]- للمزيد عن تفاصيل هذه الجرائم، انظر الرابط أدناه:

https://www.cair.com/press_releases/cair-reports-sharp-increase-in-complaints-reported-bias-incidents-since-107/

 

[3] -https://tellmamauk.org/tell-mama-records-six-fold-increase-in-anti-muslim-cases-between-october-7-and-october-19/

[4]- مكافحة الإرهاب ـ ما علاقة حرب غزة بزيادة التطرف والإرهاب في ألمانيا؟، المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI ـ وحدة الدراسات، بون، 20 نوفمبر 2023. انظر الرابط:

https://www.europarabct.com/%d9%85%d9%83%d8%a7%d9%81%d8%ad%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b1%d9%87%d8%a7%d8%a8-%d9%80-%d9%85%d8%a7%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%a9-%d8%ad%d8%b1%d8%a8-%d8%ba%d8%b2%d8%a9-%d8%a8%d8%b2%d9%8a%d8%a7%d8%af/

[6]- https://www.adnki.net/AKI/?p=109331

[7] -https://www.ilfattoquotidiano.it/2024/01/24/gaza-meloni-due-popoli-due-stati-non-condivido-la-posizione-di-netanyahu-e-soluzione-giusta-cureremo-bambini-palestinesi/7421082/

[12]- IPSOS مؤسسة بحثية تأسست عام 1975 ومقرها العالمي باريس. تهتم المؤسسة بإصدار التقارير والأبحاث التي تقيس اتجاهات الرأي العام نحو الموضوعات التي تهُم المجتمعات الغربية والرأي العام بها. للمزيد، انظر الرابط التالي:

https://www.ipsos.com/en

[14] نفس الرابط السابق

[15] https://www.rainews.it/maratona/2024/02/parigi-oggi-crocevia-dei-negoziati-hamas-presto-progressi-4f4f9306-a0bc-4ff8-819e-b63072fb0884.html

[16] كاتب وصحفي إيطالي يتمتع بتأثير كبير بين مسلمي إيطاليا، اسمه "دافيدي بيكّاردو"، وهو القائل بأنّ "حماس حركة مقاومة وليست منظمة إرهابية". وهو ابن المفكر الإيطالي الذي اعتنق الإسلام "حمزة روبيرتو بيكّاردو" الذي قدّم أشهر ترجمة لمعاني القرآن الكريم باللغة الإيطالية.

[17] للمزيد، انظر الرابط التالي:

https://www.ajnet.me/culture/2023/11/26/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A7%D8%AA%D8%A8-%D8%AF%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%AF%D9%8A-%D8%A8%D9%8A%D9%83%D8%A7%D8%B1%D8%AF%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%86

قراءة (233)/تعليقات (0)