داعش بين الانحسار والتمدد .. منطقة الساحل الإفريقي بؤرة جديدة للإرهاب
تحت وطأة الضربات الأمنية المتلاحقة، قرر تنظيم داعش الإرهابي (منذ مدة ليست بالبعيدة) البحث عن المناطق الرخوة حول العالم باعتبارها ملاذات آمنة للتمدد. وكان التنظيم قد تعرض إلى عدد من الانتكاسات آخرها نجاح السلطات التركية في القبض على "جمعة عواد البدري" زعيم التنظيم حيًّا في سابقة هي الأولى من نوعها. وتنطوي هذه العملية على جانب كبير من الأهمية؛ بالنظر إلى تفردها وخطورة (البدري) باعتباره الشقيق الأكبر لـ "أبي بكر البغدادي" وكنز أسرار داعش.
وبحسب معهد الاقتصاد والسلام (IEP) فقد تحولت منطقة "الساحل الإفريقي" إلى مركز جديد للإرهاب العالمي. ووفق تقديرات مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، فقد تعرضت دول حزام الساحل وتضم: (موريتانيا، والسنغال، ومالي، وبوركينا فاسو، والنيجر، ونيجيريا، والكاميرون، وتشاد، والسودان، وإريتريا) لأكثر من (50%) من العمليات الإرهابية حول العالم
ويتركز الإرهاب وفق الخبراء بشكل كبير في مناطق الصراعات والبلدان الأكثر فقرًا. وتساهم أزمات الفقر ونقص الغذاء والمياه والتغيرات المناخية في توفير البيئة الخصبة الحاضنة للتنظيمات الإرهابية وبخاصة داعش. أضف إلى ذلك ضعف الأجهزة الأمنية والعسكرية في منطقة الساحل الأفريقي؛ والتعامل مع عدو غير تقليدي في مساحات شاسعة مترامية الأطراف يصعب التحكم في حدودها.
وتتذرع الكثير من التنظيمات الإرهابية النشطة في هذه المناطق، بحماية الشريعة والعمل على استرداد حقوق الضعفاء والمستضعفين، والانتقام باسم الإسلام من الخونة والعلماء الذين نهبوا ثروات هذه البلدان. وللأسف فقد نجحت هذه التنظيمات في استقطاب بعض الشباب نتيجة ضعف البنية التعليمية في هذه المناطق. وليس أدل على زيف ادعاءاتهم مما يقومون به من قتل وسلب ونهب وعمليات خطف وترويع للآمنين وتفجير للمساجد في وضح النهار. كما كان لعملياتهم الإرهابية تأثير سلبي على حياة أعداد غفيرة من المواطنين هناك.
ويرى مرصد الأزهر لمكافحة التطرف أن هناك حاجة ماسة إلى وضع مناهج مبتكرة في مواجهة التكتيكات المتطورة باستمرار للتنظيمات الإرهابية في تلك المنطقة. وربما قد حان الوقت لتضافر جهود بلدان تلك المنطقة في تكوين قوة مشتركة فاعلة. ولا شك أن هناك محاولات لتحقيق ذلك، لكنها ليست ناجعة بما فيه الكفاية لدحر هذا الوباء. ولعله كان من الأولى مشاركة دول الساحل في المؤتمر الأخير الذي عقد بتعاون بين دولتي إسبانيا والمغرب لتبادل الخبرات والمعلومات في هذا الشأن.
وينبه المرصد إلى خطورة هذه القضية التي تشكل مصدر تهديد لأمن الدول المجاورة؛ حيث إن هشاشة البنية الأمنية في هذه البلدان ربما يسهل على عناصر تنظيم داعش الإرهابي التسلل عبر الحدود إلى الدول المجاورة التي يصعب التحكم في حدودها؛ نظرًا لحدودها الشاسعة ووعورة طرقها. وبناء عليه سيكون من الضروري تعزيز التعاون بين مجموعة هذه الدول والدول الأخرى المجاورة وأيضًا غير المجاورة بهدف تقديم الدعم اللوجيستي والاستخباراتي وإمداد المنطقة بمساعدات عسكرية تتناسب مع حجم التهديد الإرهابي بها لتحقيق المواجهة بأفضل ما يمكن. كما يوصي المرصد أيضًا بإصدار قوانين دولية رادعة لمواجهة جرائم الإرهاب المنظم، وأن تضاف إلى مهام قوات حفظ السلام بإفريقيا مهمة مكافحة الإرهاب في تلك المنطقة.
ويوضح المرصد أن تضافر الجهود لمساعدة تلك الدول على تجاوز كبوتها ودفع عجلة التنمية وزيادة حجم الاستثمارات بها، إضافة إلى العمل على خلق فرص عمل للشباب وتحسين النواحي التعليمية والمعيشية لهم سيسهم بشكل كبير وفاعل في دحر الأفكار المتطرفة المضللة التي غالبًا ما تنشط في ظل الأزمات، وأن نشر الوعي الحقيقي والفهم الصحيح للتحديات الأمنية والفكرية والدينية في تلك المنطقة وغيرها سيحبط أية مخططات إرهابية، وسيجفف منابع أي فكر متطرف هدام، بما يرسخ للاستقرار والسلام العالمي وبما يعود بالنفع على البشرية بأسرها.
وحدة رصد اللغة الإسبانية
2595