قدّم الدكتور خالد عباس، عميد كلية اللغات والترجمة، مستشار مرصد الأزهر للشأن الأوروبي، رؤيةً شاملة حول تصاعد الإسلاموفوبيا المعاصرة، وذلك خلال المؤتمر الدولي لمكافحة كراهية الإسلام المنعقد تحت شعار: "الإسلاموفوبيا: المفهوم والممارسة في ظل الأوضاع العالمية الحالية"، بتنظيم مشترك من جامعة الدول العربية ومنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو).
وأكد د. خالد عباس، في مستهل الكلمة التي ألقاها نيابة عن الدكتورة رهام عبد الله سلامة، المدير التنفيذي لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، على تقدير المرصد العميق لهذا المؤتمر الذي يُعد منصة مهمة لتسليط الضوء على ظاهرة طالما رصد المرصد تداعياتها، والتي لم تقتصر على المسلمين في الغرب فحسب، بل طالت قضايا إنسانية كبرى مثل القضية الفلسطينية، في ظل تصاعد الانحياز الإعلامي الصارخ لصالح الكيان الصهيوني.
وانتقد د. خالد عباس الخطابَ الإعلامي الغربي الذي رسّخ صورة الإسلام مرادفًا للإرهاب، مؤكدًا أن عبارة: "الله أكبر" أضحت تُثير الذعر وتُرتبط آليًّا بالهجمات، نتيجة الصورة النمطية التي صاغها الإعلام الغربي عن المسلمين وحصرهم في قالب يتسم بالعنف والتشدد، مما "يمنح الغطاء الأخلاقي والسياسي لانتهاكات مروعة ضدهم".
وحذر مستشار مرصدالأزهر للشأن الأوروبي من خطورة الصورة النمطية السلبية المستندة إلى "تأويل مغلوط لبعض النصوص الدينية" تروج له الجماعات المتطرفة، الأمر الذي وفّر ذريعة للعنصريين لبناء سردية كراهية تجاه الإسلام.
كما أشار في كلمة المرصد بالمؤتمر إلى دراسة علمية بالغة الأهمية للباحثَين إريك بليش وموريتس فان دير فين، نُشرت نتائجها في مرصد الأزهر بتاريخ 9 يونيو 2022، والتي رصدت أكثر من 784 ألف مقال صحفي خلال عشرين عامًا في أربع دول غربية، أظهرت مَيْلًا واضحًا نحو تقديم صورة سلبية عن المسلمين، حتى قبل أحداث 11 سبتمبر، مما يكشف عن "أزمة عميقة في النظرة الغربية للمسلمين".
وأكد دكتور خالد عباس أن هناك ربطًا واضحًا بين خطاب الكراهية في الإعلام العالمي والانتهاكات على الأرض، والذي ظهر بوضوح في الانحراف المهني خلال تغطية العدوان على غزة مما "ساهم في تأجيج العداء".
وفي ختام الكلمة، قدم د. خالد عباس أربع توصيات رئيسية دعا فيها إلى ما يلي:
وضع تشريعات دولية رادعة تجرّم التحريض على الإسلام.
تصحيح الصورة النمطية عبر محتوى إعلامي مسؤول.
دعم المراصد البحثية المتخصصة في رصد الإسلاموفوبيا.
مكافحة إساءة استخدام الذكاء_الاصطناعي في نشر خطاب الكراهية.
مششدًا على أن التحدي لا يقف عند حدود التحليل، بل يجب أن يفضي إلى تحرك عملي دولي يُعيد تعريف حرية التعبير ضمن أطر المسؤولية، ويُرسّخ ثقافة الاحترام المتبادل.
وفي ختام كلمته، أشاد د. عباس بالجهود الرائدة التي يبذلها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، لتعزيز الحوار بين الأديان والثقافات، لافتًا إلى أن وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقّعها مع قداسة البابا فرنسيس في 2019 تُمثّل تجسيدًا عمليًّا لهذا التوجّه الإنساني الجامع.