عقد الجامع الأزهر حلقة جديدة من ملتقى التفسير ووجوه الإعجاز القرآنى الأسبوعى تحت عنوان «مظاهر الإعجاز القرآنى فى خلق النبات» بمشاركة الدكتور مصطفى إبراهيم، الأستاذ بكلية العلوم - جامعة الأزهر، عضو لجنة الإعجاز العلمى بمجمع البحوث الإسلامية، وأدار اللقاء الشيخ على حبيب الله، الباحث بالجامع الأزهر، وحضور عدد من الباحثين وجمهور الملتقى من رواد الجامع الأزهر.
فى بداية الملتقى، قال الدكتور مصطفى إبراهيم إن النباتات كائنات حية تمتلك الحواس الخمس، فالنباتات لديها القدرة على الرؤية، والحديث والسمع، والتذوق، واللمس، لكن الإنسان لا يستطيع سماعها، وهو ما يبينه القرآن الكريم فى قوله تعالى: «وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِى مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ثُمَّ كُلِى مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ»، والمقصود هنا أن النباتات عند عملية التلقيح تصدر أصواتاً يستطيع النحل سماعها، فتتم عندها عملية التلقيح، كما أن النباتات لديها القدرة على التواصل فيما بينها من خلال شبكة من الخيوط الدقيقة التى تمكنها من تبادل العناصر فيما بين النباتات الكبيرة والصغيرة، وهو ما يشبه نظام الأمومة الذى فطر الله عليه معظم الكائنات الحية، وفى حالة رش المواد السامة على بعض النباتات تصدر إشارات إلى النباتات الأخرى بضم أوراقها وهو ما يشبه جرس إنذار، كما أنها تفرز مادة للحشرات للتحذير من الاقتراب منها بسبب المواد السامة الموجودة عليها.
وأوضح عضو لجنة الإعجاز العلمى أن الحق سبحانه وتعالى أحدث توازناً طبيعياً فى الكون، لذلك نجد بعض الطيور تتغذى على الحشرات، أو بعض الحشرات تتغذى على أخرى، وهو أمر لحكمة وضعها الله سبحانه وتعالى: «إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ»، وما هو خارج هذا الإطار، فعلى جميع الكائنات أن تلتزم بقوانين الحياة فيه، وإلا حدث اختلال فى نظام الحياة، فلو نظرنا إلى أهمية النباتات إلى الإنسان وجدناها جزءاً مهما ومكوناً رئيسياً فى دورة الغذاء للكائنات الحية، وقد بينها القرآن الكريم فى قوله: «وَهُوَ الَّذِى أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً» فكلمة «خَضِراً» هى السر فى الحياة على الأرض، وهى المادة التى تكون غذاء الكائنات الحية من النباتات، والمقصود بقوله «نبات كل شىء» أن النباتات هى الأصل فى كل شىء كونها المكون الغذائى لكل الكائنات، واختفاء النباتات يتسبب فى نهاية الحياة على الأرض.
وأوضح «إبراهيم» أن ماء السماء يختلف عن الماء الذى نستعمله، لأن ماء السماء له تركيبة كيميائية مختلفة، وهو ما يطلق عليه العلماء الماء القلوى، لحاجات النباتات للتركيبات الكيميائية الموجودة بها، كما أن هناك أنواعاً من النباتات متشابهة فى مظهرها وفى ظروف نموها، لكن ثمارها مختلفة، وهو الذى عبر عنه القرآن الكريم بقوله تعالى: «وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِى ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ»، وأنه توجد بالنباتات خلايا تحدد نوع الثمار ولونها وطعمها، فمن خلال هذه الخلايا يتم نمو النبات وفقاً للصفات الخاصة به، رغم أن التربة والماء واحد، وهو دليل على قدرة الله سبحانه وتعالى، الذى نظم عملية نمو النباتات وفقاً لخواص كل نبات، مضيفاً أن فى رد سيدنا موسى على عدو الله فرعون: «قَالَ رَبُّنَا الَّذِى أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى» دليل أن كل شىء من الكائنات له صفاته الخاصة به، التى حددها الله سبحانه وتعالى، والتى لا يمكن لكائن من الكائنات أن يغير صفات نموه وبقائه.
من جانبه، قال الشيخ على حبيب الله، الباحث بالجامع الأزهر، إن سياقات القرآن الكريم فى الحديث عن النباتات جاءت لإظهار قدرة الله سبحانه وتعالى الذى جعل من الأشياء المحدودة تنوعات لا نهاية لها، ليناسب تنوع الحياة، ورغم هذا التنوع بين مكونات الكون الفسيح، لكنها منسجمة فيما بينها، لتنتظم حركة هذا الكون، قال تعالى: «وَفِى الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِى الْأُكُلِ إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ».
أحمد نبيوة