13 يونيو, 2017

الإمام الأكبر في حديثه اليومي على الفضائية المصرية: الشريعة الإسلامية تراعي في أحكامها البعد الأخلاقي حتى لا يضيع حق أحد

قال فضيلة الإمام الأكبر: إن المعتدة من طلاق رجعيٍّ تحرم خطبتها في عدتها تصريحًا وتلميحًا؛ لأن الزواج مازال قائمًا، والزوجة في فترة العدة باقية في عصمة زوجها الذي يحق له أن يراجعها في أي وقت، ويُخشى من الخطبة تصريحًا أو تعريضًا لو أبيحت في العدة أن تُعجب الزوجة بالخاطب، وبالتالي تُصادر على زوجها حقًّا من حقوقه الشرعية وهو مراجعتها، بل من الممكن أن يحملها ذلك على الكذب في عدتها فتقول: أنا عدتي انتهت، وهي تُصَدّق في انتهاء العدة؛ لأنها هي المرجع في هذه المسألة، والخطر هنا هو عدم التيقن من استبراء الرحم؛ ومن أجل ذلك لا تجوز خطبة المعتدة لا تصريحًا ولا تلميحًا؛ لأنها ربما تريد التخلص من زوجها أو ترغب في الخاطب، والإسلام لا يقيم الأسر على مثل هذه الرغبات أو الشهوات الطائشة، ويهدم البيت ويُشَرِّد الأطفال.

 وأضاف فضيلته في حديثه اليومي، الذي يذاع قبل المغرب على الفضائية المصرية، طَوال شهر رمضان المعظم: وأما المُتوفّى عنها زوجُها فتحرم خطبتها تصريحًا مراعاةً للميت وأهله، وتجوز خطبتها تلميحًا وتعريضًا مراعاةً لحق الزوجة في أن تقترن بزوجٍ آخَرَ بعد خروجها من عدتها، وكذلك لا شيء فيما لو نوى أو أَسَرّ في نفسه أنه بعد انتهاء عدتها سوف يتقدم لخطبتها، وهذا يدل على أن الشريعة الإسلامية في منتهى الدقة حيث تُراعي البُعْدَ الأخلاقي في كل حكمٍ من أحكامها؛ حتى لا يضيعَ حقُّ أحدٍ، قال تعالى في سورة البقرة: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ...)، ثم أَتْبَعَها بقوله تعالى: (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ -  أضمرتم في أنفسكم فلم تنطقوا به تعريضًا ولا تصريحًا- عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَٰكِن لَّا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَن تَقُولُوا قَوْلًا مَّعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ)، فالآية الثانية راجعة إلى خطبة النساء المذكورات في الآية الأولى، التي تحدثت عن نوعٍ معين من النساء، وهو المرأة المعتدة من وفاة.

وأوضح فضيلة الإمام الأكبر؛ أنه لا يجوز التصريح بخطبة المرأة المطلقة طلاقًا بائنًا أثناء عدتها باتفاق الفقهاء، أما خطبتها بطريق التعريض فمحلُّ خلافٍ بين الفقهاء, فجمهور الفقهاء على أن المرأة المعتدة من طلاقٍ بائن تجوز خطبتها بطريق التعريض؛ لعموم قوله تعالى: (وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ)، لكن الأحناف يرَوْنَ أن المعتدة من طلاقٍ بائن لا تجوز خطبتها بطريق التعريض؛ لأن الآية المبيحة للتعريض بالخِطبة إنما وردت في المُعتدة من وفاةٍ، فلا يجوز تعديته إلى غيرها من المعتدات.