فبونابرت (1769 ـ 1821م) هو أول من دعا إلى توظيف هذه الأساطير الدينية في خدمة مشروعه الاستعماري، وسايكس "السياسي الاستعماري الإنجليزي" الذي عَقَد مع بيكو الفرنسي معاهدة (سايكس – بيكو) سنة ١٩١٦م؛ لتمزيق الدولة العثمانية، وتوزيع أجزائها العربية بين القُوى الاستعمارية، قد أقاموا له تمثالًا في قريته سلدمير بمقاطعة يورك شاير، مكتوبًا عليه: "ابتهجي يا قدس"، فالقدس هي هدف الاستعمار الغربي العَلماني، كما هي هدف اللاهوت النصراني الغربي.
وعندما دخل الجنرال الإنجليزي" اللنبي" القدس سنة ١٩١٧م، تَقَمّص صورةَ بابواتِ الحروب الصليبية، فقال: "اليوم انتهت الحروب الصليبية"! ويومها نشرت مجلة (بنش) الإنجليزية رسمًا يُمثِّل "ريتشارد قلب الأسد" ـ الملك الصليبي ـ وهو يقول: "الآن تحقق حلمي"!.
أما الجنرال الفرنسي (جورو) الذي يرفع راية العَلمانية الفرنسية المتطرفة، فهو الذي يذهب عند دخوله دمشق سنة 1920م إلى قبر صلاح الدين الأيوبي؛ ليَرْكُلَه بقدمه، ويقول: "ها نحن قد عدنا يا صلاح الدين"! فالبُعْد العَلماني الغربي يُحالِف ويعانق ويساند ويوظِّف البُعْد اللاهوتي الغربي، في الصراع على القدس وفلسطين.