24 أغسطس, 2016

رسم كارتوني جديد تحت دعوى الحرية!

رسم كارتوني جديد تحت دعوى الحرية!

لا شك أن الحرية مكفولة للجميع، ولا شك أننا نعيش في فترة لم تعد تقبل القول بعدم أحقية الإنسان في التعبير عن رأيه أيا ما يكون، وتجاهد كافة النظم من أجل أن تكفل هذا الحق للجميع. وكما تُسن القوانين التي تكفل الحريات، فكذلك تسن قوانين أخرى لحماية هذه الحريات حتى لا يقع عدوان على من يمارس هذا الحق، لقد أصبحت هذه الأمور بديهية بحيث لا تحتاج لاستدلال أو تخضع لنقاش. بيد أن بديهية أخرى لا يمكن التغافل عنها وهي أنه لا يمكن أن تكون هذه الحريات مطلقة من القيود والضوابط حتى لا ينفلت زمام الأمور، وليس أقل من أن تكون هذه القيود والضوابط أخلاقية، فلا يمكن أن تسمح الحرية لإنسان بالتعدي على أخيه الإنسان. ومن هنا كانت كافة النظم والدساتير تكفل احترام المقدسات الدينية؛ لأنها تمثل جزءًا من كيان أتباع هذه الديانات وهويتهم. في ظل هذه الأمور البديهية، يصبح من المستهجن أن تصر بعض الهيئات الإعلامية على السخرية من نبي يتبعه نحو المليار ونصف في شتى بقاع العالم، بل لا يمكن أن يقبل هذا مع نبي لا يتبعه سوى عدد قليل، فحق الاحترام لا يتجزأ.
ونحن نؤكد على هذا بسبب ما نشره موقع Breitbart تحت عنوان "الفائز بمسابقة (ارسم محمد) يرسم صورة جديدة يظهر فيها جيرت فيلدرز وقد سجن نبي الإسلام خلف قضبان حديدية" حيث ذكر الموقع أنه في استعداء صريح يستهدف المسلمين جميعًا في كل أنحاء العالم، رسم بوش فاوستن، الفائز في مسابقة الرسوم الكارتونية عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم التي عُقدت في جارلاند بتكساس، رسما كاريكاتوريًا جديدًا يظهر فيه السياسي الهولندي جيرت فيلدرز وهو يزج نبي الإسلام في السجن خلف قضبان حديدية، وقد علق فيلدرز على هذا الأمر قائلاً: "لقد نشأ بوش فاوستن على الإسلام، وعانى بشكل شخصي وعن قرب من وحشية الإسلام... إنني أعدّه من الأبطال الشجعان في هذا الزمان لأنه امتلك الشجاعة ليترك الإسلام." وأضاف أن هذا الأمر يشير إلى ضرورة التحرك قدمًا في محاربة الأيدلوجية الإسلامية الإرهابية والهجمات الإرهابية عن طريق عزل الأيدلوجية الإسلامية العنيفة ومحو الإسلام من مجتمعاتنا، كما أكد أن الغرب يواجه تحديًا وجوديًا، وأنه ينبغي غلق الحدود أمام المهاجرين القادمين من بلدان إسلامية، وسجن الجهاديين، وتخليص مجتمعاتنا من الإسلام، عن طريق غلق المساجد والمدارس الإسلامية على سبيل المثال. وقد ذكر الموقع أن المسلمين يعتبرون أية رسوم كاريكاتورية للرسول صلى الله عليه وسلم شيئا عدوانيا ومهينا، ومن أبرز الأمثلة على ذلك ما حدث في أزمة الرسوم الكارتونية المسيئة التي رسمها رسام الكاريكاتير الهولندي كيرت ويسترجارد، والتي تلقى على إثرها تهديدات بالقتل لأنه قام برسم رجل يحمل قنبلة في قبعته، وقد أثارت تلك الرسوم موجة من الاحتجاجات في أرجاء العالم الإسلامي، مما اضطر ويستجارد إلى العيش تحت حراسة مسلحة.
لقد تابع العالم أجمع الحوادث السابقة التي كانت بعض الصحف الأوروبية تسخر من نبي الإسلام (صلى الله عليه وسلم)، ثم يدخل العالم في جدل كبير إذا حدث رد فعل من جماعات متطرفة أو حتى مسلمين غاضبين، فلماذا الإصرار على هذا الأمر الذي لا صلة له بالحرية من قريب أو بعيد، سوى أن تكون حرية منفلتة غير أخلاقية؟
إذًا كيف يمكن أن يقبل أن يقوم شخص بإثارة مشاعر مليار شخص في العالم، بدافع الحرية، والواقع أن الإسلام الذي يهاجمونه هو الذي قرر مراعاة مشاعر الآخرين منذ 1400 حيث قرر القرآن " وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ" (الأنعام: 108)
إذا القرآن يقرر في هذا الزمان البعيد أن إهانة مقدسات الآخرين كفيل لإثارة مشاعرهم، ومن ثمَّ نهى المسلمين عن سب آلهة الآخرين، فهل يمكن أن نتعامل بهذا المبدأ القرآني الذي نزل ليقرر حق الإنسان في احترام دينه؟

وحدة رصد اللغة الإنجليزية

 

قراءة (5621)/تعليقات (0)