رحلة كفاح مرهقة بدأها الطالب الأذربيجانى إميل رحيموف فى طلب العلم، فبعد أن أنهى دراسته الثانوية فى التسعينيات جاء إلى مصر أملاً منه فى الالتحاق بالأزهر الشريف، لكن أحلامه تحطمت بعد أن وطأت قدماه الأراضى المصرية مفارقاً لأهله ووطنه قاطعاً آلاف الكيلومترات ليكتشف أنه لا يوجد بروتوكول تعاون بين بلاده والأزهر، ما يحول بينه وبين دخول الجامعة، فعليه أن يبدأ فى الدراسة من المرحلة الإعدادية- إن نجح فى اختبارات القبول- فكَر كثيراً فى الالتحاق بجامعة القاهرة، أو العودة إلى بلاده كما عاد زملاؤه الذين جاءوا معه، لكن عز عليه عدم تحقيق هدفه وترك الأزهر الذى حلم بالدراسة فى أروقته، وفى الوقت ذاته رأى أن ضياع سبع سنوات من عمره كثير جدًّا. وبعد تفكير عميق، أصر على تحقيق حلمه باختيار الأزهر، مقرراً كسر الحواجز وتخطى كافة الموانع، فواصل الليل بالنهار لإجادة اللغة العربية واستكمال حفظ القرآن حتى يجتاز اختبارات القبول للمرحلة الإعدادية ويلتحق بالمرحلة الثانوية مباشرة، وكم كانت رحلة شاقة كتب الله له فيها التوفيق، فلم ينجح من دول الكومنولوث سوى طالبين كان هو واحداً منهما، ثم سافر للدراسة بمعهد الإمام عبدالحليم محمود فى الإسكندرية، فاستهوته الطبيعة وجذبه الهواء النقى، فجدّ واجتهد حتى حصل فى الشهادة الثانوية على 493 درجة متفوقاً على أقرانه المصريين، وكانت لديه رغبة ملحة فى الدراسة بكلية اللغة العربية حتى يتمكن من خدمة بلاده بعد استقلالها برغبتها فى الانفتاح على العرب، لكن صلاة الاستخارة قدرت له الدراسة بكلية الشريعة والقانون، وفيها انفتح ذهنه على دراسة المذاهب الفقهية المتنوعة، ورغم صعوبة الدراسة فيها- كونه وافداً- إلا أنه استطاع الحصول على تقدير جيد، وعاد إلى بلاده عازماً النية على استكمال الدراسة للحصول على الماجستير من كلية اللغة العربية وآدابها بجامعة القوقاز فى أذربيجان، الأمر الذى تم بالفعل فى العام 2006 بموضوع «أسرار حروف الجر فى ذكر الرحمن»، ولم يكتف بذلك، فالعلم بالنسبة له من المحبرة حتى المقبرة، فدخل أكاديمية العلوم الوطنية ودرس فيها ثلاث سنوات- توازى مرحلة الدكتوراه فى مصر- ثم أعد أطروحته لنيل درجة الدكتوراه بعنوان «قضايا التقريب بين المذاهب الإسلامية فى الإسلام الحاضر»، وذلك لما لمسه من حاجة ماسة لتوضيح ذلك فى الوقت المعاصر.