04 يونيو, 2025

ملتقى الجامع الأزهر للقضايا المعاصرة: الأضحية شعيرة تحمل رسالة تكافل ورفق شامل عن الإسلام

ملتقى الجامع الأزهر للقضايا المعاصرة: الأضحية شعيرة تحمل رسالة تكافل ورفق شامل عن الإسلام

عقد الجامع الأزهر اليوم الثلاثاء، اللقاء الأسبوعي لملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة، تحت عنوان: "شبهات حول شعيرة الأضحية"، وذلك بحضور: أ.د/ مجدي عبد الغفار حبيب، رئيس قسم الدعوة والثقافة الإسلامية بكلية أصول الدين بالقاهرة، وأ.د/ نادي عبد الله، أستاذ الحديث وعلومه ووكيل كلية الدراسات الإسلامية والعربية لشئون الدراسات العليا، وأدار الحوار الدكتور/ أبو بكر عبد المعطي، الإعلامي بإذاعة القرآن الكريم.

في مستهل الملتقى، أكد الدكتور/ مجدي عبد الغفار حبيب، أن الأضحية شعيرة عظيمة تتطلب منَّا تعظيمها وإدراكًا لحق هذا التعظيم؛ كما قال تعالى: {وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}، وأن تعظيم الشعائر يُعدُّ دلالة واضحة على تقوى القلوب، وأن بداية هذه شعيرة كانت في فداء نبي الله إسماعيل -عليه السلام- عندما رأى والده إبراهيم -عليه السلام- رؤيا في المنام بأنه يذبحه: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}. ومن هنا؛ فإن الأضحية تجسد -في جوهرها- الاستسلام الكامل لأمر الله، والامتثال التام لأوامره: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ}، مبينًا أن هذه الشعيرة العظيمة الهدف منها أن يشعر الإنسان بغيره، وهو ما بيَّنه حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «كنتُ نهيتُكم عن لحومِ الأضاحي فوقَ ثلاثٍ؛ لِيَتَّسِعَ ذَوُوُ الطَّوْلِ على مَنْ لا طوْلَ له ، فكلوا ما بدا لكم، وأطعِموا، وادَّخِروا»، وهذا الأمر كان في فترة صعبة مرَّت على المسلمين، ولضمان أن تصل لحومها إلى أكبر عدد من المسلمين، ثم نسخ بالجزء الأخير "فكلوا ما بدا لكم ، وأطعِموا، وادَّخِروا" وذلك بعد أن زالت الحاجة الملحة التي دعت إلى النهي الأول؛ لاتساع أحوال الناس، فأذن النبي -صلى الله عليه وسلم- لهم بهذا الحُكم، وهو الأمر الذي يجب أن يضعه المسلمون اليوم بعد أن نزل ببلادهم إخوانهم الذين خرجوا من ديارهم وصاروا ضيوفًا بأرض غير أرضهم.

وأوضح رئيس قسم الدعوة والثقافة الإسلامية، أن الشبهات التي تثار حول شعيرة الأضحية، إنما تنبع عن سوء فهم لمقاصد الأضحية، أو جهل بالحكمة الشرعية منها، مستنكرًا من يرون أن في ذبح الأضحية تقربًا وامتثالًا لأمر الله سبحانه وتعالى، قسوة وتعذيبًا للحيوان، أو أنه يتنافى مع مبادئ الرفق بالحيوان، متسائلًا: ألا يرى هؤلاء البشر وهم يعذبون ويقتلون على مرأى ومسمع من الجميع، دون اتخاذ موقف أو إجراء؛ لحماية هؤلاء الأبرياء من بشاعة الظلم، وألوان العذاب التي يتعرضون لها؟! مبينًا أن شعيرة الأضحية هي عين الشفقة والرفق؛ لما فيها من شعور المسلم بأخيه المحتاج، كما أنها تمثل تضامنًا إنسانيًّا عالي القيمة، يضمن استقرار وترابط المجتمعات.

من جانبه، قال الدكتور/ نادي عبد الله، أستاذ الحديث وعلومه: إن الشبهات المثارة حول الأضحية، هي نتائج حملة موسعة وشاملة وممتدة على المنهج الإسلامي وشعائره، يقف خلفها أعداء هذا الدين، والمسلم الحق لا يلتفت إلى مثل هذه الشبهات، أو يفكر فيها؛ لأن الغرض من ورائها هو أن يصرفونا عن تعظيم شعائرنا والفرح بأدائها، والحلقات العلمية التي تعقد لتوضح حقائق هذه الادعاءات، إنما هي من باب التذكير، ومنعًا من أن يتسرب سوء الفهم إلى عقول شبابنا؛ لأن مسئولية العلماء عبر كل زمان ومكان هي الإيضاح، ولم تعرف البشرية دِينًا شاملًا راعى الحقوق كافة مثل ما رعاها الدين الإسلامي {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالِمِينَ}. وهذا دليل على أن الرحمة التي جاء بها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم شملت جميع الكائنات، وأن الدين الإسلامي هو الذي سبق كل القوانين في الرحمة والرفق بجميع الكائنات.

وذكر الدكتور/ نادي عبد الله، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كما علمنا أن الرحمة والشفقة بكل شيء سبيل لدخول الجنة مثلما في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما قال: "بينما رجُلٌ يمشي بطريقٍ اشتَدَّ عليه العطشُ فوجَد بئرًا، فنزَل فيها فشرِب، ثمَّ خرَج، فإذا كلبٌ يلهَثُ يأكُلُ الثَّرى مِن العطشِ، فقال الرَّجلُ: لقد بلَغ هذا الكلبَ مِن العطشِ مِثلُ الَّذي بلَغ بي؛ فنزَل البئرَ، فملأ خُفَّه ماءً، ثمَّ أمسَكه بفيه حتَّى رقِي فسقى الكلبَ؛ فشكَر اللهُ له؛ فغفَر له، فقالوا: يا رسولَ اللهِ، إنَّ لنا في البهائمِ لَأجرًا ؟ فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: في كلِّ ذاتِ كبدٍ رطبةٍ أجرٌ". فقد بَيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أيضًا أن القسوة وعدم الرفق طريق لدخول النار؛ مستشهدًا بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما قال: "عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ، سَجَنَتْهَا حتَّى مَاتَتْ، فَلَمْ تُطْعِمْهَا، ولَمْ تَسْقِهَا إذْ حَبَسَتْهَا، ولَا هي تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِن خَشَاشِ الأرْضِ"، متسائلًا: أي قوانين راعت حقوق الحيوان مثلما رعاها الإسلام؟ وعلينا أن نقدم قراءة صحيحة لدِينِنَا؛ كي لا نترك مجالًا لهؤلاء أن ينشروا ادعاءاتهم الكاذبة.

 

قراءة (47)/تعليقات (0)

كلمات دالة: