23 مايو, 2018

الإمام الأكبر خلال برنامج "الإمام الطيب": إقصاء المذهب الأشعري عن الحياة الدينية والثقافية أدّى إلى الجمود الفكري

منهج القرآن يعتمد أسلوب الإقناع الذي يلفت نظر الإنسان إلى ما حوله في الكون

قال فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف: إن الفلاسفة والمتكلمين كل منهم له طريق يختلف عن الآخر في الاستدلال على وجود الله، لكن فى النهاية يجتمع الاثنان على إثبات وجود الله تعالى، مشيرًا إلى أن طرق الفلاسفة والمتكلمين نشأت في مواجهة الفلسفات والثقافات التي كانت تتحدّى الإسلام في ذلك الوقت.

وأضاف فضيلته خلال برنامج "الإمام الطيب": أن مذهب الإمام الأشعري يُعَدّ إحدى المدارس الكلامية التي أجمعت عليها الأمة، وجعلته مذهبَها في الاعتقاد، رغم ما يتعرض له الآن من تشويه، مؤكّدًا أن هذا المذهب حين أُقصيَ من أذهان المثقفين والمفكّرين والطلاب والجامعات؛ وقعنا فيما وقعنا فيه الآنَ من جمودٍ فكري؛ لأن هذا المذهب هو الوحيد الذي يجعل السلام محورًا لتوجيهات الإسلام، سواء في العقيدة أو الشريعة أو الأخلاق.

وأوضح فضيلة الإمام الأكبر؛ أن علماء الكلام والفلاسفة المسلمين ردّوا على المشكّكين في وجود الله سبحانه وتعالى بأدلة تعتمد على قانون السببية العربي القديم، الذي نَصَّ على أن البَعْرَةَ تدلّ على البعير والقدم تدلّ على المسير، مبيّنًا أن المتكلمين استدلوا على أن هذا العالَم الذي هو جميع الموجودات -من جمادٍ، ونبات، وحيوان، وإنسان- قد وُجد بعد عدم؛ والوجود بعد العدم هو معنى «الحدوث»؛ ثم بعد ذلك استدلوا بأن كل حادث لا بد له من مُحْدِث، وهذه قضيةٌ سببيّةٌ فِطْرية، وهنا نكون وجهًا لوجهٍ أمام النتيجة في الدليل؛ وهي أنّ العالَم حادث، وكل حادث لا بد له من مُحْدِث، وهذا المُحْدِث هو الله تعالى.

وبيّن فضيلته؛ أن الفلاسفة تُطلِق على كل موجودٍ تقبل ماهيّته الوجودَ والعدم بالدرجة نفسِها، اسمَ: «الموجود الممكن»، وتُسمّي قَبولَ الوجود والعدم: «الإمكان»، أمّا «الموجود الواجب» بذاته: فهو الموجود الذي لا يتصوّر العقل قَبوله للعدم أبدًا، وهو الله تعالى، ووجودُه من ذاته لا من عِلّةٍ أخرى أعطته هذا الوجود، مشيرًا إلى أن إثبات وجود الله سبحانه وتعالى بعيدًا عن هذه الأدلة المُعَقَّدة والاستدلالات السابقة، التي طوّل بها كلٌّ من أصحاب الفطرة والمتكلمين والفلاسفة غيرُ متاحٍ للجميع، إلّا في منهج القرآن الكريم.

واختتم فضيلة الإمام الأكبر حديثه؛ بأن منهج القرآن الكريم يعتمد أسلوب الإقناع الذي يلفت نظر الإنسان إلى ما حوله في الكون، ويثير في المُشاهِد بَدَهِيّة السببية وبَدَهِيّة عدم اجتماع النقيضين، مشيرًا إلى أن مثل هذه الأمور لفَت القرآن الكريم النظر إليها، ثم وجّهنا أن نسأل: مَن خلَق هذا؟ وهنا يتنبّه العقل إلى أن هنالك خالقًا ومُدَبِّرًا لهذا الكون؛ وهو الله سبحانه وتعالى.