تنظيم داعش يستغل الحرب بين الكيان الصهيوني وإيران لنشر الفوضى وتعميقها في المنطقة
رصد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف مقالًا لتنظيم داعش الإرهابي يستغل فيها أحداث الحرب بين الكيان الصهيوني وإيران لتوظيفها في خدمة التنظيم وأفكاره المتطرفة، وإعادة الظهور على الساحة وتصوير أفكاره ورؤيته للأحداث على أنها الرؤية الصحيحة التي تتوافق مع الشرع، وخلال مجلة النبأ التابعة للتنظيم في عددها رقم 500 جاء المقال الافتتاحي بعنوان: "دولة فارس ودولة اليهود" يتناول فيه الأحداث الراهنة من وجهة نظر التنظيم، ويمكن تلخيص ذلك في النقاط الآتية:
أولًا: يرى التنظيم أن مناصرة إيران ناجم عن حرمان الناس من الهداية وجهلهم بالتوحيد:
كعادة تنظيم داعش الإرهابي، فإنه لا يتوقف عن تكفير الناس، ورميهم بالانحراف عن الهداية والوقوع في الضلال، خصوصًا في ظل الأصوات العربية التي تدين الهجوم الصهيوني على إيران، وهذا بالطبع لا يروق للتنظيم، ويراه غير متوافق مع الشريعة، وبغض النظر عن الموقف المتطرف الذي يعمل على تفتيت الأمة ورميها بالكفر والضلال في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى الوحدة والوقوف صفًّا واحدًا للحفاظ على المنطقة، وتجنيبها حالة من الصراع الخطير الذي قد يجعلها ساحة لحرب عالمية تقضي على الأخضر واليابس، نجد ضيق الأفق وقصر النظر الذي ينم عن جهل التنظيم، والذي يجعله يتهم إخواننا من المسلمين في إيران الآن بالكفر. والإسلام برئ من كل من يكفر الناس أو يضللهم أو يعمل على إحداث الفرقة وتعميق الخلاف بينهم؛ فالقول الفصل الذي لا يختلف عليه اثنان هو أن الإسلام أمرنا بالوحدة، وحثنا على الاتحاد والوقوف صفًّا واحدًا في مواجهة المعتدي الذي يسعى لتوسيع دائرة الصراع واحتلال المزيد من الأراضي العربية والإسلامية.
ثانيًا: الزعم بأن هذه الحرب على إيران ثأر وانتقام الله -تعالى- من الشيعة الذين حاربوهم في العراق وسوريا:
وهذا ديدن التنظيم في كل الأحداث وحتى الظواهر الطبيعية وما يترتب عليها من كوارث، حيث يزعم أن هذا انتقام من الله لهم، وتدخل من القدرة الإلهية للثأر لقتلاهم الذي لقوا حتفهم في هذا الطريق المظلم، والمتأمل في هذه الادعاءات يجد أن فيها تعديًا صارخًا على الحكمة الإلهية والقهر والتدبير الرباني، حيث ينسبون بعض الأشياء إلى الله تعالى بغير علم ولا كتاب مبين، ولكن الحقيقة الواضحة وضوح الشمس في جنح النهار تقول إن الثأرية السياسية والخصومة العسكرية التي كانت بين تنظيم داعش وبين التحالفات الشيعية في العراق وسوريا والتي أدت في النهاية إلى انتصار عسكري كبير على تنظيم داعش الإرهابي، هي المحرك الرئيس والحالة التي يظهرها التنظيم في هذه الأحداث؛ ليعبر عن شماتته في قتل قادة إيران وما يتعرض له الشعب الإيراني من انتهاكات وقصف أودي بحياة أكثر من 600 شخص حتى الآن -حسبما أعلنته منظمات حقوقية مختلفة-.
أما عرف التنظيم أن المسلمات الدينية تقتضي أنه لا يمكن لمسلم أن يشمت في قتل أي إنسان حتى وإن كان مخالفًا له؟ ولنا في رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة، كان يقوم حين يرى جنازة ويقول: "أليست نفسًا"، ومن المبادئ الإسلامية عدم التقول على الله بغير كما قال سبحانه: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}، لكن تنظيم داعش يقول على الله ما لا يعلم، ويزعم أن الله دبر ذلك نصرة لتنظيمهم وثأرًا له!!
ثالثًا: تنظيم داعش يدعو إلى استغلال الفوضى الناجمة عن الحرب الصهيونية على إيران في إثارة الفوضى والقيام بعمليات إرهابية
لم يكتف التنظيم الإرهابي بالتنظير الديني المتطرف والبعيد عن ثوابت القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وإنما وظف ذلك في الدعوة إلى تعميق حالة الفوضى في المنطقة واستغلال تلك الأحداث في العمل على استقطاب عناصر جديدة للتنظيم، وهنا ننقل كلامهم نصًّا لنعلم مدى الحقد والنية الخبيثة التي يحملها هؤلاء ضد أوطاننا، فها هو تنظيم داعش الإرهابي يوجه رسالته العنيفة والمتطرفة للناس، فيقول: "في الشأن الميداني العملياتي، يجب المسارعة إلى استغلال الفوضى الناجمة عن هذه الحروب، في مضاعفة الجهاد على كل الصُّعد، في الإمداد والإسناد والإعداد والاستقطاب والتجنيد والتسليح، والحذر من تفويت الفرصة".
لا شك أن هذه الكلمات المتطرفة توجه رسالة قوية للمجتمع الدولي والأطراف الفاعلة في هذا الصراع الذي ليس وليد الأيام أو الشهور الماضية، بضرورة الوصول إلى تهدئة شاملة في المنطقة قائمة على قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، وبما يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، ويحاسب مجرمي الحرب الذين استحلوا دماء الأطفال والأبرياء، والتوقف عن الازدواجية الفجة التي يقف العقل والمنطق أمامها متعجبًا ومستنكرًا!!
ختامًا: يحذر مرصد الأزهر لمكافحة التطرف من مغبة هذه الأحداث على الأمن والسلم الدولي والإقليمي، وفي الوقت ذاته يطلق صيحات تحذيرية جراء استجابة عناصر داعش لهذه الدعوات الفوضوية التي تهدف إلى إيجاد حالة من عدم الاستقرار في المنطقة، وتهديد الدول ومقدراتها، ويعيد إلى الأذهان هذه الصور الدموية التي استغلتها التنظيمات المتطرفة إبان الحرب الأمريكية على العراق في عام 2003م، والتي كانت سببًا رئيسًا لظهور تنظيم داعش الإرهابي، وإحداث حالة من الاقتتال الداخلي، والفتن الطائفية التي لا نزال نحيا في تبعاتها إلى اليوم.
وحدة رصد اللغة العربية
137