في السنوات الأخيرة، أصبحت العملات الرقمية أداة مالية مهمة تُستخدم في مختلف القطاعات. لكنّ استخدامها لم يقتصر على المعاملات القانونية فقط، بل امتد ليشمل التنظيمات المتطرفة التي باتت تعتمد عليها وسيلةً لجمع التبرعات وتمويل أنشطتها الإرهابية. وفي باكستان، كشفت تقارير حديثة أن تنظيم طالبان باكستان بدأ في جمع التبرعات عبر العملات الرقمية، مستفيدًا من صعوبة تتبعها مقارنةً بالتحويلات البنكية التقليدية. هذه الظاهرة تطرح تحديات أمنية خطيرة للحكومة الباكستانية التي تحاول إيجاد طرق فعالة لمكافحة هذا النوع من التمويل غير المشروع.
- هل العملات الرقمية قانونية في باكستان؟
على الرغم من عدم وجود إطار قانوني واضح لتنظيم العملات الرقمية في باكستان، إلا أن الحكومة الباكستانية أنشأت مؤخرًا "مجلس العملات الرقمية" لوضع سياسات تنظم استخدامها. كما عيّنت الحكومة الخبير المالي "بلال ثاقب" مستشارًا رئيسيًّا لوزير المالية، بهدف تقديم توصيات بشأن تشريع العملات الرقمية. وبحسب تصريحات "بلال ثاقب"، فإن أكثر من مليون باكستاني يتعاملون في سوق العملات الرقمية، رغم عدم وجود تشريعات رسمية لتنظيم هذا القطاع حتى الآن.
- استخدام العملات الرقمية في تمويل الإرهاب: هل هذه ظاهرة جديدة؟
ليست هذه هي المرة الأولى التي تلجأ فيها جماعات محظورة إلى العملات الرقمية لجمع الأموال. فقد شهدت السنوات الأخيرة العديد من الأمثلة المماثلة حول العالم.
وتشير تقارير مركز صوفان (Soufan Center)، وهو معهد مختص بمراقبة التنظيمات الإرهابية عالميًّا، إلى أن تنظيم داعش – فرع خراسان، وتنظيمات إرهابية أخرى يعتمدون على العملات الرقمية في تمويل عملياتهم، نظرًا لصعوبة تتبعها مقارنة بالأنظمة المصرفية التقليدية.
كما أعلنت مجموعة "ناشر باكستان"، التي تدعم تنظيم داعش إعلاميًّا، عن حملة لجمع التبرعات عبر العملات الرقمية، وتقوم "ناشر باكستان" بترجمة ونشر دعاية داعش باللغة الأردية على وسائل التواصل الاجتماعي. كما نشرت سابقًا محتوى يشجع على تنفيذ هجمات ضد أولمبياد باريس وكأس العالم للكريكت (T20 World Cup).
وقعت اعتقالات سابقة في باكستان لأفراد يُشتبه في تمويلهم التنظيمات المتطرفة من خلال العملات الرقمية، أكد راجا عمر خطاب، وهو ضابط كبير في إدارة مكافحة الإرهاب (CTD) في كراتشي، لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC Urdu) أن هناك بالفعل حالتين أو ثلاث حالات اعتقال مرتبطة باستخدام العملات المشفرة في تمويل الإرهاب، لكنه يرى أن هذه الظاهرة لم تنتشر بعد بشكل كبير داخل البلاد، كما أكد راجا عمر خطاب عملية اعتقال شخص كان يجمع التبرعات لتنظيم داعش في سوريا عبر العملات الرقمية من داخل باكستان.
وخلال شهر مارس ووفقًا لتقارير أمنية، قامت حركة طالبان باكستان بنشر إعلانات على قنواتها في "تيليغرام"، تحث أنصارها على التبرع عبر حسابات في منصة "بينانس" (Binance)
- لماذا تلجأ التنظيمات الإرهابية إلى العملات الرقمية؟
تُفضل التنظيمات الإرهابية مثل طالبان باكستان استخدام العملات الرقمية للأسباب التالية:
صعوبة تتبعها: لا تمر عبر البنوك التقليدية، مما يُصعّب على الحكومات تعقبها.
سهولة استخدامها دوليًّا: يمكن إرسال واستقبال الأموال عبر الحدود دون الحاجة إلى تحويلات مصرفية رسمية.
عدم الحاجة إلى هوية رسمية: بعض منصات العملات الرقمية لا تتطلب إجراءات تحقق صارمة عن هوية المستخدمين.
إخفاء مصدر الأموال: يمكن استخدام محافظ رقمية مجهولة المصدر، مما يجعل من الصعب تحديد المتبرعين.
كيف يمكن منع تمويل الإرهاب عبر العملات الرقمية؟
يشير مركز صوفان (Soufan Center)، وهو معهد مختص بمراقبة التنظيمات الإرهابية عالميًّا، إلى أن التنظيمات الإرهابية، بما في ذلك داعش – فرع خراسان، تعتمد على العملات الرقمية في تمويل عملياتها بسبب صعوبة تتبعها مقارنة بالأنظمة المصرفية التقليدية. كما أعلنت مجموعة "ناشر باكستان"، التي تدعم تنظيم داعش إعلاميًّا، عن حملة لجمع التبرعات عبر العملات الرقمية، وتقوم "ناشر باكستان" بترجمة ونشر دعاية داعش باللغة الأردية على وسائل التواصل الاجتماعي. كما نشرت سابقًا محتوى يشجع على تنفيذ هجمات ضد أولمبياد باريس وكأس العالم للكريكت (T20 World Cup).
- الإجراءات المطلوبة لمواجهة تمويل الإرهاب عبر العملات الرقمية
1- تنظيم سوق العملات الرقمية في باكستان
وضع لوائح قانونية لتحديد الأنشطة المشروعة وغير المشروعة المرتبطة بالعملات الرقمية.
فرض رقابة صارمة على عمليات تبادل العملات الرقمية داخل البلاد.
2- تعزيز التعاون مع المنصات العالمية مثل Binance وCoinbase
مطالبة منصات العملات الرقمية بالكشف عن الحسابات المرتبطة بجماعات متطرفة.
فرض قيود على التحويلات المشبوهة بين الحسابات.
3- استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في تتبع التحويلات المالية
تطوير برامج متقدمة لتحليل المعاملات الرقمية المشبوهة وربطها بالجماعات الإرهابية.
تدريب وحدات متخصصة في الجرائم السيبرانية لتعقب التدفقات المالية غير القانونية.
4- التعاون الدولي
التنسيق مع الإنتربول والهيئات المالية الدولية لمكافحة استخدام العملات الرقمية في تمويل الإرهاب.
تبادل المعلومات مع الدول التي لديها خبرة في تتبع التحويلات المشبوهة.
يشير مرصد الأزهر لمكافحة التطرف إلى أن استخدام العملات الرقمية في تمويل الإرهاب يمثل تحديًا معقدًا يتطلب مزيجًا من التدخلات القانونية، والرقابة التقنية، والتعاون الدولي. ومن أجل منع استغلال هذه التكنولوجيا في دعم التنظيمات المتطرفة، يجب على السلطات في باكستان اتخاذ تدابير استباقية لضبط هذا القطاع. الحل يكمن في تنظيم الأسواق، وتعزيز الرقابة، والتعاون الدولي لضمان الاستخدام الآمن للعملات الرقمية في البلاد.
وحدة الرصد باللغة الأردية