01 ديسمبر, 2016

الإمام الأكبر يعرب عن سعادته بمبادرة "حماية التراث الثقافي" ويؤكد: تهدف لإصلاح ما أفسده الإرهاب

ـ جميع الأديان اتفقت على تكامل الحضارات على تنوعها واختلافها  دون تربص أو عداء وتصادم


ـ الاعتداء الآثم على التراث الإنساني جريمة أخلاقية وحضارية لا تقرها الأديان ولا الأعراف ولا الذوق الإنساني العام


ـ مآذن الأزهر ترتفع منذ أكثر من ألف عام  تحيط بها معالم الآثار الفرعونية والقبطية والإسلامية


ـ لم يسجل التاريخ أن عالما واحدا مس هذه الأثار بسوء أو أفتى بتدميرها


ـ نشأت وتربيت في قرية بها آثار فرعونية شهيرة بمعابدها وتماثيلها


ـ هذه المبادرة تأتي من بلدين كريمين لا يمكن لمنصف أن ينكر جهودهما في الاهتمام بالتراث الإنساني والحفاظ عليه


ـ آمل أن يكلل هذا المؤتمر بنجاح وأن نتعاون جميعا على مواجهة هذه السلوكيات البربرية التي تهدد الأمن البشري والتراث الثقافي للحضارة الإنسانية .

 

 


بعث فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب ، شيخ الأزهر الشريف ، برسال دعم إلى مؤتمر "حماية التراث الثقافي المعرّض للخطر" والذي ينعقد في العاصمة الإماراتية أبوظبي في الفترة من 2 : 3 ديسمبر الجاري تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة اليونسكو .


وقال فضيلته ، في هذه الرسالة ، لقد سعدت أيما سعادة بتلك المبادرة الكريمة التي تجسد المعنى الحضاري والقيمة الإنسانية للقاء يجمع بين الشرق والغرب من خلال هذا المؤتمر الذي يهدف إلى إصلاح ما أفسدته بربرية الإرهاب ، وما أحدثه المتطرفون من دمار استهدف القضاء على الهوية الحضارية ، وطمس معالم ثقافية ، وتراث إنساني هو ملك للأجيال المتعاقبة ، وحق للجميع لا يملك أحد المساس به .


وأضاف فضيلته: لقد جاءت الأديان السماوية لتعزز مكارم الأخلاق وتأخذ بيد الإنسانية نحو معارج الرقي والتحضر ، وقد نشأت في ظلال هذه الأديان حضارات إنسانية متنوعة ، تحمل في مفرداتها ورموزها شهادة لماض عريق ، وتقديرا لصناع التاريخ عبر العصور المختلفة ، موضحا أن كل الأديان اتفقت على ضرورة تكامل تلك الحضارات ، باختلافاتها الدينية والعرقية واللغوية ، في حلقات من التواصل المبدع دون تربص أو عداء وتصادم ، حتى ينهل من بعضها البعض وتكتشف من القواسم المشتركة بينها دعائم لتحقيق السلام الإنساني والثراء المعرفي .


وشدد الإمام الأكبر على أن ما يحدث الآن على يد عصابات الشر من الاعتداء الآثم على التراث الإنساني الخالد على وجه الزمان ، جريمة أخلاقية وحضارية لا تقرها الأديان ولا الأعراف ولا الذوق الإنساني العام ، وإنما الذي أقرته الأديان هو النظر لهذه الأثار على أنها مواطن للذكرى والاعتبار بالأمم السابقة .


وأوضح فضيلته أن الأزهر وشريعته ، وقد ارتفعت مآذنه وحفلت أروقته بتدريس علوم الإسلام منذ أكثر من ألف عام ، تحيط به معالم الآثار الفرعونية والقبطية والإسلامية ، ولم يسجل التاريخ أن عالما واحدا مس هذه الأثار بسوء أو أفتى بتدميرها ، بل ، على العكس من ذلك ، سجل التاريخ أن صحابة رسول الله الذين جاءوا إلى مصر ، وعلى رأسهم القائد المعروف عمرو بن العاص ، لم يتعرضوا لهذه الأثار بشيء من الأذى لا من قريب ولا من بعيد ، ولم تصدر عنهم فتوى واحدة تبعث على كراهية هذه الأثار ، فضلا عن هدمها .


وأردف فضيلته ، قائلا : إنني شخصيا ولدت ونشأت في قرية "القرنة" غرب الأقصر ، وسط الآثار الفرعونية الشهيرة بمعابدها وتماثيلها ، وكان تعليمي في معاهد الأزهر الدينية ، ودرست على أيدي شيوخ أزهرين أجلاء ، ولم نشعر ، نحن الطلاب ، من كلامهم ـو سلوكهم بشيء يدعو إلى الإضرار بهذه الأثار ، وكثير منهم كان يحرص على زيارة الآثار الفرعونية ويبدي إعجابه بها وتقديره لها .


وأعرب الإمام الأكبر عن تقديره الكبير لهذه المبادرات الإنسانية والحضارية لعقد مؤتمر دولي من أجل وضع أسس لحشد دولي لصالح حماية هذا التراث ، تلك المبادرة التي تأتي من بلدين كريمين لا يمكن لمنصف أن ينكر جهودهما في الاهتمام بالتراث الإنساني والحفاظ عليه ، ففرنسا بلد الأدب والثقافة والفكر الحر والفن ، ودولة الإمارات العربية المتحدة بلد العروبة والأصالة لا تألوا جهدا في تعزيز الجهود من أجل الإرتقاء بالإنسان والحفاظ على هويته الثقافية والحضارية .


وأكد فضيلته دعم الأزهر الشريف لهذا المؤتمر ، موضحا أن الأزهر بدعمه هذا إنما يؤكد على أن الأثار التاريخية هي إرث إنساني يجب الحفاظ عليه وعدم الإضرار به ، وأن ما تقوم به بعض التنظيمات الإرهابية من تدمير للتراث الحضاري وطمس لتاريخ شعوب بأكملها أمر يرفضه الإسلام جملة وتفصيلا ويعتبره جريمة كبرى في حق العالم بأسره .


وأشار فضيلته إلى أنه إذا كان هؤلاء الإرهابيون يقومون بهذا التدمير وهذا الهدم الموروث الثقافي والحضاري باسم الدين ، فإنني أؤكد ـ وأنا الذي قضيت عمري في الأزهر الشريف أدرس العلوم الإسلامية وأدرسها ، أن الإسلام لا يدعو إلى شيء من هذا ولا يحض عليه ، بل إنه على النقيض من ذلك يدعو الناس جميعا إلى السير في الأرض لينظروا إلى آثار السابقين نظرة التأمل والاعتبار ، ولا شك أن التجارب الماضية للإنسانية تساهم مساهمة عظيمة في إثراء خبرات البشر وتصحيح مسارهم وتحقيق مصالحهم .


وفي ختام رسالته ، تقدم فضيلة الإمام الأكبر بالشكر للقائمين على هذه الجهود الطيبة ، معربا عن تمنياته في أن يكلل هذا المؤتمر بنجاح وأن نتعاون جميعا على مواجهة ووقف هذه السلوكيات البربرية التي تهدد الأمن البشري والتراث الثقافي للحضارة الإنسانية .

ما قبل العنوانفي رسالة دعم لمؤتمر الإمارات وفرنسا بأبوظبي لحماية التراث الثقافي المعرّض للخطر..

كلمات دالة: الإمام الأكبر