عقد الجامع الأزهر، اليوم الإثنين، حلقة جديدة من ملتقاه الفقهي "رؤية معاصرة"، بعنوان: "المسئولية الطبية.. رؤية إسلامية"؛ لمناقشة الجوانب الشرعية والأخلاقية لمهنة الطب، وأهمية التزام الأطباء بالضوابط العلمية والفقهية؛ لضمان تقديم رعاية طبية تتوافق مع القيم الإسلامية، وذلك بمشاركة الدكتور/ محمود صديق، نائب رئيس جامعة الأزهر، والدكتور/ رمضان الصاوي، نائب رئيس الجامعة للوجه البحري، وأدار الملتقى الدكتور/ هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر.
وخلال اللقاء، أكَّد الدكتور/ محمود صديق، نائب رئيس جامعة الأزهر، أن مهنة الطب تُعدُّ من أشرف العلوم وأرفع المهن، وهي فرض كفاية؛ مما يعني أنه إذا قام بها البعض سقطت عن الباقين، وأشار إلى أن الطبيب يجب أن يلتزم بضوابط أخلاقية وقواعد علمية، كما وضعها علماء المسلمين الذين استلهموا من المدرسة النبوية، واستشهد بأبرزهم: ابن سينا، والرازي، الذين جمعوا بين العلم الشرعي والطبي؛ مما جعلهم قدوة في وضع معايير المهنة وأخلاقياتها.
وأوضح الدكتور/ صديق، أن الإسلام أرسى مبادئ مهمة في مجال الطب؛ حيث يُطلق على الطبيب في التراث «الحكيم» لما يتميز به من حكمة وسَعَة أفق، وأضاف أن حديث النبي ﷺ: «من تطبَّب ولم يُعلم عنه طبٌّ، فهو ضامن» يوضح ضرورة إلمام الطبيب بقواعد المهنة، وأن الطبيب الحاذق الذي يؤدي عمله بإتقان لا يُسأل شرعًا إن وقع ضرر دون قصد؛ لأن الشفاء بيد الله، مؤكدًا أهمية استحضار الطبيب لنية الإحسان والاعتماد على الله في كل خطواته.
من جانبه، أوضح الدكتور/ رمضان الصاوي، نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه البحري، أن الطب علم يهدف إلى صون صحة الإنسان، سواء من الناحية الجسدية أو النفسية، ويمارَس على أيدي أطباء مهرة لديهم القدرة على تشخيص الداء ووصف الدواء، وأضاف أن الطب يرتبط بحفظ النفس والعقل، وهما من الضروريات الخمس في الشريعة؛ إذ يحمي النفس من الأمراض، ويعالج العقل من العلل، مُذكِّرًا بحديث النبي ﷺ: «تداووا عباد الله؛ فما خلق الله من داء إلا خلق له دواء».
وأشار الدكتور/ الصاوي، إلى أن مهنة الطب تستوجب مؤهلات وضوابط دقيقة؛ لضمان كفاءة الممارسين، مشددًا على ضرورة أن يكون الطبيب قد تخرج في كلية معتمدة، وحصل على ترخيص رسمي لمزاولة المهنة. ولفت إلى أن هذه المعايير ليست وليدة العصر الحديث، بل كانت موجودة منذ القِدم؛ حيث كان المحتسب يتولى الرقابة على الأطباء والصيادلة، مانعًا من يمارس المهنة دون علم أو دراية. مؤكدًا أن الحفاظ على هذه المعايير ضروري؛ لصيانة أرواح الناس، وضمان سلامتهم.