31 أكتوبر, 2024

في ذكرى طوفان الأقصى: دراسة غربية تنتصر للحقيقة

في ذكرى طوفان الأقصى: دراسة غربية تنتصر للحقيقة

 

       أعد الباحث "أوين شاخْت" المتخصص في العلاقات الدولية والفلسفة، بجامعة "سانت أندروز بإسكتلندا"، تقريرًا بعنوان: "ازدواجية المعايير وتشويه الحقائق: سمة أساسية في التغطية الإعلامية لصحيفة نيويورك تايمز بشأن العنف الجنسي الفلسطيني/الإسرائيلي لأحداث السابع من أكتوبر"؛ استعرض فيه تغطية صحيفة "نيويورك تايمز" (NYTimes.com) الأمريكية لأحداث السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، وعمليات المقاومة الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة.

اتهم الباحث الصحيفة الأمريكية بالازدواجية، وتشويه الحقائق، وتعمد التضليل، وأبدى تعجبه من ذلك الضلال والزيف رغم توثيق التغطية بالصور وشهادة الشهود.

وأكد الباحث زيف جميع الادعاءات، وأن الصحيفة الأمريكية سرعان ما توقفت عن تكرارها إلا واحدًا، وهو استخدام المقاومة الفلسطينية العنفَ الجنسي سلاحًا للنيل من الإسرائيليين يوم السابع من أكتوبر2023، وتنفيذ اغتصابات جماعية ممنهجة وعلى نطاق واسع.

وبهذا رسخَّت الصحيفة هذه الصورة في الدوائر الأمريكية لصنع القرار؛ إذ تعمدت نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين، واستباق الحكم بالإدانة حتى قبل اكتمال تحقيقات المؤسسة الأممية (منظمة الأمم المتحدة)، أو صدور تقريرها، ومن ثم تسويغ العدوان العسكري الصهيوني اللاحق الذي أيده كل من الرئيس الأمريكي "جو بايدن"، ونائبته "كامالا هاريس"، والاستمرار في توريد السلاح للكيان الإسرائيلي.

واستعان الباحث بتقرير اللجنة الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة، المكلفة بالتحقيق في "جرائم" المقاومة والكيان الصهيوني على حد سواء (في المدة ما بين السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ حتى ٣١ من ديسمبر من العام نفسه)؛ علمًا بأن التقرير أُصدِر بتاريخ ١٧ من مايو ٢٠٢٤، نافيًا وجود أدلة على تلقي عناصر "حماس" أوامر بارتكاب عنف جنسي؛ إذ جاء في تقرير اللجنة ما يلي:

 

وجدت اللجنة ما يشير إلى العنف الجنسي في عدة أماكن، وخلُصت إلى أن الإسرائيليات تعرضن لهذه الجرائم تعرضًا غير مطرد يختلف من واحدة إلى أخرى... ومع ذلك لم تعثر اللجنة على أدلة يمكن الاطمئنان إليها تشير إلى أن المسلحين تلقوا أوامر لارتكاب العنف الجنسي، وعلى هذا، لم تتمكن اللجنة من التوصل إلى نتائج بشأن هذه المسالة... وكذلك لم تتمكن اللجنة من التثبت من التقارير المتعلقة بالتعذيب الجنسي وتشويه الأعضاء التناسلية، إلا أن اللجنة تبينت أن بعض ادعاءات محددة كانت كاذبة، أو غير دقيقة، أو متناقضة مع أدلة أو تصريحات أخرى، ولذا استُبعِدَت من التقييم الذي بين أيدينا.

 

في المقابل كشف ؛شاخْت" عن ازدواجية الصحيفة الأمريكية في التعامل مع العنف الجنسي الإسرائيلي ضد الفلسطينيين؛ إذ تعمدت استخدام عناوين موجَّهة مبهمة، مع استخدام أسلوب طبي مجرد من العاطفة لا ينم عن عنف حاصل أو يُشعر القارئ أن ثمة مأساة تحل بأحد ما، وذلك على نحو يختلف تمامًا عن الأسلوب المعبِّر الحاسم المستخدَم في وصف اعتداءات الفلسطينيين [المزعومة] بحق الإسرائيليين.

كما استشهد الباحث بجزء من تقرير منظمة "بِتسليم" الإسرائيلية المعنية بحقوق الإنسان، الصادر بعنوان: "أهلًا بكم في الجحيم"، إذ وصف معاناة الفلسطينيين المحتجزين بمعسكرات اعتقال الكيان الصهيوني، من إساءات ممنهجة تشمل شتى صنوف العذاب بما في ذلك اعتداءات العنف الجنسي.

واستعان الباحث بنتائج إحصائيات متعددة عن التغطية الإعلامية لأحداث السابع من أكتوبر ٢٠٢٣؛ إذ كشفت إحداها عن تحيز (نيويورك تايمز) للادعاءات الإسرائيلية، وأن نسبة ٧٥٪ من مقالات الصحيفة يشير إلى ارتكاب الفلسطينيين اعتداءات جنسية بحق الإسرائيليين، في مقابل ١٩٪ من المقالات يوحي بالعكس، فيما يتهم ٦٪ من المقالات كِلا الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بارتكاب اعتداءات جنسية ضد الآخر.

في السياق ذاته، أجرى ؛شاخْت" مسحًا لأخبار صحيفة (The Interception) الإلكترونية في ١٨ من يناير ٢٠٢٤، و٢٨ من فبراير ٢٠٢٤، و٤ من مارس ٢٠٢٤، وكشف استناد صحيفة "نيويورك تايمز" إلى "أدلة غير موثوقة"، والاعتماد على تقارير إسرائيلية في مجملها إما رسمية، أو مسيسة، أو من عناصر استخباراتية إسرائيلية سابقة التحقت بالعمل في صحيفة نيويورك تايمز لاحقًا. وعندما تعرضت الصحيفة إلى انتقادات من الأمم المتحدة، ومن جهات داخلية إسرائيلية شهدت تلك الأحداث، لجأت إلى إضافة عبارات: "إخلاء المسئولية" لتلطف من أجواء ذلك النقد اللاذع!

وفي المجمل، توصل الباحث إلى أن صحيفة نيويورك تايمز تبنَّت نهجًا يتسم بازدواجية المعايير وتشويه الحقائق فيما يتعلق بتغطيتها الإعلامية للعنف الجسدي الفلسطيني/ الإسرائيلي، لا سيما أحداث السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، كما يمكن إجمال الموضوعات التي تناولها الباحث في دراسته على النحو التالي:

  • المقاومة الغزيَّة استخدمت العنف الجسدي بوصفه سلاحًا ضد الإسرائيليين يوم السابع من أكتوبر (تم دحض هذا الادعاء).
  • الشهادات الإسرائيلية مقبولة دون شك رغم عدم وجود دليل موثوق (تم إثبات هذا الادعاء).
  • أقوى الأدلة التي تؤكد صدق الرواية الإسرائيلية وأهمها بشأن الأحداث تبين أنها زائفة (تم إثبات هذا الادعاء).
  • تغطية صحيفة نيويورك تايمز بشأن الأحداث منحازة (تم إثبات هذا الادعاء).
  • تغطية صحيفة نيويورك تايمز بشأن العنف الجنسي الصادر من الإسرائيليين ضد الفلسطينيين جاءت خفية وغير صريحة (تم إثبات هذا الادعاء).
  • تغطية صحيفة نيويورك تايمز ترتكز على أدلة واهية (تم إثبات هذا الادعاء).
  • وجود عنف ممنهج يمارسه الإسرائيليون ضد الفلسطينيين، لا سيما المعتقلين منهم (تم إثبات هذا الادعاء).

وبالتأمل في هذا التقرير يتبين أن بعض التغطيات الإعلامية الغربية لأحداث السابع من أكتوبر جاءت زائفة، بل مضلِّلَة لتسوِّغ للكيان الصهيوني إمدادات السلاح الهائلة، والدعم المعنوي الدولي المستمر لارتكاب أبشع المجازر بحق المدنيين الآمنين، في أمَنَةٍ من الحساب والمساءلة.

وإذ ينوه مرصد الأزهر لمكافحة التطرف إلى أهمية استقاء المعلومات المتعلقة بالأحداث الجارية من قنواتها المحايدة التي لا تسعى إلى تزييف الواقع أو تشويهه، فإنه يدعو في الوقت ذاته إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة والضفة الغربية ولبنان والمنطقة بأسرها، وإيصال المساعدات الإنسانية، وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧ وفق مقررات الشرعية الدولية.

وحدة الرصد باللغة الإنجليزية

 

قراءة (240)/تعليقات (0)