عقد الجامع الأزهر أولى ندوات البرنامج التاسع عشر الموجه للمرأة، بعنوان: "العفة وطهارة المجتمع"، وحاضر فيها كل من: الدكتورة/ أوصاف عبده، أستاذة ورئيسة قسم العقيدة والفلسفة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بجامعة الأزهر، والدكتورة/ هبة عوف عبد الرحمن، أستاذة مساعدة بقسم التفسير بكلية الدراسات الإسلامية، وأدارت الندوة الدكتورة/ حياة العيسوي، باحثة في الجامع الأزهر الشريف.
وخلال اللقاء، قالت الدكتورة/ أوصاف محمد عبده : إن العفة تُعدُّ من صفات المؤمن الورع؛ إذ تحافظ على المجتمع وتحميه من الفساد، واستشهدت بنماذج من صور العفة في الإسلام، مثل: غض البصر، مستندة إلى قوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}، وكذلك الحجاب الذي يُمثِّل عفة وطهارة للمرأة، كما ورد في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ}، مشيرة إلى أن الزواج يعد من صور العفة، مستشهدة بحديث رسول الله ﷺ: "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج".
وفي السياق ذاته، أوضحت د/ هبة عوف، أن العفة خُلُق إيماني رفيع للمؤمن، وثمرة من ثمار الإيمان بالله تعالى، وهو بُعْدٌ عن سفاسف الأمور وخدش المروءة والحياء، والعفة لذة وانتصار على النفس والشهوات، وغرس للفضائل والمحاسن في المجتمعات، فالعفاف هو أن يضبط الإنسان نفسه عن الشهوات، ويقصرها على ما يقيم أَوَدَ الجسد، ويحفظ صحة الجسد، والعفة خُلُق يشمل جانبين، جانبًا ماديًّا: وهو الكفُّ عن السؤال؛ حفاظًا على ماء الوجه، قال تعالى: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ}، في حين أن الجانب الآخر وهو المعنوي يكون بكفِّ النفس عن الحرام بأنواعه، وضبط النفس عن الشهوات.
وتابعت: للعفة ثمرات كثيرة، منها: حفظ جوارح المجتمع كله عما حرَّمه الله، ومن ثمرات العفة أن تنال ثناء الناس في الدنيا، ورضا الله في الدنيا والاخرة، وليس هذا فقط، بل وأيضًا هي نظافة وتطهير للمجتمع، وفي النهاية هي تصل بالإنسان إلى أعلى درجات الكمال، ويتمثل الطريق؛ للوصول إلى العفاف في تعهد النشء الصغير، والتشجيع على الزواج، وسد الذرائع، ووضع حدود في كل شيء، وأخيرًا الدعاء دائمًا بالعفاف.
من جانبها، بيَّنت د/ حياة العيسوي، أن الإسلام حثَّ على العفة، قال الله عز وجل: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ، فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا}، أي: من كان في غُنْية عن مال اليتيم فليستعفف عنه، ولا يأكل منه شيئًا، وقال سبحانه: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيم}، أي: يظن من لا يعرف حالهم أنهم أغنياء من كثرة تعففهم.
وأضافت: حجاب المسلمة عفة وطهارة ونقاء؛ فالآيات التي تدعو إلى الحجاب هي في الحقيقة تدعو إلى العفاف وتحضُّ عليه، قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ}. وهكذا نجد أن حجاب المرأة المسلمة -بالإضافة إلى كونه صيانة لها- هو وسيلة من وسائل إشاعة العفة والفضيلة في المجتمع.