بالحديث عن الانتهاكات الصهيونية بحق المسجد الأقصى المبارك خلال العام الجاري ٢٠٢٤م؛ فقد شهدت ساحة المسجد الأقصى سلسلة من الانتهاكات الصهيونية منذ مطلع العام وحتى الآن، سواء على مستوى المسئولين عتاة التطرف، أم على مستوى جماعات المستوطنين الذين سرعان ما يستجيبون لدعوات منظمات الهيكل (المزعوم) في تحريضهم للحشد، خاصة في المناسبات الدينية والصهيونية المختلفة، مستغلين تحول الأنظار تجاه حرب الإبادة الجماعية التي تشنها قوات الاحتلال في قطاع غزة، وكذلك مدن وبلدات الضفة الغربية المحتلة، منذ السابع من أكتوبر ٢٠٢٣م.
فبعد أن طوى عام ٢٠٢٣م صفحته على اقتحام ٥٠ ألف مستوطن لباحات الحرم القدسي الشريف (حسب تقرير مرصد الأزهر - بتاريخ ١ من يناير ٢٠٢٤م)؛ بدأ عام جديد يحمل في ثناياه حلقات متتالية من التـدنيس بحق أولى القبلتين من الصهيونية الدينية التي تحظَى بدعم خارجي –وخاصة من المسيحيين الإنجيليين المساندين للحركة الصهيونية في الولايات المتحدة- إضافة إلى الدعم غير المحدود من سلطات الاحتلال في الداخل، الذي بلغ ذروته في ظل الحكومة اليمينية الأشد تطرفًا برئاسة مجرم الحرب "نتنياهو".
وفيما يلي أبرز الأحداث منذ مطلع العام الجاري ٢٠٢٤م:
شهد شهر يناير من العام الجاري اقتحام نحو ٢٤٢٧ مستوطنًا لباحات الأقصى، وذلك تزامنًا مع الشهر الرابع من العدوان على قطاع غزة، بزيادة تناهز ١٢.٦٪ مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي ٢٠٢٣م، وقد جرى اقتحام من بين تلك الاقتحامات برفقة الحاخام "يسرائيل أرييل" الذي يُعد الحاخام الروحي لوزير الأمن المتطرف "إيتمار بن جفير"، والحاخام "يتسحاق براند" رئيس "مدرسة جبل صهـيون الدينية".
وفي شهر فبراير، شارَك ما يزيد عن ثلاثة آلاف مستوطنٍ في اقتحام المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال، وكان من بين المشاركين في الاقتحامات طلاب مدرسةٍ دينيةٍ، ونساء من منظمة "نساء لأجل المعبد"، وأدى المستوطنون صلوات توراتية، وطقوسًا استفزازية في أثناء الاقتحامات، لا سيما في المنطقة الشرقية من المسجد؛ تلك المنطقة التي تضم باب الرحمة، الذي "سيدخل منه المخلص إلى أرض المعبد" حسب المعتقد اليهودي؛ وأرض المعبد هي الهيكل (المزعوم).
وفي الثامن عشر من الشهر نفسه، مارس وزير الأمن الصهيوني المتطرف "إيتمار بن جفير" ضغوطه على حكومة الاحتلال من أجل منع المسلمين من دخول الحرم القدسي الشريف في شهر رمضان (الماضي)؛ حيث زعم "بن جفير"، أن السماح للفلـسـطينيين بالوصول إلى الحرم القدسي في رمضان سيتيح لهم فرصة الاحتفال بانتصار المقاومة وصمودها. وقد أطلق مرصد الأزهر تحذيره من تلك الدعوات المقيتة التي تسمح للمستوطنين باقتحام الحرم القدسي الشريف، في حين تجنح إلى منع المسلمين من الوصول إلى الأقصى في شهر رمضان المعظم.
وفي تصعيد صهيوني واضح للأوضاع، طَرَحَت منظمة "بيادينو- بأيدينا" (إحدى منظمات الهيكل المزعوم) -في ٢١ من فبراير- استفتاءً تدعو فيه المستوطنين للتصويت من أجل رفع علم الكيان داخل باحات الأقصى المبارك، وذلك في الاحتفال بما يسمى بيوم الاستقلال (يوم إعلان قيام دولة الاحتلال على أرض فلسطين في مايو ١٩٤٨م)، الذي يوافق ١٤ من مايو من كل عام.
وفي شهر مارس، كانت مدينة القدس المحتلة على موعد مع انطلاق ماراثون -تهويدي- رياضي، وبالتحديد، يوم الجمعة ٨ من مارس ٢٠٢٤م، بمشاركة ٣٥ ألف يهودي من داخل الأراضي المحتلة وخارجها. وتزامن تنظيم الماراثون الرياضي المزعوم مع توافد آلاف الفلسطينيين والمقدسيين إلى القدس المحتلة لأداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى، ما أدى إلى إعاقة وصول الكثيرين إليه نتيجة إغلاق الشوارع بقرار بلدية الاحتـلال. ما اعتبره مرصد الأزهر محاولة صهيونية لاستغلال الرياضة لمحو الهوية العربية والإسلامية عن المدينة المقدسة، وتغطية على المجازر الوحشية الدائرة في القطاع لشهرها السادس على التوالي.
وقبيل "عيد الفصح اليهودي" (من ٢٣ إلى ٢٩ من أبريل ٢٠٢٤م) قامت جمعيات ومنظمات صهيونية متطرفة وعلى رأسها منظمة "حوزريم لهار- عائدون إلى جبل الهيكل (المزعوم)" بعرض مكافآت مادية قوامها ٥٠ ألف شيكل (أي ما يزيد على ١٣ ألف دولار) لمن يتمكن من إدخال القرابين للأقصى، وذبحها في باحاته، كما جعلت عودة المستوطنين الأسرى في قطاع غزة هدفًا لهذه القرابين هذا العام؛ لإعطاء الطقس طابعًا سياسيًّا ودينيًّا في آنٍ واحد.
وفي ذلك السياق، دعا الحاخام "يسرائيل أرييل" رئيس معهد الهيكل (المزعوم)، المستوطنين الصـهاينة للتظاهر بالآلاف عند حائط البراق؛ من أجل الضغط على حكومة الاحتلال للموافقة على ذبح "قرابين الفصح اليهودي" في المسجد الأقصى المبارك، قائلًا: "عند حضور ٢٠٠ ألف شخص عند حائط (المَبْكَى) لن يذهبوا حتى تُفتَح البوابات أمامهم لتقديم ذبيحة الفصح". وادَّعَى الحاخام الصهيوني أن الحرم القدسي في خطر، بعد أن أدَّى أكثر من ١.٥ مليون مسلم الصلاة بالمسجد الأقصى خلال شهر رمضان المبارك. وكان من بين أبرز المقتحمين في عيد الفصح أشهر قادة اليمين الصهيوني المتطرف، الحاخام "يهودا جليك"، وعضو الكنيست "عميت هاليفي"، وقاد الجولات الإرشادية للمستوطنين كل من رئيس منظمة بيادينو "توم نيساني"، والمستشرق الصهيوني "مردخاي كيدار"، وغيرهما ممن قَدَّموا الرواية التوراتية (المزعومة) عن المكان المقدس.
وبزيادة تقدر بنحو ٢١٪ عن العام الماضي... اقتحم ٤٣٤٥ مستوطنًا الأقصى خلال أيام ما يُسمى: "عيد الفصح" اليهودي.
وعن انتهاكات شهر مايو ٢٠٢٤م، فقد قام ٤٢٧٧ مستوطنًا باقتحام المسجد الأقصى المبارك، الثلاثاء ١٤ من مايو ٢٠٢٤م، وتمكَّن بعضهم من رفع علم الكيان الصـهيوني، بل التوشُّح به داخل باحاته الشريفة، وذلك استجابة لدعوات جماعات الهيكل المزعوم، التي أطلقت عريضةً لجمع توقيعات مؤيدة ومُطالِبة برفع ٥٠٠ علمٍ صهيوني في المسجد المبارك، والتلويح به، إحياءً لذكرى ما يُطلِقون عليه: "يوم هعتسماؤوت- يوم الاستقلال" أو ذكرى قيام الدولة المزعومة (كما سبقت الإشارة). وإضافة إلى رفع العلم، أدى عدد من المتطرفين "طقوسًا تلمودية" علانيةً في الساحة الشرقية من المسجد، وترديد النشيد الوطني الصـهيـوني "هاتيكفا". وقد هيَّأَت شرطة الاحتلال الأجواء للمقتحمين، إذ أفرغت المسجد من المصلين ومنعت دخول الفلسطينيين الوافدين إليه.
وكعادة حركات الهيكل المزعوم ومنظماته في انتهازها المناسبات لفرض واقع جديد على المسجد الأقصى، دَعَت منظمة "بيادينو" عبر مواقعها المختلفة، الأربعاء ٢٩ من مايو ٢٠٢٤، لاقتحام المسجد الأقصى بالآلاف، يوم الأربعاء الموافق ٥ من يونيو ٢٠٢٤، في خلال ما يسمى بـ"مسيرة الأعلام" الصهيونية و"مسيرة الأعلام"، أو "يوم القدس" هي احتفالات بدأت مع احتلال الكيان الصهيوني للقدس الشرقية (بما في ذلك البلدة القديمة)، وتوحيدها مع القدس الغربية في أعقاب حرب يونيو ١٩٦٧م.
كما جددت تلك المنظمات دعواتها في مطلع يونيو 2024م، وبالفعل، واستجابة لتلك الدعوات، توافد آلاف المستوطنين -في الخامس من يونيو ٢٠٢٤م- على مدينة القدس المحتلة، واقتحموا البلدة القديمة، وساروا عبر شوارعها وأزقتها، وصولًا إلى باب العمود الموصل للمسجد الأقصى، ولوَّحوا بالأعلام الصهيونية، وبعض الأعلام التي تحثُّ على الكراهية، كما سُجِلت اعتداءات بحق أصحاب متاجر، وصحفيين فلسطينيين كانوا يقومون بتغطية الحدث.
وشارك في تلك الذكرى الصهيونية شخصيات سياسية بارزة، أهمهم: وزير الأمن القومي "إيتمار بن جفير"، ووزير المالية المتطرف "بتسلئيل سموتريتش"، وقد وثَّقت المشاهد قيام الأخير بالعزف والرقص مع المشاركين. في حين صرح الأول لوسائل الإعلام العبرية قائلًا: "عُدت إلى هنا مجدَّدًا لتوجيه رسالة للفلسطينيين، ولكل بيت في غزة، وكذلك في الشمال، مفادها: أننا هنا، القدس لنا، وباب العمود لنا، وجبل الهيكل لنا (أي: المسجد الأقصى) ... اليوم، وبسبب سياساتي تجوَّل اليهود في البلدة القديمة بكل أريحية، وكذلك قاموا بأداء الصلوات (أي: الطقوس التلمودية) في المسجد الأقصى دون عائق، هذا هو حقنا ... وهذه هي رسالتنا للفلسطينيين".
ولم تتوقف الانتهاكات –في ذلك اليوم- عند باب العمود، بل تجاوزتها وصولًا للأقصى المبارك؛ فبالتزامن مع "المسِيرَة"، سمحت شرطة الاحتلال لنحو ١٥٠٠ مستوطن باقتحام الأقصى المبارك، ورفع الأعلام الصهيونية في قلب باحاته المشرفة.
وفي يوم الأربعاء الموافق ١٢ من يونيو ٢٠٢٤م، سمحت شرطة الاحتلال -كذلك- باقتحام ما يزيد عن ٧٠٠ مستوطن لباحات الأقصى الشريف تزامنًا مع عيد الأسابيع (هشـﭬوعوت) اليهودي (وهو يوم الاحتفال بنزول التوراة). وجرت الاقتحامات عبر باب المغاربة في الجدار الغربي للمسجد الأقصى، في صورة مجموعات، وبحماية شرطة الاحتلال.
هذا ولم يسلم المسجد الأقصى في باقي الأيام (غير الاحتفالية) من اقتحامات المستوطنين والتي غالبًا ما تكون بالعشرات، ليصل إجمالي عدد المقتحمين، في شهر يونيو ٢٠٢٤م، إلى ٤٤١٤ معتديًا، وسط حالات اعتقال في صفوف المرابطين والمرابطات، وكذلك تحذيرات واستغاثات من إدارة أوقاف وشئون الأقصى المبارك، التي أعلنت أنها وثقت ١٨ اقتحامًا للمسجد الأقصى المبارك من قوات الاحتلال والمستوطنين في خلال يونيو ٢٠٢٤م، فيما مُنِع رفع الأذان في المسجد الإبراهيمي ٥٤ وقتًا.
وشهد يوليو ٢٠٢٤م، اقتحام نحو ٣٧٣٩ مستوطنًا ساحات الأقصى المبارك، تحت حراسة مُشددة من شرطة الاحتلال وأجهزته الأمنية المُختلفة، وشهد كذلك أحداثًا عدّة تعكس التجرؤ الصهيوني على استباحة الأقصى وتدنيسه، على رأسها إقدام الوزير الصهيوني "إيتمار بن جفير" على اقتحام الأقصى المبارك، في ١٨ من يوليو، للمرة الثانية منذ اندلاع العدوان على غزة؛ إذ قال من داخل الأقصى: "جئت هنا لأكثر مكان أهمية لـ(إسرائيل)، و(لشعب إسر.ا.ئيل)، من الأفضل أن نصلي لعودة (المختطفين) إلى البيت، لكن بدون صفقة خاسرة، وبدون خضوع".
وحلت أبرز المناسبات الدينية المزعومة، الثلاثاء ٢٣ من يوليو ٢٠٢٤م؛ إذ اقتحم في ذلك اليوم ٣٤٢ مستوطنًا؛ استجابة لدعوات منظمات الهيكل لإحياء ما يقولون: إنها ذكرى اقتحام البابليين لأسوار القدس، وهي ذكرى تمهّد لأخرى أشد احتفاءً من قبل الصهاينة؛ ألا وهي ذكرى "خراب الهيكل"، التي تأتي بعد الذكرى الأولى بـ ٢٠ يومًا. هذا وقد شهد شهر أغسطس ٢٠٢٤م، اقتحام ما يزيد عن ٧٠٠٠ مستوطن لباحات الأقصى المبارك. وذلك في إطار العديد من الفعاليات والمناسبات الصهيونية (فضلًا عن الاقتحامات اليومية المعتادة)، إضافة إلى التصريحات المتطرفة، التي تنم عن اجتراء غير مسبوق تجاه الحرم القدسي الشريف.
ففي يوم الأحد ١١ من أغسطس ٢٠٢٤م، وبالتزامن مع دخول العدوان على غزة شهره الحادي عشر، شارك مئات المستوطنين الصـهاينة في سلسلة بشرية حول المسجد الأقصى المبارك من حائط البراق إلى باب الرحمة، وذلك استجابة لدعوة أطلقتها جماعات الهيـكل المزعوم؛ مطالبين بإعادة الاستيطان في جوش قطيف (قلب قطاع غزة)، وإعلان السيادة الصهيونية الكاملة على المسجد الأقصى المبارك. كما شارك في تلك الفعالية التي أطلقوا عليها: "سلسلة النصر"، عضوان من أعضاء الكنيست اليمينيين (ليمور سون هار ملخ، وتصفي سوكوت)، واللذيْن أعلنا دعمهما لتلك الفاعلية، وذلك في دعوة منهما إلى إعادة الاستيطان في قطاع غـزة. هذا وقد ارتدى المشاركون في الفعالية قمصانًا برتقالية اللون تشبه السلسلة البشرية التي جرت سابقًا في محاولة من تلك المنظمات المتطرفة لوقف خطة فك الارتباط. وكان الصحفي "ينون ميجال" قد نشر عبر صفحته على منصة إكس، صورة لنشطاء من جماعات الهـيكل (المزعوم) وهم يتدربون على ممارسة طقوس البقرة الحمراء، التي تهدف إلى التبشير ببناء هيكلهم (المزعوم) على أنقاض المسجد الأقصى المبارك.
وفي يوم الثلاثاء ١٣ من أغسطس ٢٠٢٤م (التاسع من آب)، كان الأقصى على موعد مع ذكرى ما يُطلق عليه: "خراب الهـيكل"؛ حيث شهدت باحات الأقصى المبارك اقتحام أكثر من ٢٩٥٨ مستوطنًا منذ الفترة الصباحية للاقتحامات التي تمتد خلال فترة الصيف من ٧ صباحًا إلى 11:30 ظهرًا، حيث حوَّلت قوات الاحتـلال ساحات الأقصى المبارك لثكنة عسكرية، بهدف تأمين المستوطنين المتطرفين الذين رفعوا علم كيانهم الغاصب داخل باحات المسجد المباركة.
وكان على رأس المقتحمين وزير الأمن الصهـيوني الداخلي، إيتمار بن جفير (للمرة الثالثة منذ العدوان على غزة)، برفقة عدد من المسئولين الآخرين، مثل: وزير النقب والجليل "يتسحاق فاسرلئوف"، وعضو الكنيـست "عميت هاليفي"، صاحب مخطط تقسيم الأقصى بين المسلمين واليهود، وعدد من حاخامات الصهـيونية الدينية من أصحاب الفكر المتطرف.
وصرّح "بن جفير" من داخل الأقصى بقوله: "هناك تقدمٌ كبيرٌ جدًّا في فرض السيادة الصهـيونية والسلطة على المسجد الأقصى، وسياستنا تسمح لليهـود بالصلاة فيه". كما رفض المسؤول المتطرف المباحثات الساعية إلى وقف العدوان على غزة بقوله: "يجب ألا نذهب إلى المؤتمرات في الدوحة أو القاهرة، بل الانتصار على الفلسطينيين وتركيعهم".
وفي يوم الأحد ٢٥ من أغسطس ٢٠٢٤م، قامت مجموعة من المستوطنين بقيادة الحاخام "إليشع ولفسون" (رئيس المدرسة الدينية اليهودية في القدس المحتلة) بممارسة الصلوات التلمودية، والسجود على أعتاب باحات المسجد الأقصى المبارك. في مشهد استنكرته بعض الطوائف اليهودية، واعتبرته بمثابة إلقاء مزيد من الوقود على النار المشتعلة، فيما وصفه آخرون بـ"المشهد التاريخي". وفي تصريح لـ"ولفسون" يعكس فيه السياسة الصهـيونية المتبعة تجاه الأقصى، ذكر فيه أن شرطة الاحتـلال تسمح لليهود بالصلاة والسجود عند باحات الأقصى، معقبًا: "نحن ننتصر ونرى بأمِّ أعيننا تحقيق النبوءات، وبفضل هذا سيتم بناء الهيكل... فكما سُمِح لنا بالصلاة والسجود في هذا المكان الآن، فإن إعادة بناء الهيكل ليست منا ببعيد".
وبحسب بيان المدرسة الدينية، فإن الحاخام "ولفسون" ورفاقه قد أدَّوا صلاة شكر، وانبطحوا باسطي أيديهم وأرجلهم؛ وهو نوع من الطقوس التعبدية مسموح به فقط فيما يُطلقون عليه زورًا جبل الهيكل (المزعوم)، يعنون: الأقصى المبارك. كما أشارت "المدرسة" إلى أن الوضع القائم الآن لم يكن ليسمح بمثل هذا النوع من الصلوات (بحسب القانون)، بيد أنه في الأسابيع الأخيرة لم تقم الشرطة باعتقال الأشخاص الذين أدَّوا الصلوات في (جبل الهيكل) بحسب قولهم.
وعقب انتشار مقاطع فيديو للمتطرفين الصهاينة وهم يسجدون في باحات الأقصى المبارك، واصل وزير الأمن الصهيوني "بن جفير" تصريحاته المتطرفة بحق الأقصى المبارك؛ حيث صرح في لقاءٍ أجراه، صباح الخميس ٢٦ من أغسطس ٢٠٢٤م، عبر إذاعة جيش الاحتلال، أنه يعتزم القيام ببناء كُنيّسٍ خاصٍ باليهود في الحرم القدسي الشريف. ويعتبر هذا من أقوى التصريحات التي تأتي على لسان مسؤول أمني، والتي تؤكد نوايا الاحتلال الخبيثة في تقسيم الأقصى زمانيًّا ومكانيًّا.
وفي إطار سعيها لتهويد المسجد الأقصى، قامت منظمة "بيادينو" بإطلاق موقعًا باللغة العربية للتعريف بالأقصى باعتباره هيكلًا لليهود، وإعطاء معلومات مغلوطة للقارئ العربي حول الحرم القدسي؛ إذ تزعم المنظمة أنها ستنشر من خلال الموقع فيديوهات تشرح من خلالها لأبناء العالمين الإسلامي والعربي، بل والعالم أجمع، علاقة اليهود بالحرم القدسي، وتحطيم ما أسمته كذبة تسمية جبل الهيكل بـ"الأقصى".
كما احتفلت هذه المنظمة عبر صفحتها على موقع "فيس بوك" بتسجيل رقم غير مسبوق في أعداد مقتحمي المسجد الأقصى خلال العام العبري –الذي بدأ ١٥ من سبتمبر ٢٠٢٣م، وينتهي في ٢ من أكتوبر ٢٠٢٤م - حيث أعلنت منظمة "بأيدينا من أجل الهيكل" اقتحام ما يزيد عن ٥٠ ألف مستوطن لساحات المسجد الأقصى منذ بداية العام العبري، بزيادة تقدر بنحو ٨٪ عن العام قبل الماضي والذي كان يعد هو العام الذي شهد أكبر عدد من المقتحمين، إذ اقتحم خلاله 46344 مستوطنًا باحاته المقدسة، وبزيادة تقدر بنحو ١٤٪ عن العام العبري الماضي، والذي شهد اقتحام 43893 مستوطنًا.
وفي يوم الثلاثاء، ٢٧ من أغسطس ٢٠٢٤م، وافق مكتب رئيس وزراء الكيان الصهيوني وقيادة الأمن القومي على خطة وزارة التراث إصدار جولات إرشادية لليهود في المسجد الأقصى المبارك، بتمويل يقدر بمليوني شيكل، من ميزانية الحكومة. وردًّا على هذا الإعلان، صرحت وزارة التراث أنها تعتزم إطلاق جولات إرشادية في المسجد الأقصى المبارك، والتي ستسمح لأول مرة لآلاف اليهود، ومئات الآلاف من السياح الذين يزورون الأقصى كل عام، بالاستماع إلى التراث اليهودي للأقصى بنسخة تاريخية دقيقة، خالية من الروايات البديلة والكاذبة (بحسب زعمهم).
مما سبق يتأكد للناظر أن المسجد الأقصى المبارك يتعرض لحربٍ شرسةٍ لا هوادة فيها، مدفوعة بعزمٍ صهيونيٍّ صريحٍ لانتزاع الأقصى المبارك من أيدي المسلمين بشتى السبل والوسائل؛ لفرض واقع جديدٍ. ما يستدعي تحركًا فوريًّا لكافة القوى الضاغطة إقليميًّا ودوليًّا للحَول دون المخطط الصهيوني الخبيث، الذي تسعى فيه حكومة الكيان المَقِيت برئاسة "نتنياهو" لتقديم فروض الولاء للأحزاب الدينية المتطرفة على حساب "الأقصى" ومشاعر المسلمين حول العالم لضمان تماسكها، إضافة إلى محاولة إحباط العزيمة الفلسطينية، وإشعار الفلسطينيين بأن مقاومتهم لم تؤثر في الذَّود عن حياض الأقصى المبارك والدفاع عن حرمته، كل هذا في ظل انشغال دوليٍّ (سلبيٍّ) بمخطط وقف إطلاق النار، وإنهاء حرب الإبادة الجماعية الدائرة في قطاع غزة.
وحدة الرصد باللغة العبرية