Al-Azhar Portal - بوابة الأزهر - بالردع الوقائي.. الصومال تحاصر الإرهاب
الجمعة 04 07 2025 21 50 20 | 04 يوليو 2025 م

بالردع الوقائي.. الصومال تحاصر الإرهاب
Sameh Eledwy

بالردع الوقائي.. الصومال تحاصر الإرهاب

 

     في واحدة من أكثر البيئات الأمنية هشاشةً في إفريقيا، تخوض الصومال معركة وجودية ضد الإرهاب، خصوصًا ضد حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة. وبعد سنوات من الكرِّ والفرِّ، يبدو أن الصومال بدأ ينتقل من الدفاع إلى الهجوم، عبر توظيف أدوات عسكرية معاصرة تسعى إلى تحقيق نتائج مستدامة تتجاوز ردود الأفعال التقليدية.

في العملية العسكرية الأخيرة التي نفذتها وحدة "داناب" الخاصة يوم السبت الموافق 28/6/2025م في قرية "مقوقها" الواقعة غرب بلدة "بولو حاجي" في إقليم "جوبا السفلى"، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 37 عنصرًا من حركة الشباب، بينهم قيادات بارزة، تظهر بوضوح ملامح تلاقٍ تكتيكي بين اثنتيْن من أبرز إستراتيجيات مكافحة الإرهاب: "الردع الوقائي"، و"قطف الرؤوس"، في إطار حملة وطنية متصاعدة ضد الإرهاب.

الردع الوقائي: اضرب قبل أن تُضرب

كانت الاستخبارات الدقيقة وتحديد الهدف من أهم ما تميزت به العملية العسكرية الأخيرة في "جوبا السفلى"؛ حيث حددت نقطة تجمع لعناصر من حركة الشباب الإرهابية في قرية "مقوقها" الواقعة غرب بلدة "بولو حاجي"، فلم تنتظر الحكومة وقوع الكارثة، بل بادرت إلى إجهاضها في المهد، فكان التحرك السريع من وحدة "داناب" الخاصة المدربة تدريبًا عاليًا بالتعاون مع الحلفاء الدوليين، لمهاجمة تجمعات المقاتلين وشل قدراتهم، ما يعكس الجاهزية المثلى والتحرك الوقائي في الوقت المناسب وهو جوهر الردع الوقائي.

قطف الرؤوس: إرباك التنظيم من قمته

إن استهداف القيادات المركزية داخل حركة الشباب الإرهابية فيما يُعرف بإستراتيجية "قطف الرؤوس" لا يقل أهمية عن إستراتيجية "الردع الوقائي"، لأنها تقوم على تصفية العناصر القيادية التي تدير التنظيم وتنسق عملياته، ما يعني إرباك التنظيم، وفقدان السيطرة الميدانية، وتشتت الصف الداخلي وتعميق الخلافات الداخلية حول من يتولى القيادة، وفشل عمليات التخطيط، وتراجع المعنويات، فضلًا عن التأثير النفسي الكبير على بقية الأعضاء والمتعاطفين.

وقد أثبتت هذه الإستراتيجية فعاليتها في العديد من السياقات، خاصة عندما تُطبق ضمن حملة منسقة تتبعها عمليات تعقب واستنزاف؛ فقد ثبت في تجارب سابقة أن مقتل قيادات بارزة في حركة الشباب أدى إلى صراعات داخلية، وانقسامات بين تنظيمي: "القاعدة" و"داعش".

بين الوقاية والتفكيك: معادلة الصومال في الحرب على الإرهاب

إن الجمع بين الردع الوقائي وقطع الرؤوس لا يمثل دمجًا بين تكتيكين منفصلين، بل يكوِّن إطارًا إستراتيجيًّا مركبًا يهدف إلى تفكيك قدرة العدو على البقاء والاستمرار، وليس فقط ردعه في اللحظة الراهنة.

من خلال العملية العسكرية التي نفذتها وحدة "داناب" ضد حركة الشباب الإرهابية، اعتمدت الصومال على المعادلة الأمنية التي تجمع بين الوقاية الاستباقية والتفكيك الهيكلي للتنظيم فمن خلال إستراتيجية "الردع الوقائي" هاجمت أوكار الإرهاب قبل أن تتحول إلى منصات إطلاق للدمار، مستفيدة من معلومات استخبارية دقيقة، وتعاون دولي فاعل، وقوات خاصة مدرَّبة مثل "داناب"، مما أضعف قدرة الحركة على التخطيط والمباغتة. في الوقت ذاته، طبقت الصومال إستراتيجية قطع الرؤوس لشل التنظيم من الأعلى، وذلك باستهداف القيادات المحورية التي تشكل العقل المدبر والروح التنظيمية لحركة الشباب؛ وذلك لإرباك منظومة قيادة الحركة، وخلق فراغات قيادية تؤدي إلى تشتت الصفوف.

لذا يرى مرصد الأزهر لمكافحة التطرف أن هذه العملية تعد مثالًا حيًّا على الفعالية التكتيكية في استخدام إستراتيجيات متكاملة لمكافحة الإرهاب، فبينما وفرت إستراتيجية "الردع الوقائي" التوقيت المثالي والمعلومات الدقيقة، جاءت "إستراتيجية قطع الرؤوس" لتكمل الفعل عبر استهداف نقاط القيادة داخل التنظيم، وهو ما تحتاجه الصومال وغيرها من الدول المتضررة من الإرهاب لإعادة هيكلة أمنها القومي وتحقيق الاستقرار.

     وحدة الرصد باللغات الإفريقية

الموضوع السابق من مدريد إلى غزة.. صحوة ضمير تُوقظ العدالة على أنقاض الصمت
طباعة
23

حقوق الملكية 2025 الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg